الحسيني: لم نعرف الطائفية إلا بعد نظام ولاية الفقيه

رام الله - دنيا الوطن
شدد محمد علي الحسيني الأمين العام للمجلس الإسلامي العربي على أن عاصفة الحزم كانت صدمة كبرى أصابت مرشدي وقادة الثورة الإيرانية، لأنهم كانوا يظنون أنه لا يمكن للعرب أن يجتمعوا ويتحدوا.

وأكد أن عاصفة الحزم أكدت للجميع أن الأمن القومي العربي جزء لا يتجزأ من أمن المملكة وهي المهتمة والحاضنة والشقيقة الكبرى لكل البلاد العربية، لافتا إلى أن نظام ولاية الفقيه حاول استغلال سياسة المملكة التي ظلت دائما سياسة حسن جوار وحسن نوايا واستقرار وعدم تصعيد، لكن هذا لم يدم لأن الكيل طفح مع نظام ولاية الفقيه الذي أراد تخريب كل شيء.. فإلى التفاصيل:

سمعت وتابعت وشاهدت الأحداث التي تعرضت لها الأمة، فهناك اضطرابات وتفجيرات تحصل في أماكن مختلفة، ما الهدف من كل ذلك؟

منذ وصول ثورة ولاية الفقيه في إيران عام 1979م حدث زلزال مدمر في المنطقة حيث خرجت الدعوات الطائفية المحرضة التي تحمل مشروع تدمير الأمة والتسلط عليها، حيث استهدفت الشيعة في البلاد العربية وأخذت منحى طائفيا، وكان المطلوب منهم تدمير الأمة الإسلامية، وأذكر أن مكان الهدف الأول لنظام ولاية الفقيه هو المملكة العربية السعودية وأذكر أحداث مكة التي وقعت في ذلك الوقت، باعتبار المملكة هي العمق الطبيعي للعالم الإسلامي، وهي حاضنة الحرمين الشريفين. ومهبط الوحي وبالنسبة لكل مسلم ومسلمة فهي تشكل المرجعية الأساسية في هذا الإطار. 

عندما أرادت إيران السيطرة كان الهدف من ذلك هو السيطرة على منبع الإسلام ولن يكون هذا الطريق إلا باختلاق الفتن المذهبية البغيضة مثلما يحدث في سورية واليمن تأتي نتيجة للمشروع الذي أرادته إيران للشيعة العرب بأن ينقلبوا على أنظمتها، تنفيذا لأجندة غير صحيحة مشبوهة عبر تحريضهم لذرائع طائفية والأم الحنون لهم، وتصوير إيران على أنها تمثل الحاضنة للشيعة وهي التي تمتلك القرار الشيعي والمهتمة بشؤونهم وأمورهم وأرادت أن تختطف الشيعة العرب لصالحها وتجندهم لخدمتها، ولكن هذا لن يكون بإذن الله، فهناك علماء أجلاء ومواطنون شيعة شرفاء لا يدينون بالولاء إلا لأوطانهم، خاصة في المملكة والبحرين والكويت والإمارات وفي كثير من الدول، هذه العقلانية الشيعية تدرك أن نظام ولاية الفقيه لا يريد لهم الخير بل يريد استخدامهم لتحقيق أهدافه المشبوهة بهذا الاتجاه. 

من هنا نأتي إلى ضرورة إفشال مخطط نظام ولاية الفقيه بأن لا يكون هناك أي مجال للصراع الطائفي لأن الصراع غير طائفي، فنحن كلنا نعيش قبل نظام الملالي حيث لا تمييز بين الشيعي والسني ونعيش تحت إطار الإسلام والعروبة الجامعة. ما يجري اليوم خطير جدا بأن يتلبس نظام ولاية الفقيه الشعارات الطائفية ويدعي أنه حامي الطائفة الشيعية وهذا بالطبع غير صحيح، حتى يمكن لهؤلاء أن يستخدموا في بلادهم كرأس حربة كما نرى ذلك في البحرين للأسف حيث ثار البعض على نظام بلادهم ورفعوا شعارات إيران وتحولوا إلى نظام ولاية الفقيه وهذا مرفوض. 

وكذلك انخدع البعض بالشعارات وإشاعات نظام ولاية الفقيه ودعواته المحرضة وانطوى تحت هذا النظام وكذلك الحال في لبنان والعراق واليوم للأسف في اليمن، ونرى أن ما يجري هناك باتجاه سياسة نظام ولاية الفقيه وإن كان العنوان هو حماية المستضعفين ودعم الفقراء، ولكن في الواقع من انقلب هو نظام ولاية الفقيه. إذا أؤكد أن الصراع ليس بين السنة والشيعة وإنما صراع عبارة عن مشروع نظام ولاية الفقيه الإيراني باتجاه الأمة. هذا بالتحديد، وإيران هي التي تغذي هذا الصراع وتستخدم بعض أبناء الطائفة لتنفيذ هذا المشروع.

عاصفة الحزم

هل كان لعاصفة الحزم دور في ردات الفعل والأحداث التي سمعنا عنها ورأينا آثارها؟

الصدمة الكبرى والمصيبة العظمى التي نزلت على رأس مرشدي وقادة النظام الجديد هو عاصفة الحزم؛ لأنهم كانوا يظنون أنه لا يمكن للعرب أن يجتمعوا ويتحدوا. أهم عامل ومفصل في عاصفة الحزم أنها أكدت للجميع أن الأمن القومي العربي جزء لا يتجزأ من أمن المملكة وهي المهتمة والحاضنة والشقيقة الكبرى لكل البلاد العربية. 

كذلك فإن نظام ولاية الفقيه استغل سياسة المملكة التي ظلت دائما سياسة حسن جوار وحسن نوايا واستقرار وعدم تصعيد مع إيران، لكن هذا لم يدم لأن الكيل طفح مع نظام ولاية الفقيه الذي دخل إلى العراق ودخل قاسم سليماني بلباسه العسكري إلى العراق وبات هو الحاكم الفعلي. وكذلك دخل هذا النظام إلى سورية وإيران. الكل يأمر ويعطي الأوامر والنواهي في لبنان وسورية والعراق ومن بعده أرادوا الوصول إلى اليمن والعبور إلى بقية الدول العربية عبرها، عبر الدعوة إلى الطائفية.

 لكن اليمن كان بلدا آمنا مستقرا ولديه رئيس شرعي والكل متفق على المبادرة الخليجية التي كانت ضمن الاتفاقات. عندما أصبحت المصلحة الإيرانية في الدخول إلى اليمن لتهديد أمن المملكة كما قلت منذ عام 1986 وحتى اليوم، فهم يريدون الوصول إلى المملكة عبر البحرين والأحداث التي أفعلوها وكذلك عبر اليمن حتى يحاصروا المملكة، ولكن خاب ظنهم وطاش سهمهم فالمملكة لديها رجال وقادة على رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وسمو ولي العهد وولي ولي العهد، حفظهم الله جميعا

 كذلك فإن القيادة والشعب السعودي والأمة العربية وقفت وقفة رجل واحد ضد التدخل والخطر الإيراني فأفشلوا مشروعه في اليمن وسوف يستمر هذا الأمر حتى ننهي كل تدخل لنظام ولاية الفقيه في بلادنا العربية. نصر الله أصبح كالمجنون وحدث اضطراب كبير في إيران لأنهم لم يكونوا يتوقعون أن المملكة ودول الخليج قد تقوم بعملية حزم. إذا نظرنا إلى حالة لبنان نرى أنها ميئوس منها بسبب تدخلات نظام ولاية الفقيه. في سورية هناك تدخل حزب الله وإيران. في العراق الأمر كذلك. ما دخلت ولاية الفقيه إلى بلد حتى فرقته. مما يحمد ويشكر عليه هو هذا الدور لإخوتنا في المملكة الذين وضعوا حدا له. أسأل الله أن يستمر الأمر ويصل سورية والعراق ولبنان. لا يجب أن نخاف من ردود أفعال نظام وولاية الفقيه لأن شعبه رفضه. هناك اضطرابات في إيران التي رفض شعبها النظام. إيران أضعف الآن من أي وقت كما هو حال حزب الله. لا نريد التدخل السلبي في أي وطن ولكن واجبنا أن نحمي بلادنا.

داعش وإيران

وما دور ما يسمى بداعش في ما حصل وما صلة ذلك بإيران؟

هذا مخطط فعلي تسعى إليه إيران حتى لو كان المنفذ غير إيراني. خامنئي قال إنه سوف يدعم الشعوب المستضعفة في البحرين واليمن. مهد له نصر الله عندما قال «داعش قادمة إليكم وتريد تدمير بلاد الحرمين». طلبوا من الشيعة أن يثوروا ضد النظام وضد الحكومة، وهذا ما لم ولن يحدث لأن الإخوة الشيعة قاموا بلحمة وطنية وكان هذا الجمع المبارك تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين وأكدوا أنه مواطنون لا يتميزون عن غيرهم، وأن أي استهداف لأي مسجد هو استهداف للوطن أجمعه. جميع السعوديين في القصيم ونجد ومكة والمدينة توجهوا لأداء العزاء. الشيء الخطير هو أن إيران التي فجرت مرقد الإمامين العسكري حتى تستفيد أرادت القول للشيعة أن يعودوا إلى إيران لحمايتهم من الاضطهاد. كذلك الدعوة إلى تشكيل لجان شعبية أمنية حتى يقوموا بمهام الدولة. هذا ما سعت إليه إيران. الأهم في موضوع الكويت أن ياسر الحبيب يتحمل مسؤولية جزء مما حدث بتعرضه لأمهات المؤمنين والخلفاء والصحابة؟ هذا الشخص يحرض على تفجير مساجد السنة. أليس هذا من ردود الفعل؟

أقول لإخواننا العرب إن أحد الأئمة يقول ربما كلمة تقال في الكوفة فتسفك بها دماؤنا في الحجاز. المطلوب أن نقف عند حدودنا لأن هناك من يتربص بأمتنا. الاستفادة من توظيف داعش تصب في مصلحة إيران. نصر الله أصبح مثل ابن علقم ويريد التقرب إلى الولي الفقيه ليكون عميلا ضد أمتنا وخنجرا في ظهرها.

أقول لإخوتنا الشيعة العرب إن دولهم تحمي مصالحهم وأن الجميع تحت سقف المواطنة وأن الأمن من حق الجميع وأثبتت وزارة الداخلية وعلى رأسها سمو ولي العهد الأمير محمد بن نايف أنه بقدر المسؤولية بحيث تم كشف الأعمال الإرهابية، وسوف يتم الكشف إن شاء الله عمن أمرهم ومولهم وساعدهم حتى ندرك أن المستفيد الوحيد هو نظام ولاية الفقيه وهذا ما نقف ضده. حتى على مستوى الكويت المراد هو ابتزاز الدولة وهي عملية خطيرة لها أبعاد.

الإعلام الضار

بعض القنوات والوسائل الإعلامية تبث مواد سالبة تضر بالأمة، ما هو رأيكم في ذلك؟

كما يقال فأول الحرب كلمة، ونظام ولاية الفقيه متخصص في الدجل والخداع والفبركة الإعلامية وهذا ثابت بالدليل وهذا الإعلام ينطق بالعربية ولكن من يرسمه ويموله هو نظام ولاية الفقيه. هذا النظام يهدف إلى قلب الحقائق وتشويهها. لذلك علينا جميعا أن ندقق في كل خبر وأن نتفحصه وأن لا نأخذ خبرا من هذه الوسائل على محمل الجدية حتى لا نصيب أحدا بجهالة. هذه القنوات ينبغي أن تكون في مواجهتها قنوات تقوم بكلمة حق وتنقل الواقع كما هو على أن تكون قريبة حتى يعرف المشاهد العربي وبالذات الشيعي حقيقة ما يجري على أرض الواقع.

توضيح الحقائق

ما هو دور المراجع والعلماء تجاه الأحداث التي تقع ودورهم المباشر تجاه توضيح الحقائق؟

 ورد في الحديث أنه إذا صلح العالِم صلح العالم وإذا فسد العالِم فسد العالم، للأسف فإن أغلب المرجعيات لا تعرف ما يجري من حولها، وفي حاشية المراجع هناك من يسيطر عليهم من المخابرات الإيرانية لذلك فإنه من المستحيل خروج أي فتوى أو كلمة إلا عبر المخابرات الإيرانية التي تسيطر على هذا الملف. المراجع مشغولة بالأمور الفقهية والتعبدية ولا يسمح لها بالتدخل في هذا الإطار. لدينا تاريخ ففي هذا الاتجاه وكثير من مراجعنا بدون ذكر أسماء عندما تدخلت سياسيا وقامت بالثورة ضد نظام ولاية الفقيه منهم من سجن ومنهم من أعدم ومنهم من لايزال تحت الإقامة الجبرية. 

هناك سيطرة إيرانية كاملة بهذا الإطار. نحن بما نمثل من مرجعية سياسية لشيعة العرب فإننا لا نلتزم بمرجعية ولاية الفقيه ونلتزم بمرجعيتنا الإسلامية وعلى رأسها المملكة. هذا هو دور العلماء في هذه المرحلة. هذا الإعلام الموجه لا يؤخذ به ولا يعول عليه.

ولاية الفقيه

هناك ترهيب من نظام ولاية الفقيه لكل معتدل، كيف تقرأونه وكيف يمكن تجاوز هذه المرحلة؟

هذا النظام قام على العنف وفعل أكثر مما فعله داعش، لكن للأسف كان هناك من الإعلام عدم إظهار لداعشية نظام الفقيه. كل أنواع العنف موجودة في هذا النظام. بعد كل صلاة يدعو الإيرانيون بالموت لأعداء النظام. حتى من كانوا داخل النظام، أين مير موسوي وأين كروبي؟ هؤلاء كانوا رموزا وباتوا تحت الإقامة الجبرية. الشعب الإيراني مضطهد ويحيا في سجن كبير. النظام يمارس قمعا واستبدادا باسم الدين. علينا أن لا ننخدع بالعناوين وكما قال تعالى (وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل). نظام ولاية الفقيه يضطهد بالذات الشيعة، الكل يدري ما فعله النظام بآل الشيرازي والنظام يقمع كل من يعارضه، منظمة مجاهدي خلق أعدم منها 120 ألف مواطن إيراني لمجرد خلاف في الرأي. في ذات الوقت يزايدون على وجود بعض العرب المحبوسين على ذمة قضايا جنائية. إيران الآن في مقدمة الدول العالمية التي تمارس الإعدام. نظام إيران المبتلى بالدم يرشح دماء الأبرياء وعليه أن ينظف نفسه أولا وبعد ذلك يتحدث عن أوضاع الآخرين في الدول الأخرى، فالكيل طفح بالشعب الإيراني.

الوحدة الإسلامية

كيف يمكن أن تتحقق الوحدة الإسلامية في ظل الظروف الحالية؟

 لدينا قدوة وقائد ونبي هو سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم. ماذا فعل عندما دخل المدينة؟ كان من أهم التحديات ما بين الأوس والخزرج، فجاء بالمؤاخاة بين الجميع الذين التقوا على الإسلام وعلى التوحيد. نحن كشيعة وسنة نؤمن برب واحد وقرآن واحد. القرآن هو المصدر الأول للتشريع وقبلة واحدة هي مكة وصومنا واحد وجوهر ديننا واحد. هذه عوامل تجمعنا والفروع لا ينبغي أن تغلب على الأصول. علينا أن نتآخى وأن نكون كلنا في دائرة الوحدة. كذلك ينبغي استبعاد علماء السوء والكتب التي تدعو للتحريض وكذلك الأصوات الطائفية. 

وأن يكون على منابر المسلمين وفضائياتهم سواء كانوا سنة أو شيعة أن تكون الدعوة إلى الوحدة، وأن نكون ضد الإرهاب، سواء أتى من شخصيات سنية أو شيعية، وعلينا التركيز على التسامح والاجتماع في ما بيننا. كثير من إخوتنا أهل السنة لا يعرفون الكثير عن إخوتنا الشيعة، والعكس صحيح. بعد التفجيرات الإرهابية في المملكة مشاهد نعتز بها، مشهد الجميع تحت سقف الإسلام ورايته. كذلك ينبغي الإكثار من الندوات والمؤتمرات التي تشجع على الحوار والحضور الشيعي والسني الفعال. نحن في عقيدة واحدة. إذا ذهبنا كسنة أو شيعة إلى المدينة وإلى مسجد نبي الله سنرى بأن المجتمع في روضة النبي صلى الله عليه وسلم وخليفته الأول أبو بكر الصديق وخليفته الثاني عمر الفاروق، رضي الله عنهم، سنجد أنهم عائلة واحدة وهم متزاوجون ومتصاهرون من بعضهم البعض، وعاشوا مع بعضهم وحملوا الإسلام معا وبلغوه للعالم ولم تكن هناك تفرقة أو تمييز. إذا أردنا أن نعرف الإسلام على حقيقته فعلينا أن ندرك كيف التقى النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه.

الأهم في هذا الأمر أن لا يتم استغلال للدين بواسطة البعض لتحقيق أهداف سياسية بلباس طائفي، وأن لا يحرضنا أحد على إخوتنا في المذاهب الأخرى، وأن لا يستخدمنا أحد لتحقيق أهدافه.

ظاهرة التكفير

كيف نستطيع القضاء على ظاهرة التكفير؟

هذه العملية في الأصل لها ضوابط وشروط وما يقوم به البعض هو عملية غير مضبوطة لتحقيق أهداف مشبوهة. الأدلة والتحقيقات أبانت أن أصحاب هذه المشاريع مثل ياسر الحبيب الذي أسس في لندن ويدعي التشيع أثبتت أنه ملحق بمخابرات أجنبية وأن من يدعمه ويأمره هو مخابرات معادية للإسلام. هذا جزء من المخطط لتفريق الأمة وأن لا تعيش أي وحدة، بل تكون هناك خلافات داخلها. ينبغي على خطباء الجمعة وأصحاب المنابر الدعوية من العلماء أن يسيروا في منهاج الدعوة إلى الوحدة والالتقاء ولم الشمل، وأن نكون أصحاب نزعة صلح، كما فعل الإمام الحسن بن علي الذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنه سيصلح بين الناس.

التعليقات