الدين والقبيلة ........والتخلف

الدين والقبيلة ........والتخلف
بقلم / المهندس نهاد الخطيب                                          

مهندس وباحث في العلاقات الدولية

         المتابع لكتابات المفكرين الأمريكيين الكبار مثل صاموئيل هنتنغتون أو تلميذه فرانسيس فوكوياما أو هنري كيسنجر أوحتى توماس فريدمان ، لا بد أن يلاحظ أن  رؤاهم حول ما يحدث في العالم ماضياً وحاضراً ومستقبلا ، تتميز ببعد كوني ، ربما في تناظر يماثل ما قاله كارل ماركس في بدايات القرن العشرين في سياق مختلف من أن أفكار الطبقة الحاكمة هي الأفكار الحاكمة.

       ناقش كل هؤلاء وبالتأكيد أخرون ، أسباب تخلف المسلمين والحضارة الاسلامية عن اللحاق بركب الحضارة الحديثة ، وكان هناك اجماع بينهم على أن العقلية القبيلية والدينية السائدة عند تلك الشعوب هي السبب في ذلك، وأن الدولة الوطنية هي السبب في تقدمهم حيث تسود فيها قيم الحرية والمساواة ويتم تكريس جدارة الفرد، وجدارة الفرد هو المبدأ الذي تمسكت به الحكومة السنغافورية في الإعلان الوطني الذي وضع أسس التطور الهائل الذي حققته سنغافورة ، وهو يشير الى قيمة معيارية أن الطريق الذي يسمح فيه للفرد  بالصعود على السلُم الإجتماعي ،هو كفاءته ونزاهتة دونما أي اعتبار لعوامل أخرى مثل القبيلة أو الدين .

        يحمل هذا المبدأ في ثناياه ميكانزم يؤدي الى أن أفضل العناصر في المجتمع هي التي تصل الى المواقع القيادية والحساسة ،وهذه برأينا أفضل السبل للنهوض بالمجتمع وتطويره ، وفي المقابل يمنع العناصر الضعيفة والفاسدة المتكئة على الحزب ، والقبيلة، والحشد الغوئائي مسلوب العقل والإرادة ،من التصدر لقيادة المجتمع نحو الفشل والضعف  .

       أنا أريد أن أتوقف قليلا ً عند مسألة الدين حتى لا نفهم خطأ ، فبإعتقادي أن الدين كان دائماً مصدر للأخلاق في كل الحضارات والمجتمعات وفي كل العصور ، وانعكاس الأخلاق الفردية على السلوك الفردي يؤدي الى مجتمع قائم على الأخلاق بكلياته،وبهذا نصل الى استنتاج بسيط أن إنسانية الإنسان لم تكن لتتكرس بدون القيم الدينية تحت شرط واحد ألا وهو أن نفهم مقاصد الشريعة الدينية ونصوصها كما تنزلت علينا ، ونحاول تطبيقها في كل الأزمان بما ينسجم مع اشتراطات المراحل الزمنية  والتي تشكل في مجموعها تاريخ الإنسان فالتعامل مع النصوص ومقاصد الشريعة في القرن الواحد والعشرين بعقلية صدر الإسلام والقرون القليلة التي تلته لا بد أن يؤدي الى صدام بين الأفهام والثقافات والأجيال ويؤدي الى فسيفاء حزبية كالتي نراها اليوم في واقع المسلمين المأساوي الذين لا يغادرون أخفض نقطة على منحني تطور الشعوب . وليقل لي أحدهم حجم الإختلاف العقيدي بين الجماعات المسلمة أو المتأسلمة هذه الأيام   بين الإخوان والسلفيين والجهاد والتحرير والدعوة  ....الخ  الخ .

          قد يسأل سائل ما مناسبة مثل هذا النوع من النقاش  في هذه المرحلة فلسطينيا ، والجواب أن المجتمع الفلسطيني عاجز ومشلول ومقسم بسبب القبيلة البغيضة التي تزج بعناصر فاسدة وغير كفؤة الى مراكز صنع القرار في المجتمع، والخلافات الدينية التافهة تضيف  مزيدا من التقسيم على المقسُم أصلا  ونعاني مزيدا من الضياع وأن الحل هو التمسك بالدولة الوطنية ووجدارة الفرد لعل الله يرحمنا  وشكرا للمثقين الأعداء ،الأمريكان ،  يرحمكم الله.