مؤشرات انهيار اقتصاد قطاع غزة !!

مؤشرات انهيار اقتصاد قطاع غزة !!
بقلم/ حسن عطا الرضيع
باحث اقتصادي- غزة
شهدت الشهور الأخيرة وتحديداً بعد انتهاء العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة والذي عُرف بالجرف الصامد_ والذي أدى لاستشهاد أكثر من 2150 شهيد, وقرابة 12,000 جريح , إضافة لخسائر اقتصادية ومادية كبيرة تفوق إجمالي ما ينتجه فلسطيني غزة من السلع والخدمات بعدة أضعاف , ورافق ذلك ومع استمرار الحصار وتأخر عملية إعمار ما دمرته قوات الاحتلال_تراجعاً في الأداء الاقتصادي, تجلى أكثر بحدوث انكماش اقتصادي بنسبة 15% في العام 2014 قياساً بالعام 2013م, هذا الانكماش يعني حدوث ركوداً اقتصادي كبير استمر لشهور , وفي حال استمراره لشهور قادمة فإنه يمكن القول أن الاقتصاد في قطاع غزة ينتقل بخطوات سريعة لحالة من الكساد الاقتصادي وإغلاقاً للأسواق وإفلاس لمئات الشركات والمنشآت بسبب تراجع الطلب وتباطؤ الإنتاج وسينجم عن ذلك عملية انهيار اقتصادي سيسبقه تراجعا في أهم المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية ويمكن إبراز أهم المؤشرات التي يمكن التنبؤ بها والتي يمكن اختبارها خلال الشهور القادمة والتي يؤدي تراجعها إلى حدوث الانهيار الفعلي وهي كالتالي :
• معدل النمو في الناتج المحلي الإجمالي والذي بلغ معدلات سالبة في العام 2014 واستمرار التراجع في الإنتاج للعام 2015 من شأنه استمرار معدلات النمو السالبة لهذا العام , مما يعني استمرار تحقيق الاقتصاد الغزي لنمو سلبي ومستمر لفترة تزيد عن سنتين وهذا سينعكس على كل المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية, مما يعني أنه في حال ما استمر النمو السلبي للعام 2016 فإنه يمكن القول أن العام 2016 سيشهد انهياراً في عدداً من الأنشطة الاقتصادية الرئيسية وأهما تراجع الطلب الكلي الفعال بشقيه الاستهلاكي والاستثماري , وتراجع في الإنتاج الزراعي , وحدوث نمو سلبي في ما تبقى من الإنتاج الصناعي, وتفاقم العجز في الميزان التجاري حيث سيشهد قطاع غزة شبه انعدام للتصدير مقابل ارتفاع في وتيرة الاستهلاك بسبب غياب شبه تام للإنتاج المحلي.
• ارتفاع معدلات البطالة وفقاً لما جاء بتقرير البنك الدولي, فقد بلغت معدلات البطالة 43% وارتفعت عند الشباب إلى 60%, تلك النسبة تعد الأعلى عالمياً, وفي الواقع فهي تزيد عن ذلك بكثير , هذا يعني أن أكثر من نصف القادرين والراغبين في العمل لا يعملون, مما يعني أن الاقتصاد تُستنزف قدراته وارتفاع تلك المعدلات في هذا العام والعام القادم بسبب حالة تفاقم الكساد وحدوث انهيار في عدداً من الأنشطة من شأنه أن يضغط أكثر على الواقع المعيشي والحياتي لنسبة كبيرة من أهالي غزة, وهذا ينذر بكارثة إنسانية حقيقية ستتجلى أكثر بارتفاع معدلات الفقر والحرمان والاعتماد شبه الكلي على المنح والمساعدات الإغائية , مما يعني تعطل جُل الطبقة العاملة وتشوه في أنماط الإنتاج, وسيادة أنماط جديدة من الاستهلاك المعتمد على المساعدات وعلى تسريب ما تبقى من مدخرات.
• معدل التضخم ما زال إيجابي ولا يؤثر كثيراً في النشاط الاقتصادي في قطاع غزة كونه لا زال سقفه لم يتعدى أل 4%, ولكن في ظل تراجع الإنتاج المحلي وتشديد الحصار في الوقت الراهن وعدم التخفيف من حدته في الشهور القادمة, فإن الاقتصاد الغزي في طريقه للعودة إلى مربع الحصار الأول والسيناريو الأسوأ هو ارتفاع معدلات التضخم لمستويات تفوق أل 4% مع معدلات بطالة تزيد عن 50%, وهذه الحالة ستنعكس بتأثيرات سلبية خطيرة جداً ستنعكس في ذوبان للثروات والمدخرات, وسيلجأ كبار التجار في هذه الحالة للاستثمار في الأراضي والعقارات , ورغم حالة الركود ستحافظ العقارات على مستويات معينة من الأسعار ولن تنخفض إلا بحدود متدنية جداً والسبب الاحتفاظ بها من قبل التجار من جهة, وازدياد الطلب عليها بسبب تأخر الأعمار من جهة أخرى.
• تراجع حصيلة السلطة الفلسطينية من إيرادات قطاع غزة حيث أن عائدات السلطة من غزة تشكل 13 % ، وإنفاق السلطة على قطاع غزة تبلغ 43 % من موازنتها , حيث بلغت
إيرادات السلطة الفلسطينية من ضريبة المقاصة 2,742 مليار دولار , وإيرادات غزة بلغت 356 مليون دولار, ونفقات السلطة الفلسطينية بلغت 4,2 مليار دولار, أما نفقات غزة فقد بلغت 1,8مليار دولار, مما يعني أن قطاع غزة لا يمتلك أدنى مقومات الاقتصاد, وبسبب ذلك فحتى في حال رفع الحصار بشكل كامل, وضخ المليارات للأعمار وللتنمية , فسيواجه مشاكل متعددة منها المرض الهولندي.
وفي الختام فكل المؤشرات الاقتصادية الكلية في قطاع غزة تنذر بإمكانيات كبيرة لحدوث كساد في بعض الأنشطة الاقتصادية, وحالة من الانهيار الاقتصادي في العام القادم في ظل ثبات الوضع القائم المتمثل باستمرار الانقسام, وتأخر الأعمار, واستمرار الحصار بالوتيرة الراهنة, وتراجع النشاط الزراعي و تراجع النمو الصناعي إن وجد أصلاً , وتباطؤ الطلب الكلي وتراجع حجم التجارة الداخلية, وتراجع الدور الحكومي في الرقابة والاستثمار الاقتصادي.