زكي نسيبة يحاضر في المجلس الرمضاني لولي عهد ابوظبي :«أبوظبي بين الأمس واليوم .. انطباعات شخصية»

زكي نسيبة يحاضر في المجلس الرمضاني لولي عهد ابوظبي :«أبوظبي بين الأمس واليوم .. انطباعات شخصية»
رام الله - دنيا الوطن
جمال المجايدة - القي زكي أنور نسيبة، المستشار الثقافي في وزارة شؤون الرئاسة الاماراتية ، محاضرة بعنوان «أبوظبي بين الأمس واليوم انطباعات شخصية» في المجلس الرمضاني لولي عهد ابوظبي سلط خلالها الضوء على سيرة ومسيرة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، وعلى جوانب من شخصيته العبقرية الفذة.

وشهد المحاضرة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وعدد كبير من الشيوخ والوزراء وكبار المسؤولين في الامارات .

وأشار المحاضر إلى أن جامعة هارفارد بصدد إعداد مساق خاص حول مهارات المغفور له ، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان التفاوضية، ليدرس في كلية العلاقات الدولية لإدارة الأزمات.

وتناول نسيبه خلالها عدداً من المحاور، والتي تضمنت الأجواء التي واكبت المرحلة الأولى من المفاوضات لإقامة الاتحاد خلال الفترة من 1968 إلى 1971، والعراقيل الرئيسية، والتي كان المحاضر قد عاصرها في تلك الفترة، كما تناول الحياه في أبوظبي في الستينيات من القرن الماضي وقارنها بالحاضر المعاش، إضافة إلى المكونات الأساسية للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ، ودورها في إنجاح تجربة الاتحاد.

كما سعى المحاضر إلى استخلاص العبر العامة من تجربة الإمارات خلال الـ 50 سنة الماضية، كما استعرض تجربته في الترجمة مع المغفور له باعتباره مترجمه الخاص، وكذلك الخصائص التي استخدمها في لغته في مخاطبة الآخرين، كما لفت المحاضر إلى تجارب المغفور له مع ثقافات وحضارات العالم المختلفة، في جولاته ولقاءاته مع الرؤساء والملوك، والشخصيات العربية والأجنبية. حلم وحقيقة وأشار المحاضر إلى أنه في العام 1961 وأثناء جولة الشيخ شخبوط رحمه الله، خارج البلاد يذكر السكان كيف أن الشيخ زايد، رحمه الله، بدأ على وجه السرعة بشق طريق من الكنكري والجار أراد به ربط المدينة بمنطقة المقطع، وظن الجميع آنذاك أن هذا حلم وضرب من الخيال، وسرعان ما توقف المشروع الطموح، وطُمست معالمه في الرمال المحيطة به، حتى جاء يوم أصبح فيه هذا الخط الرفيع في الرمال الشارع الرئيس في مدينة عصرية، كما خطط له المغفور له الشيخ زايد بن سلطان، كما نرى دولة استطاعت أن تبنى في فترة قياسية مجتمع الرفاهية والتقدم متألقة بذلك بين الشعوب والأمم، وقد تبوأت في العديد من المجالات مركزاً ريادياً على الساحتين الإقليمية والعالمية، وقامت بدور مسؤول فاعل على المسرحين العربي والدولي، وتُعد اليوم من أهم مراكز الثقل المالي والاقتصادي والمعرفي في العالم. زايد يضيء شمعة الأمل .

وأشار زكي نسيبة إلى معاصرته لآلاف من الحالات التي استطاع فيها الشيخ زايد بن سلطان أن يضيء شمعة أمل وبهجة في حياة كل محتاج أو منكوب، سواء كان طفلاً أو أسرة أو شعباً بأكمله، وعلى سبيل المثال لا الحصر، مع العديد من الدول الشقيقة والصديقة، ومع مئات المرضى في مستشفيات سويسرا وأميركا ولندن، حيث نزل ، الشيخ زايد بن سلطان له، فأمر بدفع نفقات كل محتاج منهم، ومع الرئيس كارتر الذي تعاون معه في أعمال خيرية في أفريقيا، موضحاً أنه لم يزر قرية نائية أو مدينة صغيرة هناك دون أن يلقى فيها عملاً خيرياً كمدرسة أو مستوصف أو ملجأ أيتام كان الشيخ زايد بن سلطان قد تبرع به، حتى المنطقة الصحراوية النائية في رحميرخان، كما لفت إلى مساندته أشقائه في مصر وسوريا في حربهم في سنة 1973 عندما استدان الشيخ زايد رحمه الله، من البنوك الدولية أثناء زيارة له كنا نرافقه فيها إلى بريطانيا كي يرسل المستشفيات والمولدات الكهربائية والمساعدات الإنسانية إلى جبهات القتال في سوريا ومصر. إيمان بالاتحاد وأعرب الشيخ زايد بن سلطان بنبرة واثقة في مقابلة تلفزيونية، عن قناعته الراسخة أن الطريق نحو المستقبل سوف يقوم على بناء الاتحاد، وذلك رداً على تصريح وزير بريطاني سنة 1968 بأن حكومته سوف تتخلى عن حماية الخليج. وقال إن ثقة الشيخ زايد رحمه الله، المطلقة بإمكانية قيام اتحاد يلبي احتياجات المنطقة في الأمن والاستقرار جعلته في سنة 1969 يبلغ موفداً بريطانياً من رئيس حزب المحافظين، أنه لا حاجة لحكومة جديدة وأن تؤجل الانسحاب العسكري، لأنه واثق من قيام اتحاد قادر على حماية نفسه بالتعاون مع الحلفاء والأصدقاء، وكرر المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان المقولة نفسها مع شاه إيران عندما عرض الأخير مساعدته العسكرية لنفس الغرض بعد قيام الاتحاد.

وأوضح نسيبة، أن الشيخ زايد رحمه الله، ذكر أنه توجه بعد الإعلان البريطاني مباشرة ليقابل الشيخ راشد، ويبلغه بضرورة تشكيل الاتحاد، وقال، إن الشيخ راشد رحمه الله، وفي أول رد فعل له أبلغه: «يا شيخ زايد كيف نبني دولة تكفل حماية الأمن والاستقرار؟ أين نجد شرطة وجيشاً لهذا الاتحاد؟»، فأجابه زايد: «لدينا المال، ولدينا العزم ووحدة المصير، وسوف نجد الرجال». وشدد المحاضر على ضرورة تسليط الضوء على نقطتين مهمتين من تاريخ الدولة، وقد التبسا على الكثير بالنسبة لتلك المرحلة التأسيسية، الأولى، اعتقاد البعض أن بريطانيا كانت وراء فكرة إقامة دولة الاتحاد، مؤكداً أن الحقيقة هي غير ذلك. وشدد المحاضر على أن المحرك الرئيس لفكرة الاتحاد والقائد التاريخي الذي أتى به القدر في لحظة مصيرية هو بدون شك المغفور له بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان الذي كان يسير في ذلك على خطى الشيخ زايد الأول، وكان قد عبر في حديث له مع وليام لوس في مدينة العين منذ سنة 1964 عن رغبته في إقامة اتحاد بين الإمارات السبع، لكن رد الفعل البريطاني كان غير مشجع، على العكس، وبدأ بعض المراقبين الإنجليز ينظرون إلى صعود نجم زايد كعائق في وجه التعاون بين إمارات الساحل. وقال نسيبة: «بالنسبة للموقف البريطاني الرسمي، تكفي الإشارة إلى بعض الوثائق التي حذرت من ابتكار كيانات سياسية «خارج إطار ما يُمكِن تحقيقه عملياً»، لذلك وحده الشيخ زايد رحمه الله، من بين قادة المنطقة، كان يؤكد على ثقته بإقامة الاتحاد بالرغم من أن معظم مراكز القوى الداخلية والخارجية آنذاك كانت تعارضه، وتضع العراقيل أمامه، وتشكك بجدواه برغم القبول الظاهري له حتى من بين بعض المقربين منه. لقاء زايد وراشد الثنائي نقطة البداية نحو الاتحاد قال المحاضر إن المفهوم الخاطئ الثاني هو أن الاتفاق الثنائي وإعلان دبي 1968 مهدا الطريق بيسر وعلى وجه السرعة لقيام دولة الاتحاد والحقيقة أن هذا الاتفاق لم يكن سوى نقطة بداية لمسيرة طويلة وشاقة كانت تهدد كل لحظة بالانهيار، وتطلبت من الشيخ زايد جهوداً جبارة بما عرف عنه من صبر وحكمة يبذلها مع الآباء المؤسسين ومع دول الجوار قبل وبعد إقامة الاتحاد، وبرغم كل ذلك بقيت توقعات معظم المراقبين والدبلوماسيين لتلك الفترة التي استمرت حتى نهاية السبعينيات بأن هذا المشروع لن يتحقق له النجاح ولفت إلى أنه في نهاية فترة الخمس سنوات الأولى، أعلن المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان رغبته بعدم التجديد لولاية جديدة كرئيس للاتحاد، وشكا من هذا الوضع في حوار علني نظمناه آنذاك مع الصحافة، وسافر بعد ذلك مباشرة وعاد إلى البلاد، حيث شهد مطار أبوظبي زحف آلاف المواطنين تطلب منه العدول عن الاستقالة، ومرة أخرى تم التغلب على هذه الأزمة المصيرية، وبدأت بذلك مسيرة جديدة من التعاون الوثيق، وأصبح العالم لأول مرة يشعر أن الاتحاد قد تخطى سنوات الخطر.