يهودي متطرف اشترى منطقة "الكنيسة" بطرق وهمية وحولها للمستوطنين

يهودي متطرف اشترى منطقة "الكنيسة" بطرق وهمية وحولها للمستوطنين
صورة تعبيرية
رام الله - دنيا الوطن - وكالات
يكشف تحقيق أجرته صحيفة "هآرتس" حول منطقة الكنيسة المحاذية لشارع ستين في الضفة الغربية، على طريق القدس – الخليل، والتي يعمل المستوطنون على ترميمها لتحويلها الى بؤرة استيطانية مقابل مخيم العروب شمال الخليل ، ان جمعية امريكية يقف من خلفها المليونير الامريكي اليميني ايرفين موسكوفيتش وزوجته، تشيرنا، هي التي قامت بشراء منطقة الكنيسة وعملت على تحويلها بطريقة ذكية الى المستوطنين بمساعدة شركة وهمية.

وكانت "هآرتس" قد نشرت يوم الجمعة، ان الناشط اليميني وعضو بلدية القدس ارييه كينغ، الخبير في شراء ممتلكات فلسطينية، قام بشراء منطقة الكنيسة القديمة التي تصل مساحتها الى 38 دونما. وقبل عدة أشهر بدأ العمل لترميم الكنيسة والمباني المجاورة لها بهدف توطين المستوطنين فيها. وتم بذل جهود كبيرة لإخفاء هدف الترميم، بحيث لم يعرف العمال الفلسطينيين الذين يقومون بأعمال الترميم في خدمة من يعملون، ولم يعرفوا الا الشخص الوهمي الذي عرض نفسه باسم عمانوئيل وانه نرويجي يسعى الى ترميم الكنيسة. وقيل الأمر نفسه لضباط الجيش الذين وصلوا الى المكان لفحص ما يحدث.

وفي الأسبوع الماضي، ادعى مصدر في المجلس الاقليمي في غوش عتسيون، ان كنيسة اسكندنافية هي المالكة للكنيسة ومحيطها. وادعى المحامي ارييه سوخولوبسكي في تصريحات ادلى بها لوكالة الأنباء الفلسطينية "معا"، انه يمثل الكنيسة السويدية وان النشر حول نية المستوطنين الاستيطان في الكنيسة هو نشر كاذب. وقال: "الكنيسة هي التي تملك المكان، ونحن نقوم بترميمه لتحويله الى نُزل لخدمة اليهود والمسلمين والمسيحيين الذين يمرون في المنطقة". لكن تحقيق "هآرتس" يكشف الطريقة التي اتبعت لشراء المكان في سبيل تمويه هوية المالكين الحقيقيين وشكل نقل الكنيسة الى ملكية المستوطنين.

حتى العام 2008، كانت الكنيسة ومنطقتها تتبع لكنيسة مشيخية في بنسلفانيا تحمل اسم "The Independent Board for Presbyterian Foreging Missions". وقالت الراهبة جوهان دبانفورت، التي ادارت المكان، في محادثة هاتفية: "أقمت هناك، ولكننا قررنا وقف مهمتنا في إسرائيل لأنهم قالوا لنا في بيت لحم انه يوجد ما يكفي من المسيحيين المحليين ولا حاجة لنا". وقررت ادارة الكنيسة بيع الممتلكات، وتم في آذار 2008 تنفيذ الصفقة. وفي محادثة هاتفية مع الراهب كيث كولمان، مدير الكنيسة، والمتواجد في بنسلفانيا، قال انه تم بيع الكنيسة ومحيطها لشركة سويدية. وحسب اقواله فان الشركة هي مؤسسة كنسية مقرها في حيفا، وتم بيع الكنيسة لها كي تعيد ترميمها.

ومثل الجهة السويدية في الصفقة المحامي شلومو بن مناحيم، من القدس، والذي رفض التعقيب على الموضوع. ويتبين من فحص تاريخ الشركة التي تسمى "Scandinavian Seaman Holy land Enterprises"، انها شكلت غطاء هدف الى نقل ملكية المكان للمستوطنين. وقد تأسست هذه الشركة في ستوكهولم في عام 2007، وليس لديها مكاتب. وكان ممثلها الذي وقع على عقد البيع هو برونو فانيسكا، وهو زوج غيرو، الناشطة القديمة من اجل إسرائيل، والتي تملك منزلا في حيفا. وفي عام 2007 حصلت من متحف الكارثة "ياد فشيم" على وسام "نصير الأمم" لقاء ما قام به والدها من اجل انقاذ اليهود خلال الكارثة.

وتملك غيرو شركة نرويجية تنظم رحلات الى الأرض المقدسة، وحسب اقوال مصدر في الجالية النرويجية المسيحية في اسرائيل فإنها "امرأة مثيرة للانطباع ويمكنها تجنيد الكثير من الأموال، وهي تقدم الاموال للمستوطنات، وليس لديها أي مشكلة في تجنيد المال لصفقة كهذه".

وبعد قيام الشركة السويدية بشراء ممتلكات الكنيسة، قامت بتحويل الصفقة الى الادارة المدنية للمصادقة عليها، وتلقت تصريحا يؤكد اتمام الصفقة. وقامت الراهبة دبانفورت بإخلاء محتوياتها من المبنى وغادرت اسرائيل في عام 2010.

وبعد الحصول على ترخيص رسمي توقفت الشركة السويدية عن دفع الرسوم المستحقة عليها في السويد، فأمرت السلطات بتعيين شخص لتصفية ممتلكات الشركة. ولم تكن الشركة تملك الا المنطقة الكنسية على شارع القدس – الخليل. وتولى مهمة تصفية ممتلكات الشركة المحامي غوستاف كارديليوس، والذي رفض كشف الاجراءات التي قام بها لتصفية ممتلكات الشركة بادعاء التزامه بالسرية.

واجرت "هآرتس" اتصالا مع غيرو فانيسكا، فقالت "يوجد هنا عدم فهم" وأغلقت الهاتف. لكن غيرو رحبت بجهات اخرى توجهت اليها بشأن الصفقة للمساعدة، وقامت بتوجيهها الى المحامي سوخولوبسكي. وفي عام 2012، تم نقل الشركة السويدية لملكية "الجمعية الامريكية لأصدقاء افرست". ورغم اسمها الا ان هذه الجمعية تنشط في القدس الشرقية، وتحظى بتبرعات مالية من المليونير الامريكي اليميني موسكوفيتش وزوجته تشيرنا، ويدير هذه الشركة زوج ابنتهما، اورن بن عزرا.

ويتولى موسكوفيتش التمويل الرئيسي للنشاطات التي يقوم بها رجل اليمين ارييه كينغ لشراء ممتلكات في القدس الشرقية. وتملك الجمعية في القدس املاكا تقدر بحوالي 12 مليون دولار. وفي عام 2012، ابلغت الجمعية السلطات الامريكية بأنها غيرت أهدافها الى "امتلاك وترميم مبان لتقديم خدمات الإسكان والتعليم للمحتاجين في القدس، وضواحيها القريبة". ولم يرد كينغ على توجهات "هآرتس" في الموضوع، كما لم يعقب على الموضوع المحامي سوخولوبسكي.

وبعد قيام "هآرتس" بالنشر عن الموضوع يوم الجمعة، تم وقف العمل في المكان، وقامت الجهات المرتبطة بالموضوع بتبليغ الجيش بأنها لا تنوي توطين مستوطنين في المكان في الفترة القريبة.

يشار الى انه تقع شمال وجنوب هذه المنطقة اراضي دولة يمكنها ان تتيح توسيع هذه المستوطنة بشكل كبير. ففي المنطقة الشمالية تقع مساحة كبيرة من الأراضي تصل الى 500 دونم، وقامت اسرائيل في 2005 بمسحها مجددا، وتم تسليمها لمستوطنة مغدال عوز. وفي الجنوب تقع مساحة كبيرة من الأراضي التي اعتبرتها إسرائيل اراضي دولة، لأنها كانت تعتبر كذلك  منذ العهد الاردني في الضفة، وتتبع حاليا للمدرسة الزراعية في العروب. لكن الادارة المدنية اجرت مسحاً لها في عام 2008، ويمكن لإسرائيل ان تسيطر عليها. كما علم ان هناك خطة لشق شارع يلتف على مخيم العروب، ويسهل الوصول الى المستوطنة الجديدة.

التعليقات