قال: هذه مفخرة .. في «روابي» المدينة - الحديقة!

قال: هذه مفخرة .. في «روابي» المدينة - الحديقة!
حسن البطل

زمان، كان يقال: الشوف مش مثل الحكي. هذا على لسان العامة. وكان يقال على لسان الخاصة: ليس من رأى كمن سمعا (شعر)!
الآن، صار العالم يأتي إليك لتراه، لكن هذا لا يغنيك عن «تلمسه» بعينيك أنت، وأن تسوح وتتجول فيه على قدميك. لعله الراهب الكاثوليكي توما الأكويني الذي لا يصدق ما يسمعه بل ما يلمسه.
في أول بداية مشروع مدينة «روابي» كتبتُ ما معناه أننا سنبني ما هو أجمل من مدن الكتل الاستيطانية اليهودية، مثل معاليه أدوميم وأضرابها. رئيس التحرير حذف المقارنة، لأن ما نبنيه في بلادنا غير ما يبنونه فيها.
زرت البدايات في روابي مرتين عابرتين، لكن في مرّة ثالثة غير عابرة، وقفتُ مع أصدقائي قدّام المسرح الكبير على الطراز القديم، وصدّقت ما قاله واحد منهم: هذه مفخرة!
مسرح يتسع لـ 15 ألف متفرج، يُحيط به جناحان سندسيان، ويحيط بهما جناحان من نباتات وشجيرات المشهد الفيزيائي الطبيعي والفطري الخلاب.
قال لنا دليلنا المتحمس: هناك قرب تل أبيب مسرح آخر لكنه يتسع لـ 2500 مشاهد.. وهكذا تفوقنا عليهم .. قلتُ!
اسمها «روابي» والمفردة رابية. إنها صديقة بيئة في المشهد الفيزيائي الفلسطيني، حيث التلال ترقص رقصة السماح الدمشقية مع الأفق.
في الإعلانات السياحية يقولون: زوروا الأراضي المقدسة، لكن زوروا، أيضاً، مدينة روابي، فلسطين المستقبل، أول مدينة فلسطينية حيث يصلك الغاز إلى شقتك، ومراكز التسويق، والمدارس، والمطاعم دون حاجة لأسطوانات الغاز. تصلك الفاتورة فقط.
أول مدينة يكون فيها خزانات مياه مركزية، دون حاجة لبراميل المياه على سطوح مبانيها. اول مدينة يبنون فيها مع المساكن منشأة لتدوير المياه المبتذلة بطاقة ٨٠٠ كوب يومياً، وإعادة استخدامها في السقاية للأشجار والحدائق .. ومنشآت للاستفادة التامة من مياه الأمطار. مدينة كل شيء جديد.
لبعض الفنادق الكبيرة أسماء مثل «هوليداي - إن» أي تتوفر فيها خدمات شبه كاملة، لكن روابي ليست عمارات أو أحياء جديدة، بل مدينة تسكن فيها وتعيش فيها، ويتعلم أولادك في مدارسها، ويؤدي المؤمنون الصلاة في جامعها أو كنيستها. الى مراكز ثقافية ومكتبات ومطاعم .. وحدائق أطفال وكبار، وجميعها تُبنى معاً. المجموع مدينة نوعية و«مفخرة» لبناء مدن فلسطينية جديدة.
بصراحة، وموضوعية أيضاً، فإن «روابي» الفلسطينية تَبزّ وتضاهي أجمل وأفضل ما بنوه على ارضنا من مستوطنات، ومن «مدن» استيطانية تبدو «غاشمة» و«تحتل» الأفق الفيزيائي لهذه البلاد.
المدينة، ايضاً، بمثابة ورشة «أكاديمية» لفنون البناء على اختلافها، من الحجر الى البنية التحتية، الى «مدينة ذكية» بوسائل الاتصال.
لكن سرّني جواب دليلنا عندما سألته عن جانب الأمان في الورشة الضخمة، وعن إصابات العمل، التي لا تتعدى، خلال اربع سنوات، ثلاث إصابات غير مميتة، فتذكرت انهم في الغرب يضعون إعلاناً على واجهة المباني الكبيرة: «سلامتك أولاً»!
من بداية المشروع، درسوا نوعية الصخور في المنطقة، ومدى ملاءمتها للبناء، دون حاجة لجلب حجر البناء من خارج المنطقة، ومع مطاحن للحجر لاستخدامه في صبّة الإسمنت وفي رصف شوارع المدينة، القادرة في نهاية المشروع على استيعاب ٤٠ ألف ساكن مقيم.
مجموع أحياء المدينة، بعد تعديل المخطط الهيكلي، هو ٢٥ حياً، بعد توسيع المخطط لضم ١٠٠٠ دونم جديدة، ولمراعاة الحاجات المستقبلية والاقتصادية والبيئية، وتصميم المساحات الخضراء، لتصير «روابي» أشبه بـ «سيتي-غاردن» أي المدينة - الحديقة.
اقترحت على بشار المصري، صاحب فكرة المشروع ورئيس الشركة المالكة والمنفذة، أن يبدأ حملة تسويق وجذب للمدينة، انطلاقاً من إحياء مناسبات في المدرج الروماني الكبير في المدينة .. تعال يا محمد عساف! وهنا نحتفل بقيام الدولة أيضاً.
في روابي نبني مدينة المستقبل، ودائماً كان إقامة المدن الجديدة يرافق إقامة الدول الجديدة، أو كانت تقام «برازيليا» بعد «ريو دو جانيرو» و«إسلام اباد» بعد روا لبندي، والقاهرة الجديدة بعد القاهرة ذات الـ ٢٠ مليون ساكن.
حسن البطل