فضيحة المنح الفنزويلية وعذر اقبح من ذنب

فضيحة المنح الفنزويلية وعذر اقبح من ذنب
كتب غازي مرتجى

*
لا يستطيع متفذلك إنكار الدعم الفنزويلي السياسي للقضية الفلسطينية ظالمةً أو مظلومة .. ولا يُمكن البدء بتعداد الدول الصديقة للشعب الفلسطيني قبل التأكيد على الدور الفنزويلي حتى في بعض الأحيان قبل دول عربية كثيرة .

أزمة طلبة الطب في فنزويلا والتي راجت مؤخراً تكشف حجم "العور والخلل" المتراكم في مؤسساتنا الفلسطينية وكيف أدّى ذلك ولو بشكل جزئي على التأثير على العلاقات الفلسطينية الفنزويلية من باب "التخبيص الديبلوماسي" .

وزير الخارجية الفلسطيني قدّم عذراً يُمكن وصفه بأقبح من الذنب نفسه عندما وصف بعض الطلبة هناك بأنهم عُمّال وآخرين موظفين وبعضهم حاصل على توجيهي أدبي أي ان عدد لا بأس به من الطلبة المبتعثين من فلسطين لدراسة الطب لا يصلحون لدراسته بل وزارد الطين بلّة ما نشرته بعض الصحف الفنزويلية عن طريقة التعامل الفلسطيني من قبل الطلبة مع قاعات التدريس والرموز اليسارية الفنزويلية وصديق الشعب الفلسطيني تشافيز .

معالي وزير الخارجية .. انت تقول ان سفارتنا هناك اكتشفت خلل "الطلبة -اللاطلبة" والذين تم تعبئتهم في الطائرة لإكمال العدد خوفاً من الفضيحة .. كما يُفهم من سياق تبريركم .. وعلى افتراض التغاضي عن كيفية اتمام اجراءات التفييز واستكمال الاوراق الخاصة بهؤلاء "اللاطلبة" رغم تواجد سفيرتنا في فنزويلا لمدة اسبوع على الاقل في عمّان لمتابعة الأمر وكذلك متابعة مدير عام البعثات الخارجية ومدير عام المنح في وزارة الخارجية الفلسطينية لأمور المنحة .. وكما أسلفت سأتغاضي عن ذلك , لكن هل بعد ان كشفت الصحف الفنزويلية ووكالة الاسوشييتد برس الفضيحة اكتشفتم أمر هؤلاء الطلبة ؟ ألا يكفي ما يقارب عام كامل لطردهم من فنزويلا حتى لو اضطررتم لاستدانة ثمن تذاكر طيران لاعادتهم الى حيث جاؤوا ..؟

 شملت المنحة ما يقارب ألف طالب لم يُستكمل عُشرهم , وفي تقرير الاسوشييتد برس يتحدث بعض الطلبة عن التخصص نفسه وبأن الخريج لن يكون "طبيباً" بقدر ما سيكون مرشد صحّي .. فهل راجعتم الأمر أم كما جرت العادة ؟

لا مجال لـ"التبرير" ولا حاجة له .. الضرورة تكمن في تشكيل لجنة تحقيق وطنية يُعلن الرئيس ابو مازن عن تشكيلها من خبراء وسياسيين من كافة الفصائل الفلسطينية للوقوف على الاسباب الحقيقية التي تقف خلف تلك "الفضيحة" والتحقيق مع كافة الطلبة ومراجعة ملفاتهم من حيث الملاءمة على دراسة الطب من عدمه ومحاسبة كل مسؤول تسبب في تلك المهزلة .

تفتح هذه "الفضيحة" باباً واسعاً للتأكيد على جهوية توزيع المنح الخاصة بالطلبة -المتفوقين- وكذلك البعثات الخارجية الخاصة بالدراسات العليا , لنكتشف انّ المحاباة والقرب من المسؤول هما الشرطين الأولين لقبول الطالب في أي منحة .

إنّ ملف "المنح الطلابية" يحمل في طياته الكثير من الانتكاسات ويؤكد انّ هذا الملف بحاجة الى لجنة وطنية متخصصة تضم كافة الشرائح المُهتمة ويجب ان لا يقتصر على مجموعة من أصحاب المصالح والذي يُفتح من خلاله الباب واسعاً لبيع تلك المنح والمتاجرة بها لتذهب لمن لا يستحق لانها بيد من لا يملك من الخبرة والنزاهة والشفافية شيء .!

اقترح تنظيم زيارة قيادية على مستوى رفيع من التنظيمات الفلسطينية والأطر الشعبية والرسمية لـ"فنزويلا" اعتذاراً عما بدر من بعض الطلبة , مع ضرورة الانتهاء من التحقيقات بشكل سريع ومحاسبة المسؤولين على ان تُعلن تلك التحقيقات على العلن وأن لا تبقى حبيسة أدراج اللجان التي تُشكّل في كل أزمة لوأد اي اعتراضات فقط .

**

طالما فُتح الملف الفنزويلي , فلتقم ذات اللجنة التي يجب تشكيلها للتحقيق في "فضيحة الطلبة" بالتحقيق في فضيحة البترول والذي تقول العصفورة ان اتفاقاً جرى بين مسؤولين فلسطينيين ونظرائهم في فنزويلا لبيع "المنحة الفنزويلية من البترول" في السوق السوداء .. غير مُتاكد من ذلك لكنها معلومة وجب فتح تحقيق فيها ..