الدستور العراقي الدائم بين النظرية والتطبيق"

الدستور العراقي الدائم بين النظرية والتطبيق"
رام الله - دنيا الوطن
بحضور حشد من الاكاديميين ووسائل الاعلام والنشطاء المدنيين والسياسيين، عقد مركز المعلومة للبحث والتطوير وبالتعاون مع مؤسسة فريدريش ايبرت الالمانية، مؤتمرا بمناسبة مرور 10 اعوام على كتابة الدستور العراقي الدائم في 2005، وذلك يوم السبت الماضي 30 ايار 2015 وعلى قاعة الاقواس في فندق بغداد الدولي.

المؤتمر بدء بكلمة ترحيب بالحضور، من ثم جرى تقسييم المؤتمر الى اربعة جلسات كل جلسة نوقش فيها احد المحاور الاتية: ( اشكاليات دستور 2005 وأثرها على الاستقرار السياسي في العراق، اشكالية المساواة وتكافؤ الفرص في الدستور العراقي لعام2005، الجانب الاقتصادي في دستور 2005، فصل وتنازع السلطات - السلطة التنفيذية والتشريعية ( اشكالية المركز والاقليم) في دستور 2005)، البداية كانت مع مناقشة الجانب الاقتصادي للدستور، حيث قدم الخبير الاقتصادي الدكتور ماجد الصوري ورقة حول هذا الموضوع اوضح فيها ان الدستور، والقوانين التي صدرت، تتناول الكثير من المجالات الاقتصادية، تهم السياسة الاقتصادية، وإدارة أموال العراق، فضلا عن توضيح المسؤوليات والصلاحيات. إلا أنه وللأسف الشديد لم يتم الالتزام بها أو تنفيذها، وبقيت الموازنة العامة للدولة، موازنة بنود شكلية. فلم يتم ربط الموازنة بخطط التنمية ولا بمؤشرات الاقتصاد الكلي، وانصبت الإجراءات الاقتصادية، بدافع التوسع الانتخابي، على تضخيم عدد العاملين في الدولة، بما في ذلك القطاعات الإنتاجية، مما أدت إلى فشل في هذه القطاعات، وفي نفس الوقت تدني إنتاجية الموظف العراقي إلى 10 دقائق فقط، من أصل 8 ساعات عمل.

من جانبه اوضح المنسق العام للتيار الديمقراطي الاستاذ رائد فهمي انه الى الآن لم يتم تقديم الحسابات الختامية لميزانيات العراق، وكشف التدفق النقدي، ولا توجد شفافية في عرض الموازنة أو في الكشوف المالية المتعلقة بها، وكذلك هناك عجز كبير في تنفيذ الموازنة الاتحادية سواء الاستثمارية، التي تراوحت بين 35 و50 %، أو التشغيلية التي تراوحت بين 78 و 88%، على مر السنين من 2005 وحتى 2014، وانتشر الفساد الإداري والمالي إلى درجة كبيرة.

اما في المحور الاخر "اشكالية المساواة وتكافؤ الفرص في الدستور العراقي لعام"2005، فقد قدمت الدكتورة همسة قحطان استاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، ورقة بهذا الخصوص قالت فيها: يرى البعض ان كثيرا من مواد الدستور خاصة تلك التي تتعلق بالمساواة بين المرأة والرجل، ستظل حبر على ورق في ظل بيئة عراقية، لاتزال تخضع لهيمنة المجتمع الاهلي ( التقليدي )، بقيمه التي تتعارض مع المجتمع المدني بثقافته الحديثة الفاعلة، فهي تحتاج الى وقت طويل لاستيعابها، فضلا عن الحاجه الى اعادة النظر في التنشئة الاجتماعية والسياسية الحالية، لتنمية قيم المشاركة والمساواة والمواطنة.

من جانبه تحدث رئيس الجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الانسان القانوني محمد السلامي، عن معوقات تحقيق مبدأ المساواة وهي لا تزال بعض نصوص الدستور التي تعد ضامنة لمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص بين العراقيين لم يتم تفعيلها كما هو الحال في المادة (107) التي تنص على تأسيس مجلس يسمى مجلس الخدمة العامة الاتحادية يتولى شؤون الوظيفة العامة الاتحادية، يضمن العدالة في توفير الوظيفة العامة لجميع العراقيين بالتساوي وهو ما لم يشرع حتى الان، وتشويه الكتل السياسية المتنفذه واحزابها الرئيسيه لمفهوم التوازن من خلال نهج المحاصصة الطائفية والاثنية واحتكار مواقع السلطة المتنوعه، وبضمنها الهيئات المستقلة على حساب الكفاءة والمهنية والنزاهة والعدالة بصورة تتنافى مع مواد الدستور.

وأضاف: " صعوبة تعديل الدستور خاصة في ظل التقاطعات والاختلافات الكبيرة والمستعصية، بين النواب والوزراء بحيث انها تمنع اي حديث عن إمكانية تعديل الدستور"، مشيرا الشروط الصعبة التي وضعها المشرع لامكانية تعديل الدستور في المستقبل.

اما في الجلسة الثالثة والتي نوقش فيها محور اشكاليات دستور 2005 وأثرها على الاستقرار السياسي في العراق، حيث قدم الباحث عبد العزيز العيساوي ورقة بهذا الخصوص، اوضح فيها ان الدستور كتب في مرحلة انتقالية لم تتبين فيها ملامح العراق بعد التغيير، الذي حدث عام 2003، وفيه عدد من المواد الغامضة التي تحتاج لتفسير يقنع جميع الاطراف، الامر الذي يضع على عاتق القوى السياسية الكبيرة مسؤولية العمل بجد لتعديل بعض المواد الدستورية القابلة للتأويل.

من جانبه قال القانوني وعضو مجلس المفوضين الاسبق في مفوضية الانتخابات والمستشار القانوني في مشروع الاصلاح الاداري العراقي (ترابط) الاستاذ عادل الللامي ان احدى المشاكل الدستورية والتي تؤثر على استقرار النظام السياسي في العراق، هي قانون الانتخابات والذي يتم تغييره قبل كل انتخابات،  وهنا يجب صياغة قانون انتخابات جديد يتلاءم مع الاوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في العراق ويمتاز بالثبات، ويضمن وجود المرشحين المستقلين والكيانات السياسية الصغيرة في السلطتين التشريعية والتنفيذية دون ان يضر بالكيانات السياسية الكبيرة.

وفي الجلسة الاخيرة والتي نوقش فيها محور فصل وتنازع السلطات - السلطة التنفيذية والتشريعية ( اشكالية المركز والاقليم)، قدم الباحث صادق رشيد ورقة بحثية بهذا الخصوص قال فيها :أقر دستور 2005 مبدأ اساسي في نص المادة (1) هو اتحادية الدولة العراقية وان نظام الحكم فيها برلماني ديمقراطي، وان هذا الدستور هو الضامن لوحدة العراق. ويعد ماورد في هذا النص اعتراف واضح على فدرالية الدولة العراقية اذ تنطوي عبارة اتحادي على ان السلطات التنفيذية والتشريعية فيها على مستويين الاول اتحادي والثاني على مستوى الاقليم او المحافظات غير المنتظمة باقليم، كما يفهم من النص ايضا ان صيغة الحكم هذه اختيارية وان عدم الالتزام بهذا الدستور يهدد وحدة الشعب والجغرافية كما ورد في مقدمة الدستور.

ومن جانبه قدم القانوني حسام الحاج ورقة بحثية قال فيها: اشارت المادة 116 من الدستور الى ان النظام الاتحادي في جمهورية العراق يتكون من عاصمة واقاليم ومحافظات لامركزية وادارات محلية كما اشارت المادة 119 الى انه يحق لكل محافظة او اكثر تشكيل اقليم في حين ان المادة 120 منحت للاقليم حق وضع دستور خاص به يحدد هيكل سلطات الاقليم، وصلاحياته، وآليات ممارسة تلك الصلاحيات، بشرط ان لا يتعارض مع الدستور الاتحادي في حين ان نص المادة 121 منحت سلطات الاقاليم حق ممارسة السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية باستثناء ماورد من اختصاصات حصرية للسلطات الاتحادية.

وفي ختام المؤتمر قدم عدد من الحضور مجموعة من الملاحظات والتوصيات التي ركزت على ضرورة تعديل فقرات الدستور الخلافية وهذا نتيجة نضال تخوضه منظمات المجتمع المدني والفاعلين في المجتمع، من اجل الوصول الى صيغة دستورية مناسبة تضمن استقرار الحياة السياسية في العراق.

التعليقات