(الحلقة17) أكاديمي فإعلامي وسياسي وفي الأصل مهندس وشاعر : ما لا تعرفه عن إيهاب بسيسو ؟

(الحلقة17) أكاديمي فإعلامي وسياسي وفي الأصل مهندس وشاعر : ما لا تعرفه عن إيهاب بسيسو ؟
رام الله - دنيا الوطن-تسنيم الزيان

حفظ المواطنون اسمه عن ظهر قلب , يخرج بتصريحاته الثابتة والأكيدة ووصفه أحد الاعلاميين :"تصريحات ولا غلطة" .. لمن يعرفه عن قرب يستشعر حجم المسؤولية المُلقاة على عاتقه ويعلم يقيناً انّه رجل سياسة أكثر من كونه ناطقاً اعلامياً .. لم يُغفل كونه شاعراً وأديباً فارتبط اسمه بالشعر والأدب لكن المفاجأة انّ ايهاب بسيسو مهندساً وأكمل رسالة الماجيستير والدكتوراة في بريطانيا بعيداً عن تخصصه الاول .

اذاً نحن أمام شخص بدأ مهندساً معمارياً فانتقل للاعلام فأصبح أكاديمياً ثم ناطقاً اعلامياً فسياسي مخضرم ولم يغفل عن كونه شاعر ذو حس مرهف .

إيهاب بسيسو مواليد مدينة غزة أنهى تعليمه الثانوي فيها ثم انتقل إلى بريطانيا ليدرس البكالوريوس والماجستير (اعلام دولي) والدكتوراة (استراتيجيات اعلامية فيا لعلاقات الدولية) فيقول: " بعد سنوات من الاغتراب عدت إلى جامعة بيرزيت وعملت فيها كأكاديمي في مطلع 2012 وعملت في دائرة الإعلام قبل أن اعمل كمدير للإعلام الحكومي ومتحدث باسم الحكومة، فالانتقال من الأكاديمية إلى الإعلام الحكومي جعلني أشعر بأهمية أن أدفع باتجاه هذه الخبرة  لخدمة الوطن ، كما أنني في الإطار العام لم أستقل من جامعة بيرزيت بل قدمت لإجازة فيها وذلك على أمل العودة لها وذلك في حين ان تنتهي مهمتي أعود إلى الأكاديمي "، موضحا أن تجربته أضافت له الكثير خصوصا في ظل التحديات السياسية المهمة على الصعيد المهني .

وتابع: " كما أنني ملما بالخط الوحدوي الذي يحاول أن يجمع ضمن رؤية فلسطينية وحدوية مهمة ، حيث أن الانقسام أفرغ حالات سياسية قاسية على الشعب، ولا يعتبر ذلك انجاز فردي وإنما ضمن فريق العمل من أجل تطويره"، مشيرا إلى أن عمله في رام الله كان ببساطه أن العرض أتى له من جامعة بيرزيت وأنه يعتبر الوطن واحد سواء رام الله أم غزة.

ويذكر بسيسو رحلته عندما جاء من بريطانيا ليتم تعينه في جامعة بيرزيت فيقول : " والدي توفي في عام 2006 ووالدتي مازالت مقيمة في غزة وعندما عدت من الخارج وصلت الى غزة و المسافة بين غزة وروام الله لا تتجاوز الساعة ونصف بالسيارة ولكن من صعوبة التحديات وقرار الاحتلال اضطررت أن أسافر لمدة يومين لكي أصل إلى رام الله وذلك بالسفر عن طريق معبر رفح البري ومن ثم إلى الأردن ومن ثم رام الله فما أصعبه من تحدي "، لافتا الى أنه يحاول كلما توافرت الفرصة أن يزور والدته في غزة متمنيا أن يصبح التنقل بين غزة ورام الله أكثر سهولة .

وعن عمله كناطق باسم حكومة الوفاق ومدى صعوبة ذلك عبر بسيسو بقوله : " أوف كتير صعب حيث أن هناك صعوبات في كل عمل فحجم الضغط اليومي يكون كبير جدا فنحن نتحدث عن جزء من إستراتيجية أوسع وضغوطات صعبة من مقابلات واجتماعات سياسية ودبلوماسية وأحيانا مسالة الخطاب السياسي الموجه إلى وسائل الإعلام يكون مباشر فهناك خطاب مع الدبلوماسيين السياسيين، فأنا لست متحدث باسم الإعلام على مستوى محلي وإنما عربي ودولي كذلك فكثير من الأحيان يكون عندي مقابلات الساعة الثانية ليلا نظرا لفرق التوقيت بيننا فكل هذا الضغط وتلك التحديات لا تكون واضحة للصحفيين وما يتخللها من لقاءات واجتماعات "، منوها إلى ضرورة أن يكون هناك متحدثين محترفين في كافة القطاعات وذلك لتخفيف العبء والتعزيز من عمل الفريق.

وتابع: " المسؤوليات المهنية والوطنية لا تنتهي حتى أيام الجمعة والإجازات والأعياد أعمل ..  فوسائل الإعلام تعمل على مدار الساعة ، فمشهدنا السياسي الفلسطيني ليس سهلا في إطار الأبعاد السياسية والانقسام الموجود يجعل من الضروري المحافظة على الخط الوحدوي وأسعى بقدر المستطاع الحفاظ على القواسم المشتركة نظرا لما خلفه الانقسام من شرخ  وتجاذبات حادة فيجب أن نحافظ على مقومات الوحدة الوطنية فالمسألة ليست سهلة ، لأن كل الأطراف تتابع التصريحات وتريد أن تقرأ ما تفسره"

انتقلنا مع الناطق باسم الحكومة الى حيث يعشق ويحب كشاعر وأديب .. فتحدث عن المشهد الثقافي في فلسطين وبنبرة شاعرية يقول : "الثقافة جزء من تكويني الشخصي فأنا حريص قدر المستطاع رغم الضغوطات متابعة المشهد الثقافي لأنني أمتلك شغف داخلي ثقافي في هويتي الشخصية"، وعندما سألته عن كيفية مزاوجته بين الإعلام والثقافة قال بصوت حاد : " من أصعب الأسئلة لدي لأن الكتابة بكيمياء غريبة يصعب فك رموز تركيبتها ولكنني حريص على استمرار هذه الكتابة ومتابعة المشهد وحريص على القراءة المهنية والصحف بالإضافة إلى جانب القراءة الأدبية والإبداعية فما أنجزه من أدب وثقافة يجعلني قادر على المزاوجة فهناك الكثير من الأمثلة زاوجت مابين العمل السياسي والثقافي كغسان كنفاني وتوفيق زيّاد وماجد ابو شرار ومعين بسيسو وكمال ناصر وغيرهم الكثير ، فتقديري الشخصي أن المزاوجة مع بعضها البعض تحتاج التميز في طرح الكثير من التأملات والأسئلة".

وعن ترعرع الثقافة داخله يتذكر بسيسو ذلك بقوله: " بدأت مبكرا من البيت ومن المكتبة المنزلية ومن حث والدي دائما لي أن أقرأ وأحاول أن أصيغ ما أقرأه بشكل مقال كبرت وكبرت تلك الموهبة معي فمكتبة الهلال الأحمر الفلسطيني والثقافة والنور كنت أحد أعلامها البارزين كما أنني كنت محظوظا بأيام دراستي من أساتذة علموني الكثير تحديدا في البدايات وأيضا المطالعة والكتابة وبدأت أنشر كتاباتي في سن صغير فلم أكن قد تجاوزت الخامسة عشرة من عمري وبدأت أتطور تدريجيا وعندما ذهبت لأكمل تعليمي في بريطانيا كنت قد ظننت أنني قد ابتعدت عن تلك الموهبة ولكنها بدأت تأخذ طابعا جديدا أضافت الكثير لتجربتي واستمرت إلى أن أصبحت جزء لا يتجزأ مني .

وتابع شارحا عن تزاوجه بين السياسة والشعر فيقول : " أنا حريص جدا على تنمية ذلك الجزء مني باستمرار وان لا يضمر ولا تتغلب السياسة عليه فأكون السياسي والإعلامي والشاعر، فأحقق التوازن بين السياسة والاعلام من جهة والشعر من جهة أخرى .. ففرضية أن الإعلامي والسياسي لا يقرأ أدباً فرضية غير دقيقة فهناك متسع للقراءة لأنني أرى القراءة جزء ضروري من الحالة اليومية فأنا أخر ساعة أو ساعتين أطالع رواية قد تكون صدرت حديثا بالذات الإصدار الفلسطيني أتابعه بشغف فأنا أقرأ بكافة المجالات ، جزء من صناعة الخطاب يعتمد على المعرفة حيث لا أستطيع أن أرى خطابا دون استدعاء المعرفة". لافتا إلى انه حيثما كان يكون رفيقه الكتاب سواء بالبيت بالسيارة بالمكتب لا يتخلى عنه.

وبين أنه أصدر العديد من الدواوين وأن فكرة القصيدة عنده تبدأ دائما كتابتها مبكرا متابعا: " مستحيل أن أكتب ليلا وإنما أصحح وأنقح وأحرر بالليل، فالفكرة في النهار تولد طازجة".

أخذنا الحديث كثيرا عن السياسية والثقافة والإعلام فصعب جدا الخروج من تلك الحالة ولكننا انتقلنا قليلا لنعرف عن ايهاب بسيسو في رمضان فيقول :" أفتقد كثيرا الأجواء الرمضانية مع عائلتي فمهمتي كمتحدث إعلامي وطبيعة علاقاتي الاجتماعية تجعلني لا أستطيع التواصل معهم بالشكل الذي أرغب به فدائما هناك ما يستدعي عمل أو لقاء، نعم أفتقد كيف كنت اجلس مع أبي وأمي برمضان وكيف كنا نذهب أنا ووالدي إلى السوق لشراء الخروب والحمص قبل الإفطار وأذكر جيدا السهرات الرمضانية للأسف في ظل ما نمر به أفتقده بشدة فالعمل حقا يلتهم أغلب الوقت ".

وتحدث عن عدم ارتباطه حتى اللحظة معبرا بذلك : " كل شئ نصيب ، نعم أن الحياة تسرقنا بالعمل وبظروفها ولكن حقيقي أنا لا أجد مبررات لعدم ارتباطي حتى اللحظة وليس هناك أي إشكالية فكل إنسان يرغب بان يكون لديه عائلة قوامها المحبة والتعاون"، متمما وهو يبتسم : " ان شاء الله بلاقي بنت الحلال".

وعن مواقف المحزنة والمفرحة لم أعطه وقت ليتذكر موقفه الحزين فسرعان ما أجابني " وفاة والدي كان المحزن والأقسى لدي حيث توفي فجر الاثنين 3/نيسان 2006حيث كنت عائد من بريطانيا إلى غزة لزيارتهم وكانت رحلتي لا تستغرق الأربع أيام وأعود لأكمل دراستي  وكنت قد أتيت لأراهم وأطمئن عليهم وللأسف توفي والدي نتيجة إصابته بجلطة وأنا موجود أذكر تلك اللحظة جيدا كنت أتحدث إليه وكان بين يدي عندما فارق الحياة مازال ذلك المشهد قائم وأذكره تماما"، موضحا أن فقدان الأصدقاء من الأصعب علىه فاستشهاد صديقه إيهاب عبد الواحد وعلي أبو عفش كان فاجعة بالنسبة إليه.

وعن موقف مفرح مر في حياته يرى بسيسو أن تخرجه وحصوله على الدكتوراه كان المفرح لديه لان فترة تعليمه تخللها الكثير من التحديات الحصار من جانب .. ووالدتي التي كانت في غزة خلال العدوان على غزة رغم كل تلك الظروف كنت حريصا على ان أحصل عليها، متابعا: " وكم كنت أتمنى أن يكون والدي على قيد الحياة خصوصا أنني بدأتها في حياته 

وختم بسيسو حديثه الشيق المليئ بالإثارة والأحداث متمنيا أن تصبح فلسطين حرة وأن يتم التنقل بين سائر محافظات الوطن بحرية لا سيما بين رام الله وغزة : "فبعد كل ذلك الإغتراب من حق  الإنسان ان يعيش في وطنه حرا".