قيادة مركزية اسمها " الوهم"

قيادة مركزية اسمها " الوهم"
كتب خاص لدنيا الوطن
د نبيل عمرو
اكثر ما يستفزني وبالتأكيد يستفز معي عددا كبيرا من المواطنين الفلسطينيين ، هو استمرار ظاهرة التنكيل بوحدة الشعب الفلسطيني، وتغطية هذه الظاهرة بعبارة واحدة لم تتغير طيلة الاف الايام التي مرت على الانقسام .

فان جرت تفجيرات واسعة النطاق في غزة مثلا ، يسارع الناطقون الى القول ان هذا العمل يضر بالمساعي المبذولة لانهاء الانقسام ، واذا اجتاحت غزة والضفة حملات اعتقال متبادلة يخرج ذات الناطقين ليقولو ان هذه الاجراءات تضر بالمساعي المبذولة لانهاء الانقسام .

ولو استقل فريق بسياسة معينة واقام تحالفات مع قوى خارجية على حسابه الخاص ووفق اجنداته المضمرة ويتم انتقاد هذا السلوك يخرج الناطقون لتفسير السجال حول هذا الامر بانه يضر بالمساعي المبذولة لانهاء الانقسام .

هذه الجملة العزيزة على قلوب الناطقين ظناً منهم انها تدين الطرف الاخر وتعريه شعبيا، اصبحت لفرط تكرارها ليست مملة فحسب  بل استفزازية وكريهة ومنفرة.

ان المواطن الفلسطيني حسن النية والذي يفهم الوطنية ببساطة وبديهية واخلاص، لم يرى منذ اليوم الاول لوقوع الانقسام جهدا حقيقيا مقنعا لانهاءه، وبالتالي ما هو مغزى القول بان ما يتم من سجالات لا تتوقف واقتتال متبادل يفتر قليلا ويثور طويلا يؤدي الى انهاء او الى الاضرار بالجهود المبذولة لانهاء الانقسام .

لم يعد تكرار هذه العبارة مجرد تعبير عن تغطية الشمس بغربال ، بل انه في واقع الامر اكثر مظاهر استغباء الطبقة السياسية الفلسطينية للجمهور الفلسطيني ، ووكأن هذا الجمهور ليس امامه الا تصديق ما يسمع والامتثال لما يقال.

اننا على مدى ثمانية سنوات واكثر نعيش مكرهين تحت قيادة هذه الجملة الوهمية ، وكلما ارتفع صوت يدعو الى بذل جهد حقيقي من اجل وحدة الوطن ، يتصدى له المتاجرون بهذه الجملة والناجحون تماما وبامتياز في ادامة الفشل وتسويقه .

 وبعيدا عن هذه الجملة التي يعشقها الناطقون الرسميون باسم الانقسام ، فهنالك امر اخر اشد فتكا بالمنطق وهو اليقين المتعمق في نفوس هؤلاء القادة من ان ما يحققه الانقسام من مزايا اعلى واهم بكثير من مزايا الوحدة، فبدون الانقسام المستديم اين يذهب جيش النجوم المتربعة داخل استوديوهات الفضائيات ، وكيف يؤمّن اقطاب الانقسام مجالات نفوذ تبدأ على مستوى الوطن كله وتنزل درجة درجة لتصل الى المدن والقرى والحارات والعائلات والافراد .

هنالك تبسيط مقصود للكارثة الافدح التي تلفنا بويلاتها وتهدد قضيتنا الوطنية بالاندثار ، وهذا التبسيط يتم بلغة ساذجة تنطوي على خبث شديد بغرض التمويه على عشق الاجندات الخاصة لمزايا الانقسام ، فها نحن نتحاور ونتشاور ونتهاتف ونجتمع في هذا الفندق او تلك العاصمة ، وهذا يكفي وعلى المواطن البسيط والملتزم بعمق بوطنيته ومفاهيمه الصافية لها ان يصدق ما يقال له وان يتعاطف مع المحاولات المبذولة لانهاء الانقسام ، تلك المحاولات التي لم لا وجود لها .

التعليقات