الإسلام هو أوروبا.. وأوروبا هي الإسلام

الإسلام هو أوروبا.. وأوروبا هي الإسلام
الدكتور/ جمال عبد الناصر محمد أبو نحل
 
هذا ما قالته الممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، إن "للإسلام مكانه الطبيعي في المجتمع الأوروبي والدليل على ذلك تأثيره الواضح على أسلوب حياتنا"، معتبرة أن "الإسلام هو أوروبا وأوروبا هي الإسلام"؛ وفي  هذا الوقت نؤيد كلامها لما أصاب بلاد المسلمين والعرب من بلاء وويلات ونكبات؛ وحينما زار أحد كبار عُلماء المسلمين أوروبا قبل ربع قرن تقريبًا قال:" لقد وجدت الإسلام ولم أجد المُسلمين؛ وحينما سافر العالم لأكبر الدول العربية والإسلامية وحلّ فيها ضيفًا قال:" لقد وجدتُ المُسلمين ولم أجدّ الإسلام".

وإن المتأمل والمتفحص بأحوال البلاد العربية والإسلامية اليوم يجد أننا قد أصبحنا مسلمين فقط بالهوية أو ببطاقة التعريف الشخصية، وكثير من أفعال العرب والمسلمين تختلف عن أقوالهم؛ وتجدّ العجب العُجاب عند المسلمين فكل ما يدعو له دين الاسلام من العدل والوسطية والسماحة والاخلاص والرحمة والرفق والنظافة وحقوق الإنسان وحتي حقوق الحيوان؛ قد افتقدناهُ ولم يبقي لنا من الإسلام سوي اسمهُ ومن المصحف سوي رسمهُ؛ نقرأ حروفهُ ولا نُقيم حُدوده، ولا نأتمر بأوامرهِ ولا ننتهي بنواهيهِ، ولم نأخذ من الإسلام سوي العبادات إلا من رحم ربي، أما المعاملات فلا؛ مع أننا كُلنا نعرف بأن:(الدين المعاملة) وللأسف فقد غابت عنا المعاملة الطيبة الصالحة وذهبت أدراج الرياح. ولقد أخبر الحبيب النبي محمد صلى الله عليه بغربة الإسلام بين أهلهِ؛ فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: (بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ، فطوبى للغرباء) فالإسلام بدأ غريباً في مكة بين أهله قريش ولم يؤمن به إلا القليل، وأكثر الخلق كانوا كُفار وعادوه وعاندوا النبي صلى الله عليه وسلم-، وآذوه -عليه الصلاة والسلام-، وآذوا أصحابه الذين أسلموا، ثم انتقل المدينة مهاجراً وانتقل معه من قدم من أصحابه، وكان غريباً أيضاً حتى كثر أهله في المدينة وفي بقية الأمصار، ثم دخل الناس في دين الله أفواجاً بعد أن فتح الله على نبينا مكة -عليه الصلاة والسلام-. فأوله كان غريباً بين الناس، وأكثر الخلق على كفر بالله، والشرك بالله، وعبادة الأصنام والأنبياء والصالحين والأشجار والأحجار ونحو ذلك، ثم هدى الله من هدى على يد رسوله محمد -صلى الله عليه وسلم- وعلى يد أصحابه، فدخلوا في دين الله، وأخلصوا العبادة لله، وتركوا عبادة الأصنام والأوثان والأنبياء والصالحين، وأخلصوا لله العبادة، فصاروا لا يعبدون إلا الله وحده، لا يُصلى إلا له، ولا يسجدون إلا له، ولا يتوجهون بالدعاء والاستغاثة وطلب الشفاء إلا  من الله - سبحانه وتعالى.

 ولقد جاء قول موغيريني: "الإسلام هو أوروبا.. وأوروبا هي الإسلام" في مؤتمر «الإسلام وأوروبا» يؤكد روافد الهوية الأوروبية وأبرز ملامح المستقبل ويأتي تصريح المسؤولة الأوروبية عن الإسلام في أوروبا؛  في وقتٍ  انتشر فيه القتل  والدمار والخراب والغلو في البلاد العربية والإسلامية لأُناس يدعون الإسلام والصحيح العكس فإن "تنظيم داعش أصبح يشكل أكبر عدو للإسلام، والإسلام بات ضحية لفكر ذلك التنظيم"، وسبب  انضمام بعض الشباب للتنظيم المتطرف فكريًا هو بهدف البحث عن مكان لهم في النسيج الاجتماعي والثقافي والسياسي، وكل ذلك سببه الظلم والفقر والبطالة؛ وضعف الخطاب السياسي والديني الوسطي، مما يتطلب من دولنا العربية العمل على خلق المزيد من فرص الشغل ومحاربة الإقصاء الاجتماعي من خلال برامج تربوية وتعليمية متطورة ومتقدمة وحديثة. والخطاب الديني يجب أن يتغير نحو وسطية وسماحة وعدل الإسلام وحرمة قتل النفس التي حرم الله عز وجل ويتوجب علينا مشاركة الشباب بصنع القرار وتوفير الحياة الكريمة لهم.