مستقبل الدولة الإسلامية

مستقبل الدولة الإسلامية
 بقلم / المهندس نهاد الخطيب                                          

مهندس وباحث في العلاقات الدولية  


            المتابع للإعلام الغربي ،المرئي منه والمكتوب، يلاحظ بسهولة شديدة أن حجم الإهتمام الغربي بظاهرة الدولة الإسلامية ، وصعودها السريع ، يفوق بمراحل عديدة ، اهتمام الجماهير العربية بها بما فيهم النخب المثقفة ، وربما لا تتجاوز نظرتهم -  أي العرب - إليها البعد الأمني .

              لقد كرست الدولة الإسلامية نفسها كظاهرة سياسية أيدلوجية ، وكواقع مادي دولاتي يشمل كل العناصر اللازمة لإنشاء الدول ، شعب وأرض وسيادة ، وهذا يطرح أسئلة جوهرية على النظام العربي خصوصاً ، وعلى النظام الدولي بشكل عام ، بخصوص مستقبل الدولة الإسلامية .

         نحن أمام ثلاثة خيارات  أساسية:

أولاً : نجاح الولايات المتحدة ، وحلفائها في الإقليم في تشكيل قوة تستطيع التغلب على الدولة الإسلامية وتقضي عليها  ، وهذا خيار مكلف وصعب وبإعتراف أمريكا يحتاج الى سنوات ،تكون الدولة الإسلامية ،  قد غيرت معالم الإقليم ، فهي في حالة تمدد ، وحتى شعارها هو " باقية وتتمدد".

         ويخدم الدولة الإسلامية في هذا الصدد أن الأمريكان ، بعد حربي العراق وأفغانستان أصبح لديهم حالة من عدم التأكد من جدوى التدخل العسكري في الإقليم بالكثافة السابقة ، وما يعزز أيضا هذا التفكير ، الإكتشافات الأمريكية من البترول الصخري الذي قلل من الإعتماد الأمريكي على البترول الشرق أوسطي، رغم اعترافهم ببقاء معضلة حماية اسرائيل ، ماثلة أمامهم.

ثانياُ : نجاح الدولة الإسلامية ، في اكتساب مزيداً من القوة والأرض والتأييد الجماهيري ، وبالتالي نجاحها في تغيير أنظمة حكم أخرى في المنطقة ، في هذه الحالة تصبح الحقائق الكبرى في الإقليم ، مثل وجود اسرائيل ، ووجود الأنظمة العربية الكبيرة والمستقرة وكذلك النفوذ الأمريكي في المنطقة في محل تهديد يفتح أفاقاً واسعةً لمشاهد يوم القيامة وهرمجدون ...الخ.

       ربما هذا الخيار يعيد الى ذاكرة الساسة الأمريكان اللحظات التي قرروا فيها اللجوء الى الخيار النووى، والقارئ لمجريات حرب أكتوبر ، وهي أقل خطورة مما يحصل الأن يعرف ، أن هذا النوع من التفكير واقعي ، في ظل عقلية الهيمنة للمارد الأمريكي البربري والهمجي .

ثالثاً :أن يقتنع الطرفان بضرورة  إيجاد حل إبداعي على طريقة " لايموت الذئب ولا يفني الغنم ، وتغيير قوانين اللعبة الدولية لإستيعاب هذه القوة الجديدة الصاعدة بعد تهذيب اندفاعاتها بالحوار وتوازن المصالح ، ولقد تعايشت الدول الاسلامية الأولى مع الإمبراطوريات التي عاصرتها ، وكان هناك علاقات ومصالح  .

  أعرف أني أثقل على تفكير وخيال البعض ، ولكن الجميع مضطرون لمواجهة الواقع ، وليس من الذكاء تجاهل هذه التحديات وعدم التفكير فيها وتبقى مقاليد الأمر بيد رب السماء .... يرحمكم الله