غزيات يجدن الزواج خارج القطاع قارب نجاة لهن

غزيات يجدن الزواج خارج القطاع قارب نجاة لهن
غزة -  خاص دنيا الوطن -  ياسمين أصرف

تقلق المرأة على المستقبل حتى تجد زوجاً , ولا يقلق الرجل على المستقبل إلا بعد أن يجد زوجة .

تلك معادلة قد تكون مثالية عند بعض الشبان في قطاع غزة , عندما يفكرون قبل الزواج بكيفية الحياة ما بعده , وكيف يكون المستقبل فى ظل الظروف المحيطة , من حصار وبطالة وعنوسة وأمور فاقت التحدث عنها من شدة تفاقمها فيعادل بعض شبان القطاع تلك المعادلة بوضعها على كفة السفر كي يكون ميزان المستقبل لا يقبل إلا المساواة ما بين متطلبات الزواج ورصيد مستقبله داخل جيب الشاب .

أما عن الفتيات فى قطاع غزة  فيلجأن بعضهن إلى الركوب على قارب النجاة _حسب مفهومه عند بعضهن_ , كي يرسون على شاطيء من مستقبل لا يوجد فيه حصار ولا بطالة ولا عنوسة لبناتهن من بعدهن أيضا , ففكرن بعضهن بالسفر خارج البلاد للزواج والاستقرار هناك ,  ومنهن لجأن إلى الزواج من جنسيات أخرى ,  فهل قوارب النجاة نجاة هنا , أم أسم مستعار يخفون خلفه معاناة أخرى ؟

دنيا الوطن تجيب ..

 الزواج من جنسيات أخرى

الزواج من جنسيات أخرى لم يكن شيئا جديدا على الصعيد الاجتماعي داخل قطاع غزة , فمنهم من زوج ابنته لشاب من المسلمين الحاملين جنسيات أخرى, تلك كانت مسلمات تعايشت معها الفتيات الغزيات , فأصبحن أكثر نضجا ووعيا فى أخذ قرار الزواج خارج القطاع , الذي يعتبر كقارب نجاة من حصار العنوسة , وقحط الوضع المعيشي هنا.

تقول الثلاثينية غادة لبد المتزوجة من رجل مصري الجنسية :" كان زواجي تقليديا , كنت فى تدريبا يختص فى الإعلام  والإنتاج التليفزيوني وهو يعمل مخرج تلفزيوني , وأصبح بيننا عمل , فكان يتمنى الزواج من فلسطينية وأنا كنت أتمنى الزواج خارج القطاع ."

وأشارت لبد خلال حديثها لـ "دنيا الوطن" بأنها كانت تتمنى أن تكمل طموحها فى العمل خارج القطاع , معللة ذلك بأن أى طموح داخل غزة يموت فورا , حيث لا عمل ولا إبداع يحدث للشباب فى القطاع .

واستكملت لبد :" قررت ان أسافر من غزة لأرتبط بشاب مصري الجنسية , وكان زواجي هو الطريقة الوحيدة لأخرج من هنا , وأخرج من قبو العادات والتقاليد التي تمنع السفر لأى فتاة غزية إلا القليل منهم ,وأنا الآن سعيدة بقراري , فقد حققت طموحي وخرجت من القالب الاجتماعي المحاصر وثقافة الشاب الغزي المغلقة داخل القطاع خاصة أن بعضهم يعتمد اعتماد كبير على المرأة الموظفة , فتلك من المبادىء المادية التي لم أكن احترامها ولا على اقتناع بها  , فاحترمت عائلتى قراري , وتم الزواج ورزقنا الله بحسن."

زواج في بلد أجنبي

حال الأربعينية أم عبد الرحمن المتزوجة في السويد منذ 21 عاما  كحال أى سيدة تعيش بعيدا عن أسرتها تشتاقهم دائما وتحتاجهم فى كل المناسبات السعيدة التي تمر بها , فمهما كان العالم قرية صغيرة تستطيع الحديث معهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي وغيره  لكن العيش في بلد عربي أسهل بكثير من العيش فى بلد أجنبي , تلك حالة يصعب التأقلم عليها في البداية  .

وتؤكد أم عبد الرحمن لـ "دنيا الوطن " على صعوبة الغربة في بدياتها عندما تكون فى بلد أجنبي , لافتة إلى أن الزوج هو الركن الأساسي والكبير بعد الأصدقاء الذي يعين على تحمل الغربة , فالسعادة مع الزوج تنتج تحمل للغربة والتأقلم عليها , بعكس وجود المشاكل الزواج فيها.

وعن نظرتها للسفر خارج غزة تقول :" كان حلمي أن أسافر خارج قطاع غزة منذ كنت فتاة صغيرة , ولكني لم أكن ذلك رغم أمنيتي به , وكل ما أفتقده هو عدم وجود أهلى وكلعائلتي وأحبابي بجانبي , وآمل لابنتي أن تتزوج بقربي كى لا تعانى معاناتي فى بداية الزواج بمرارة الغربة , ولكن مدينتها وبين أهلها وأقاربها ذلك يعني الكثير لي ولها , فكل صديقة من صديقاتي فى الغربة لها ضريبة معاناة مختلفة فى تحمل الغربة فى ظل الظروف المختلفة فى حياتهن .

زواج عربي

أما ع.و البالغة من العمر 26 عاما , تقول :" تزوجت منذ عاما فى الإمارات  , ولم تكن لدى أى فكرة عن الزواج فى الخارج سواء سلبية أو ايجابية لاننى لم أفكر أبدا فى الزواج خارج مدينتي غزة , فتقدم لى شاب من غزة يعمل فى الإمارات وبنى سلم مستقبله هناك , فكان الرفض فى البداية لانها كانت فكرة جديدة على عائلتي , ولكن تم النصيب بعد تغير وجهات النظر لانه من نفس مدينتي واحتمالية الرجوع إلى مدينتنا شيء مؤكد ."

وعن الحياة فى الغربة تقول : " كل بداية زواج صعبة هذا مفهوم نعرفه جيدا , فكيف لو كان الزواج فى الغربة لا اهل ولا أصدقاء فى البداية خاصة فى البداية وفى المرض , فأن اكون علاقات صداقة ومعارف هنا شيء صعب أيضا فى البداية بحكم تغير العادات من بلد إلى بلد اضافة إلى تعدد الجنسيات هنا واللغات أيضا , ذلك يؤثر علي أحيانا فى التأقلم هنا مثل غزة لأنني لا أعمل منذ أن تزوجت , وتلك الإجابات قد تختلف فعليا لو كنت أعمل أو أختلط بالناس وبالجنسيات المختلفة هنا ."

غربة ومعاناة

أما قصة الثلاثينية ر.س التى تزوجت فى الإمارات أيضا , لم يكن قارب النجاة فى السفر خارج البلاد محققا لأمنيتها فموج الغربة كان عالي جدا , وقسوة الظروف مزقت احلامها.

بمعاناة وتنهيدة حزينة تقول ر.س :" كان زواجي تقليدي بحت , وجاءت والدته للتقدم لخطبتي , ولم يكن الوحيد الذي يأتي لخطبتي من الخارج فكان الكثير قبله وكان الرفض لأنني لا أستطيع أن أقابله هنا فى غزة لأتعرف على شخصيته عن قرب قبل الزواج فتلك من العادات الموروثة والمعروفة عند الخطبة , كنت أحلم بالزواج فى الخارج من شخص يكن مستواه قريب من مستوانا الاجتماعي والفكري , فتوفرت تلك الشروط فى الشخص الذي تزوجته  , فعند الخطبة لم نسال عنه إلا شخص واحد نظرا لوجود سابق معرفة بين والدته ووالدتي , وكان العائق انتظاري له بان يأتي إلى غزة وتتم الخطبة , رغم تأكيده وتأكيد أهله أنه سوف يأخذ إجارة من عمله ويأتي لتتم الخطبة والزواج ونسافر معا , ولكى لاأعرف انه يكذب علي حينها كان يقول لي أسالى عن صالات الأفراح وتكاليف الزواج حتى يكن كل شي على ما يرام , وبقيت أنتظر مجيئه حتى قتل أمل رؤيته حينها و قال لنا أن مديرعمله يرفض ان يعطيه إجازة وغيرها من الحجج التي يرمي بها طعم الثقة به , واضطررت للموافقة ورؤيته عن طريق الانترنت , وتمت الخطبة التى استمرت ستة شهور."

تابعت ر.س :" كانت مدة زواجي ثلاثة سنوات , لم أعش معه إلا سنة واحدة تقريبا فى ظل المشاكل التي أعيشها معه  فكلما استطعت أن أحل مشكلة تأتي مشكلة او مشاكل أخرى يخلقها بنفسه ويبررها أيضا , عدا تدخل الأهل خاصة والدته حيث بدأت المشاكل بعد أول أسبوعين من الزواج واكتشفت حينها أنه شخص مريض بمرض عضوي ونفسي أيضا ولم نعلم بذلك لا أنا ولا عائلتي , وكنت أصبر على ذلاته إلى أن كبرت وكثرت المشاكل ولم أستطع تحملها , واكتشفت أنه شخص غير قابل للإصلاح والتحسن فى شخصيته."

واستكملت :" حاولت التغاضي عن الكثير الكثير وأن أساعده فى العلاج لكن دون جدوى , أصبح يكبر ويكثر من المشاكل , تدخلات الأهل وعدم وجود شخصية له , كان يقتل الحب فى قلبي من ناحيته , فقد كان القرار الأول والاخير لوالدته , وكان يفشي أسرارنا الزوجية والحياتية لها ولعائلته , ويقول عني ما ليس في , وأصبح لا يعترف بأى مبادىء اتفقنا عليها عند الخطوبة كانت ستنجح ذلك الزواج وتنقذه من فوهة الظلم الذي تعرضت له معه ومع عائلته , حتى وصلت الإهانة إلى محاولته الإعتداء عليا جسديا , غير الألفاظ البذيئة المستوحاة من بيئته , فكان الطبع هنا يغلب التطبع ."

وأشارت ر.س لـ "دنيا الوطن " بعد اكتشافها أنه شخص مريض نفسي ولا يصلح أن يكون أبا لابنتها , واستحالة تحسن شخصيته بعد مشاكل لا تعد , قررت الطلاق منه لترجع للحياة فى غزة تتنفس هواء النقاء والحب مع عائلتها , وتفتح صفحة جديدة مع نفسها وحياتها المستقبلية وتنسى كل الظلم الذي وقع عليها , مؤكدة أنه عندما يتحول الحب إلى كراهية فى الزواج يصل الإنسان إلى استحالة الاستمرار فى الحياة الزوجية فكان قرار صائب بعدما دفعت فاتورة الزواج فى الخارج من شخص لم يعرفوه تماما."


 


التعليقات