عيسى يطالب بتخصيص فضاء اعلامي فلسطيني عربي لقضية القدس

عيسى يطالب بتخصيص فضاء اعلامي فلسطيني عربي لقضية القدس
رام الله - دنيا الوطن - احمد ابو سلمى
طالب الأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات، الدكتور حنا عيسى، وسائل الاعلام الفلسطينية والعربية، بمنح قضية القدس المزيد من المساحة في فضائها الاعلامي، مشيرا ان ذلك بهدف حشد التفاعل والتضامن الدولي لتوليد ضغط على حكومة الاحتلال لوقف انتهاكاتها ضد المدينة المقدسة وسكانها المخالفة للقانون الدولي. 

وقال، "القدس تتعرض يوميا لشتى للانتهاكات الاسرائيلية من للهدم والطرد والتهويد، ويهجر سكانها ويوطن مكانهم يهود متطرفين من شتى بقاع العالم. والقدس هي العاصمة العربية الوحيدة المحتلة، وهي مهد الديانات السماوية الثلاث، وهي مسرى محمد علية السلام وقيامة عيسى عليه السلام".

وأضاف أمين نصرة القدس، "القدس والإعلام ... مفردتان على قدر كبير من الأهمية والخطورة؛ فقد كانت القدس، على مرّ التاريخ، قطب الرحى، ومبعث الحرب والسلام، كيفما تكن حالها، تنعكس على حال الدنيا بأسرها. وكذلك الإعلام؛ له من الأهمية والخطورة ما يجعله أهلاً لاهتمامنا، وموضوعاً لدراستنا وبحثنا، حيث يقال: إن الكلمة كالرصاصة يمكن أن تقتل، كما أنها متى خرجت لا يمكن استعادتها ثانية".

وتابع، "الإعلام هو السلطة الرابعة، وهو منبر القوي والضعيف، وصوت من لا صوت له، وأداة حرب وسلم في وقت واحد، وهو سلاح نصرة الشعوب، وما القدس إلا قضية من قضايا الإعلام، يركز عليها تارة ويهملها تارةً أخرى، يبرز معاناتها وهول فجيعتها، يصور الذل والمهانة لأبناء شعبها، ينقل صرخات الله اكبر من على مساجدها، وترانيم أجراس كنائسها، هي حلقة من حلقاته، وبرنامج من برامجه، وخبر عاجل على أوراق صحفه ومواقعه".

وتساءل عيسى، وهو أستاذ وخبير في القانون الدولي، "هل تهميش قضية القدس عن الساحة الإعلامية هو بسبب عدم وجود أخبار وأحداث تستحق أن تذكر؟، أم بسبب بعدها الجغرافي واحتجابها بحيث لم يعد أمرها يعنينا كثيراً؟!، أم بسبب وجود قضايا أكثر أهمية منها!!!، ولا سيما الإقليمية، وقضايا التنمية المستدامة وأسواق المال، والمباريات والمسابقات". 

وقال، "كأنهم لا يدركون دور القضية الفلسطينية، والقدس جزء منها، في تشكيل الخارطة الوجودية للمنطقة بأسرها من حيث السياسة والاقتصاد والأمن والاستقرار، وغير ذلك مما يخطر ببالهم أو يعزب عنه!".

وأضاف، "في القدس تجري كل يوم أحداث مهمة كثيرة، ويكفي ما يتعرض له سكانها من تهجير وهدم لبيوتهم، حيث أصبح الاحتلال يسلم إخطارات بالهدم لأحياء كاملة بدلاً من أن يهدم بيتاً هنا وآخر هناك. والقدس ليست بعيدة عنا، إلا إذا كان ما قاله إميل حبيبي صحيحاً من أن "القمر أصبح أقرب إلينا من تينتنا القمراء". ولندن أقرب إلينا من القدس".

وشدد القانوني د. حنا عيسى، "ليس هناك ما هو أهم من العاصمة الدينية والسياسية التي تهود صباح مساء دون أن يحرك العرب ساكناً. فالجريمة التي ارتكبت بحق فلسطين وشعبها، وبحق المدينة المقدسة لجديرة بأن تظل فعالة تحرك النظام والمواطن على حد سواء، وتستصرخ الأمة صباح مساء حتى يتم تحريرهما، فإذا بدر ما يسترعي الانتباه ويستوجب الاهتمام أعطي حقه، ولكن ليس على حساب القضية".

وطالب وسائل الإعلام كافة الحكومية منها والخاصة، بالتخطيط ووضع اهداف واضحة وخطط ممنهجة ومتسلسلة،  كي تكون القدس على رأس أولويات الأنشطة والبرامج المختلفة فيها، إخبارية وثقافية وحتى ترفيهية، مبينا إن القدس مدينة سياحية عالمية، فإن ذلك يقتضي إنشاء بنك للمعومات تحشد فيه كل المعارف المتصلة بالقدس، مما يمكن أن نطلق عليه إسم "موسوعة القدس" أو بنك معلومات القدس"، مقترحا تخصيص جوائز لأبحاث موجهة تدور حول القدس، أومقاعد وبعثات دراسية للغرض نفسه.

وأشار، "العالم العربي بشعوبه وحكوماته يهتم باثار العدوان الإسرائيلي على الضفة الغربية وقطاع غزة، ونسي أو تناسي القضية الجوهرية واحتلال الأرض الفلسطينية وتهويد القدس الشريف، حيث أصبح الشغل الشاغل للأنظمة العربية وشعوبها إرسال القوافل الغذائية والمساعدات الإنسانية وجمع التبرعات لإعادة إعمار المدن والقرى، دون الالتفات لوضع هدف بتحرير الأرض وإعادة الاجئين إلى بيوتهم ومنازلهم، ومن هذه السياسة المتبعة أصبح الإعلام العربي من مسموع ومرئي ومكتوب بوقاً لنقل ونشر أخبار المساعدات والقوافل بأخبار سريعة لا تتعدى دقائق معدودة".

وقال القانوني حنا، "المتابع للنشاط الصهيوني التهويدي في القدس، يلاحظ أنه قبل الإقدام على أي عمل كبير، مثل هدم حي سكني، يعمد العدو إلى القيام بفعل ما، كعملية اقتحام لإحدى المدن مثلا، ليشغل العالم ـ المشغول أصلا ـ عن الجريمة التي يقوم بها. وهذا يستدعي أن يكون لمؤسساتنا الإعلامية عيوناً خلف رأسها أيضاً، لترى ما يجري أمامها وخلفها كذلك، وتعطي كل حدث حقه من التغطية دون أن يطغى أحدها على الآخر".

وانتقد  الانقسام الداخلي الفلسطيني، والتعصب الحزبي الذي يعصف مؤخراً بالشعب الفلسطيني، وما يرافقه من مؤتمرات ونقاشات وخلافات، وما لها من أثر في كل تفصيل في حياة الفلسطيني، ليصبح الإنقسام وأخباره، وتصريحات قادة حزب هذا وحزب ذاك، وجبات دسمة لوسائل الإعلام، تأخد من حيزها على حساب القضية وأصحاب القضية، وبالتالي تأخذ اخبار الاحزاب من حصة القدس وتهويدها، وهو ما يخدم بالنهاية دولة الاحتلال حيث قدمنا للعالم ما يلهيهم ويبعدهم عن القدس وما يجري فيها من تهويد وتهجير واحتلال.

وتحدث حول مسألة المصطلحات والعبارات التي يتم استخدامها في إعلامنا المحلي والعربي وانعكاس ذلك على الاعلام العالمي أيضاً، وما كان له من أثر سلبي على القضية الفلسطينية وقضية القدس. وقال، "عمل الاعلام المحلي والعربي بقصد أو دون قصد على ترسيخ الأداء اليهودي بأحقيتهم في القدس، وذلك من خلال الإنجرار إلى الترجمة الحرفية للإعلام الإسرائيلي، فترى نشرات الأخبار والمقالات والتقارير تعج بالعديد من المصطلحات الخاطئة، كالقدس الشرقية، والقدس الغربية، وأراضي عرب إسرائيل، فالموافقة على تقسيم القدس إلى شطرين شرقي وغربي نقر ولو بطريقة غير مباشرة بأن لليهود حق في مدينة القدس مثلهم مثل العرب الفلسطينيين أصحاب الأرض على حد سواء، وعند استخدام مصطلح "عرب إسرائيل" نقر أيضاً أن العرب أقلية في دولة يهودية ... وهو ما يعتبر خطئ قاتل يجب على إعلامنا العربي مراعاته وتصحيحه".

وأضاف د. عيسى، وهو دبلوماسي سابق في روسيا الاتحادية، "فصل القدس عن الضفة الغربية إعلاميا هو من المحاولات الاسرائيلية لترسيخ وضع خاص بالقدس يختلف عن باقي الأراضي التي احتلت معها في العام 67، ذلك الأسلوب في الحديث عنها، والذي يقوم على الفصل بين القدس والضفة، علماً بأن القدس جزء لا يتجزأ من الضفة، أو الفصل بين القدس والأراضي عام 67، رغم أن القدس احتلت معها في العام ذاته. وهذه المصطلحات تنطوي على تضليل إعلامي ومعرفي خطير. فالضفة لغوياً وجغرافياً تنطوي على القدس، وفصل القدس عنها يصب في فكرة تدويل القدس وفقاً لبعض قرارات الأمم المتحدة، أو توطئة لتقسيمها وفقاً لرؤية المحتل".

وتابع، "في تهويد حارات القدس وأحيائها ومعالمها، يتم استخدام مصطلح "حي اليهود"، والصحيح "حي أو حارة الشرف وحي المغاربة"، حيث كان أول عمل قام به اليهود بعد احتلالهم بقية مدينة القدس سنة 1387هـ ( 1967 م) هو الاستيلاء على حائط البراق، ودمروا حارة المغاربة، وتم تسويتها بالأرض بعد أربعة أيام من احتلال القدس، وبذلك دفنت جرافات اليهود تاريخ حارة وقفية إسلامية. وحارة الشرف حي كان يقطنه المسلمون في البلدة القديمة في مدينة القدس، ويقع بجوار حارة المغاربة حيث قام اليهود، بطرد أهلها عند احتلالها سنة1967 م، وأسكنوا فيها اليهود، وأدخلوها ضمن ما أسموها حارتهم، حارة اليهود !!".

وقال، " لماذا استخدام مصطلح " حائط المبكى" والصحيح "حائط البراق"، وهو الحائط الذي يقع في الجزء الغربي من جدار المسجد الأقصى المبارك، ويُطْلِقُ عليه اليهود اسم "حائط المبكى" حيث زعموا أنه الجزء المتبقي من الهيكل المزعوم، وتأخذ طقوسهم وصلواتهم عنده طابع العويل والنواح على الأمجاد المزعومة. وكان تجمع اليهود حتى عام 1519م قريبا من السور الشرقي للمسجد الأقصى قرب باب الرحمة، ثم تحولوا إلى السور الغربي، والثابت شرعا وقانونا أن "حائط البراق" جزء لا يتجزأ من المسجد الأقصى المبارك...وهناك الكثير من المصطلحات التهويد التي ادخلها كيان الاحتلال الى مدينة القدس العربية لتهويدها واحتلالها".

واوصى عيسى بتوحيد المصطلحات الإعلامية وتعميمها، حيث يتم استخدام المصطلحات الصحيحة في اماكنها الصحيحة، من أجل ابراز قضية القدس بشكل صحيح في الاعلام العربي، وطالب الاعتماد على متخصصين في صياغة المصطلحات أو ترجمتها، والسعي نحو إنتاج الأخبار وتصديرها بدل الاقتصار على استيرادها، وتخصيص زاوية يومية للحديث عن القدس وأخبارها، ووضع خطة إعلامية متحركة تتابع المستجدات على ساحة المدينة المقدسة، ورصد دعم مالي كبير للتعريف بقضية القدس وما يجري فيها من تهويد من خلال انتاج الافلام الوثائقية والتقارير المصورة والقصص الانسانية، واعتماد منهج دراسي حول القدس يدرس في البلاد العربية لخلق جيل واعي بقضيته، وجعل القدس قضية أساسية جوهرية للعالم العربي والإسلامي.

وناشد القانوني د.حنا عيسى وسائل الاعلام بالعمل الجاد لايجاد حلول اعلامية عملية وواقعية لاعطاء الأولوية الاعلامية لمدينة القدس على ارض الواقع وتجاوز بيانات الشجب والاستتنكار التي لم تعد تجدي في ظل  ضياع القدس المحتلة بسبب مشروع استعماري وهمي وتاريخ مزور لليهود في مدينة القدس الذي تنفذه بحق المدينة المقدسة، خاصة ان المسجد الأقصى اصبح معلقا في الهواء نتيجة الحفريات التي لم تتوقف لاقامة مدينة  سياحية لاستيعاب ستة ملايين سائح عام  2020.

وذكر الأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات، انه منذ أن قام كيان الاحتلال بالاستيلاء على مدينة القدس المحتلة عام 1967، وهو يقوم باستخدام الوسائل والاجرائات كافة للسيطرة عليها وتهويدها والقضاء على الوجود العربي فيها، سواء من خلال المصادرة أو الضم أو الاستيطان، حيث أن عدد المستوطنات في القدس وفقا لإحصائيات مركز أبحاث الأراضي، هي 29 مستوطنة، 14 منها في الجزء المضموم من القدس أي ما يسمى حدود القدس الشرقية.