رسالة "الزنّانات" في أجواء غزة ..!؟

رسالة "الزنّانات" في أجواء غزة ..!؟
رام الله - دنيا الوطن - احمد العشي
كثرت في الاونة الاخيرة تحليق مكثف لطائرات اسرائيلية بدون طيار والمتعارف عليها لدى المواطنون في قطاع غزة بـ"الزنانات"، في سماء القطاع وعلى مسافات قريبة، هذا و ان هناك معطيات كثيرة توضح  للكل فلسطيني ان خيار الحرب هو الخيار الاقرب للشعب الفلسطيني في قطاع غزة منها عدم التزام الحكومة الاسرائيلية بما تم الاتفاق عليه في القاهرة ضمن اتفاق وقف اطلاق النار من فتح للمعابر و رفع للحصار وفتح ميناء خاص بالفلسطينيين، ولكن يبقى السؤال كيف سيكون شكل الحرب القادمة؟؟ وهل هي استكمالا لحرب 2014 ؟

في هذا السياق اكد البروفسور ناجي شراب الخبر في الشأن الاسرائيلي ان تحليق الطائرات الاسرائيلية بدون طيار "الزنانات" المكثف في سماء قطاع غزة هي مؤشر صادر على ان الحكومة الاسرائيلية تمهد لسياسة التصعيد او لاستعراض القوة العسكرية، مشيرا الى ان تحليق طائرات الزنانات في سماء غزة هي رسالة  تذكير بالحرب الاخيرة.

و قال شراب خلال حديثه لـ"دنيا الوطن": ان استمرار تحليق هذه الطائرات هو رسالة واضحة لحركة حماس في ضوء ما تقوم به من تطوير للصواريخ واستمرارها في ترميم الانفاق، بالاضافة الى ان ذلك هو رسالة قوية بان اسرائيل على استعداد للذهاب الى خيار الحرب والمواجهة العسكرية الشاملة".

وبين شراب ان العلاقات التي تحكم قطاع غزة باسرائيل هي علاقات حرب يحكمها الخيار العسكري وليس اي خيار اخر طالما لم يتم التوصل الى هدنة متفق عليها، مفسرا ان ذلك يعني ان خيارات الحرب مفتوحة، لافتا الى ان الحرب الاخيرة على غزة لم تنته طالما لم يتم التوقيع على اتفاق تهدئة الذي يشمل رفع الحصار و فتح المعابر، على حد تعبيره

ووصف شراب الفترة الزمنية الحالية التي يعيشها قطاع غزة  بأنها فترة انتقالية تفرض التهدئة و التقاط الانفاس لكلى الطرفين، معتقدا ان الحرب القادمة ستكون اكثر كثافة و شدة وتدميرا خصوصا وان البيئة الاقليمية و الدولية تساعد اسرائيل للذهاب الى خيار الحرب.

وفي السياق ذاته قال شراب: "هناك اعضاء كثر في الحكومة الاسرائيلية الحالية يطالبون بالذهاب الى الحرب للقضاء على حركة حماس التي تدرك بان خيار الحرب لن يكون في صالحها ولن يكون في صالح الشعب الفلسطيني في غزة خصوصا في حالة الفقر والبطالة و التدمير فلا يعقل ان نذهب الى خيار الحرب حيث اننا نعاني من تداعيات الحرب الاخيرة".

و اضاف: "الحرب تحتاج الى بنية اجتماعية واقتصادية واقليمية وعربية وفلسطينية قوية حاضنة ومتوحدة و هذه غير متوفرة وبالتالي اعتقد ان الدفع باسرائيل الى حرب هذا يعتبر قرار جنوني، وبالتالي علينا ان نبحث في خيارات واولويات غير خيار الحرب ، وعلى من بيده القرار في غزة ان يدرك المحدد الجغرافي لغزة ودوره وان يدرك بان هناك 2 مليون نسمة في غزة يعانون من الفقر والبطالة يعني علينا ان نستدرك الامور و ان نتلافى كل المعطيات التي تذهب بنا الى خيار الحرب".

واعتبر شراب ان خيار الحرب ليس غاية في حد ذاته، وانما هو لتحقيق اهداف سياسية، مشيرا ان الحرب الاخيرة على غزة فشلت في تحقيق هذه الاهداف السياسية، لافتا الى ان غزة لن تكون امام خيار حرب تحقيق اهداف سياسية و انما امام انتحار جماعي.

وشدد شراب على ضرورة تقييم خيارات الحرب وليس خيار المقاومة، لافتا الى ان هناك فرق كبير بين خيار المقاومة و خيار الحرب.

وفي سياق ذي صلة اكد شراب ان قطاع غزة لم يعد مسئولية فلسطينية فحسب وانما مسئولية عربية ومسئولية دولية، قائلا: "علينا ان نوجه رسالة قوية الى الدول الاوروبية والعربية ان اي حرب قادمة على غزة سيكون لها تداعيات خطيرة على مستقبل القضية الفلسطينية وعلى المستوى الاقليمي.

و اضاف: " مسئولية الدول العربية والدولية تتمثل في انتزاع كل الاوراق التي تؤدي الى انفجار الوضع في غزة".

وأوضح البروفيسور شراب ان حركة حماس امام خيارين في هذه المرحلة الاول هو انفجار ذاتي بمعنى ان غزة تنفجر على نفسها وهو احتمال قائم في ظل الفقر والبطالة و تدني الظروف المعيشية للمواطنين، مشيرا الى ان هذا الخيار ليس في حسابات حركة حماس، مضيفا ان الخيار الثاني هو الذهاب الى الانتحار الجماعي وهو الاقرب الى السلوك السياسي لحركة حماس، خصوصا في ظل حكومة يمينية في اسرائيل فاقدة لبوصلتها السياسية على حد وصفه .

وحول استعدادات المقاومة لحرب جديدة اكد الخبير في الشأن السياسي ان وضع المقاومة ما قبل الحرب كان افضل مما هو عليه الان، مرجعا ذلك الى استمرار الحصار وغلق الانفاق وصعوبة الوضع الاقتصادي و الاجتماعي.

ورأى شراب ان من مصلحة اسرائيل في حربها القادمة هو استمرار الانقسام السياسي و بقاء الكينونة السياسية الفلسطينية في غزة. 

من جانبه اوضح الخبير في الشأن العسكري الفلسطيني اللواء واصف عريقات ان استمرار تحليق طائرات الاستطلاع تأتي في اطار طموح اسرائيلي لمعرفة ما يجري في قطاع غزة ، مبينا انها تقوم بمهمات ميدانية من استطلاع وتصوير ومتابعة، مضيفا انها جزء من حرب نفسية تشنها القوات الاسرائيلية على القطاع بهدف منع الحياة العادية للمقاومة الفلسطينية و الشعب الفلسطيني.

وفي ذات السياق قال عريقات: "عندما تحلق الطائرات الاسرائيلية في الاجواء الفلسطينية فان برامج التدريب و التطوير لدى المقاومة تتأخر اضافة الى انه من الممكن ان تدخل في اطار ملاحقة الاهداف و حينما يكون الهدف قد اصبح في الدائرة يقوموا بقصفه".

وراى الخبير العسكري ان الحكومة الاسرائيلية الحالية هي امتداد لحكومة بنيامين نتنياهو السابقة بل اشد تطرفا، موضحا انها اكثر رغبة في ان تقوم بعمل عسكري في قطاع غزة.

و حول قدرة اسرائيل على ضرب قطاع غزة قال عريقات: "هناك فرق بين القدرة والرغبة الاسرائيلية، فالقدرة الاسرائيلية الان محدودة و الخيارات الاسرائيلية بالعمل العسكري محدودة لان هناك مقاومة ستتصدى لاي عمل عسكري وستفشله، فهناك تجربة خاضتها المقاومة خلال العدوان الاخير على غزة حيث خلال 51 يوما لم تتمكن اسرائيل من التقدم سوى بضع مئات من الامتار في منطقة الشجاعية".

و اضاف: "اعتقد ان الحكومة الاسرائيلية غير قادرة على تحمل مسئولية قرار العدوان على غزة ولكن ربما تستطيع ان تأخذ قرار بأن تقوم الطائرات و المدفعيات و الدبابات بقصف مواقع محدودة و ايقاع خسائر في صفوف المقاومة الشعب الفلسطيني فتكون عبارة عن ضربات خاطفة ومحدودة، لان اسرائيل الان تبحث عن عمل عسكري يؤدي الى انجاز سياسي".

واشار عريقات ان هناك حدود لصبر المقاومة الفلسطينية و الشعب حول تنفيذ مطالبهم في اتفاق وقف اطلاق النار الذي وقع في القاهرة، لافتا الى ان كل عوامل الانفجار موجودة في قطاع غزة، موضحا ان الاسرائيليون انفسهم يتحدثون عن هذا الموضوع وهم قلقون من انفجار الوضع في غزة، على حد تعبيره.

و اعتقد ان الشعب الفلسطيني لن يبقى صابرا دون ان يكون هناك حلحلة ودون استجابة لمطالبه و اقلها رفع الحصار عن غزة.

و حول خيارات المقاومة قال اللواء عريقات: "بتقديري فان اسرائيل غير قادرة على اتخاذ قرار الحرب و انما ستقدم على اعتداءات محدودة وخاطفة وسريعة، فالمقاومة الفلسطينية لديها تجربة افضل من السابق و اسرائيل تدرك ذلك".

و اضاف: "صحيح ان ميزان القوة يذهب لصالح اسرائيل وانها تمتلك الطائرات و المدفعيات و الدبابات ولكن المقاومة الفلسطينية تمتلك الارادة التي لا يملكها الجندي الاسرائيلي و التي اثبتت من خلاله تفوقها".