لكل وزير كبير ولكل كبير هدف ..

لكل وزير كبير ولكل كبير هدف ..
كتب غازي مرتجى

(1)

غريب هو الحال الفلسطيني الذي يتحكّم به العلاقات الشخصية والعائلية والصداقات والمُجاملات حتى في قضايا تعتبر مصيرية لقضية عانت ولا زالت منذ عقود .. "قيادي" يعمل ليل نهار لا يكل ولا يمّل من محاولة افشال جهود الحكومة الفلسطينية رغم انه من أشرف على تشكيلها فقط بسبب حديث تلفزيوني ولضمان عدم ضياع "الحق" العائلي في الوزارة .

وفي سيرة الوزراء فإنّ "وزيرا" في الحكومة اعتمد شقيقه سفيراً في إحدى الدول الهامة ولا يزال وزيراً وسيظل أيضاً ..!

أسبوعان خسرت فيه بعض القيادات الفلسطينية وقتاً اضافياً لأداء مزيد من العبادات في شهر الصوم وانبرت مندفعة نحو المطالبة بتشكيل حكومي جديد لعلّ وعسى يُمكّنهم هذا التعديل من الوصول إلى منصب وزاري ..

القيادة الفلسطينية مُطالبة بإنهاء هذه المهزلة فوراً فإما الاعلان رسمياً عن حل الحكومة انتظاراً لحكومة جديدة ولتبقى الحالية حكومة تسيير أعمال أو تجديد الثقة بها وإعطائها مزيدا من الصلاحيات والمهام التي قد تتمكن من إنجازها في حال توفرّت النوايا الصادقة لدى الأطراف المعنية .

انّ بروز الخلافات  علناً عبر الاعلام  قمة المهزلة وتجاوزها لم يكُن بالأمر الهيّن وابقاء الوطن في حالة "حيص بيص" لن يفيد اي جهة بقدر ما يعطل اي جهود حقيقية للاستمرار نحو أسس الدولة .

يجب أن يختار اعضاء الحكومة رئيسها .. سواء كانت جديدة او في حال تم اقرار التعديل  , حتى نتمكّن من مُحاسبته في أي سقطة فهو المسؤول أمام الجميع عن مخالفات وزرائه ..

أما الآن فلكل وزير "كبير" .. ولكل "كبير" هدف .. وقليل ٌ من يهدف لبناء "وطن" ..  

(2)

على مدار شهر كامل تقريباً انتهت الحلقات المخصصة لمناقشة قضية "خلافة الرئيس"  ما لها وما عليها مع سيناريوهات متوقعة واحتمالات بُنيت على أساس "تحليلي تنبؤي" مع مداخلات من عدة اتجاهات مختلفة منها ما برز اسمه في التحقيق وآخرين رفضوا ذكر اسمهم واكتفوا بتزويدنا بالمعلومات نظراً لحساسية الأمر .

ردود الفعل أجمعت على خطورة المرحلة المقبلة في حال شغر منصب الرئيس أو حتى تنفيذ الرئيس لتهديداته بعدم الترشح للانتخابات القادمة في حال أُعلن موعدها , ونظراً لحساسية تناول بعض السيناريوهات والمُخططات التي تُطبخ في الغرف السريّة أو في التجمعات الدولية والاقليمية كان لا بُدّ من حجبها بصريح العبارة واكتفينا بدق جدران الخزّان كمرحلة أولى لعلّ المعنيين ينتابهم "الخجل" من أنفسهم عندما يرون حجم المأساة التي تنتظر القضية الفلسطينية في حال حصل مكروه للرئيس .

"حسن عصفور" الكاتب المقرب من محمد دحلان تناول في مقالٍ ما تطرقّت له دنيا الوطن وأعاد تفسير الماء بعد جهد بالماء .. وألقى باتهامات مُبطنة لكاتب التحقيق أنّ ما طُرح لم يتجاوز "آمال" الكاتب معتبراً انّ وراء التحقيق أهداف شخصية .

لا أعرف كيف توصّل "عصفور" لهذه النتيحة الاتهامية على الرغم أنّ السيناريوهات التي طُرحت وحتى الأسماء التي نُشرت كانت مستندة الى تقارير غربية من وكالة رويترز وتقارير إسرائيلة اخرى .. عدا عن ذلك لم يُرجح كاتب التحقيق اي من السيناريوهات ولم تكُن نسبة أي شخصية مطروحة تزيد عن الأخرى سوى بعدد الكلمات والتعريف -ربما- وتُرك مجال النقاش حول الاسماء مفتوحاً ونهاية الحلقات كانت بتوصيات وُضعت بين يدي الرئيس أبو مازن ليتحمّل المسؤولية التاريخية لضمان عدم الوصول الى المرحلة السوداوية المُنتظرة .

لن أُطيل كثيراً حول مقال السيد "عصفور" وإن كنت أنظر بأهمية قصوى لما طرحه في مقاله فهو شخصية سياسية قبل ان تكون اعلامية وكنت اتمنى منه الخوض في تفاصيل التفاصيل بدلاً من تفسير المُفسّر مع ضمان الابتعاد عن الآمال الشخصية والرأي الواحد ونبذ الخلافات المعروفة لضمان الوصول الى السيناريو الأقرب .. قُل الأفضل للقضية الفلسطينية .

انّ حديث السيد عصفور عن ضرورة البدء بأسس الدولة الفلسطينية لانتهاء مرحلة "السلطة" واستغلال القرار الأممي الذي يُمكن السلطة ومؤسساتها من التحول الى دولة .. كلام في محله الصحيح ولا يُمكن الافتراض بأنّ ما يمنع التحول الى دولة هي اجراءات الاحتلال فهي لم ولن تتوقف قبل وبعد الدولة .

الوصول الى دولة وتحديد مؤسساتها وعناصرها الاساسية مع ضرورة الفصل بين المناصب -وهو احد السيناريوهات المطروحة على لسان سفيان ابو زايدة- أمرٌ لا بد منه وواجب التنفيذ ومن الضروري اعادة تفعيل اللجنة المشكلة لصياغة دستور دولة فلسطين ولِم لا يتم توسيعها بحيث تشمل عدداً أكبر من المختصين قانونياً ومن كافة الفصائل والأحزاب الفلسطينية .. على غرار لجنة صياغة الدستور المصرية .

الحديث عن ما هو واجب ومطلوب يطول , فالأمر ليس بهيّن ويحتاج لتكاتف الجميع وتوافق الكل الوطني وصياغة ميثاق شرف بتحييد كل الخلافات نحو الوصول الى ما يطمح له الشعب الفلسطيني ...