بالصور - قصة "لؤلؤة الصحراء" التاريخية… ألفا عام في قبضة داعش !!

بالصور - قصة "لؤلؤة الصحراء" التاريخية… ألفا عام في قبضة داعش !!
رام الله - دنيا الوطن - وكالات
تمكن تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" من السيطرة على مدينة تدمر السورية منذ يومين فيما يعتبر انتكاسة للجهود الدولية لمحاربة التنظيم بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية.

يوم الأربعاء الماضي تمكن مقاتلو تنظيم الدولة من بسط سيطرتهم على المدينة على حساب قوات النظام السوري، لكن لم تتوافر أي معلومات حتى هذه اللحظة في أن التنظيم بدأ أي عمليات تدمير للآثار التاريخية المليئة بها المدينة.

وتعتبر مدينة تدمر تقع في وسط سوريا وهي تابعة لمحافظة حمص ولها أهمية تاريخية كبيرة لما تحويه من آثار كونها كانت عاصمة مملكة تدمر التاريخية.

وسيطر خبر استيلاء تنظيم الدولة الإسلامية على مدينة تدمر الأثرية فيسوريا على اهتمامات الصحف الأميركية، وأشار بعضها إلى أصداء هذا الحدث الذي وصفته بأنه يشكل مكسبا إستراتيجيا آخر للتنظيم، وذلك بعد أن سيطر على مدينة الرمادي العراقية قبل أيام.

فقد أشارت صحيفة واشنطن بوست أن هذا الحدث يمثل المكسب الإستراتيجي المهم الثاني للتنظيم منذ الأسبوع الماضي، مما يعرض أحد أبرز المواقع الأثرية في المنطقة للخطر.

وأضافت الصحيفة أن تنظيم الدولة استولى أيضا مع حلول ليل أمس على سجن تدمر الذي وصفته بأنه "سيئ السمعة"، والذي سجن فيه نظام الرئيس السوري بشار الأسد عشرات السياسيين المعارضين له.

وأشارت إلى أن هذا المكسب الإستراتيجي الذي حققه تنظيم الدولة يعزز سيطرته غربا نحو العاصمة دمشق.

وأضافت أن سيطرة تنظيم الدولة على مدينة تدمر تشكل أول تقدم مهم له ضد قوات النظام السوري بشكل مباشر، فقد كان التنظيم في ما مضى يستولي على مواقع كانت تحت سيطرة فصائل معارضة تمثل الثوار المناوئين للنظام.

مكافأة إستراتيجية
من جانبها، أشارت صحيفة نيويورك تايمز إلى أن تنظيم الدولة اجتاح أمس الأربعاء مدينة تدمر السورية التاريخية، وأنه تمكن من السيطرة عليها بالكامل مع حلول المساء، ووصفت الصحيفة هذا "الانتصار" بأنه يشكل للتنظيم مكافأة إستراتيجية أخرى مهمة في غضون خمسة أيام، وذلك بعد أن سيطر على مدينة الرمادي العراقية.

وأضافت أن أهمية تدمر لا تنحصر في كونها مدينة أثرية، ولكن لأنها من ضمن حقول الغاز في البلاد، ولأن تنظيم الدولة دمر العديد من المواقع التاريخية في كل من العراق وسوريا، أو أنه نهب مقتنياتها وباعها للحصول على مصادر للمال.

وفي السياق ذاته، أشارت صحيفة ذي كريستيان ساينس مونيتور إلى أن تدمر تعتبر موطنا لآثار تعود جذورها إلى ألفي عام، وسط الخشية من تعرض هذه الآثار للتدمير على أيدي تنظيم الدولة الذي سبق أن دمر مواقع أثرية أخرى في العراق.

من جانبها، أشارت صحيفة وول ستريت جورنال إلى سيطرة تنظيم الدولة على مدينة تدمر الأثرية، وإلى أن العديد من المتاحف والآثار السورية سبق أن تعرضت للتدمير والنهب والسلب على نطاق كبير في الحرب الأهلية التي تعصف بالبلاد منذ أكثر من أربع سنوات.

اليونسكو تحذر من تدمير الآثار
أعربت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو" عن قلقها إزاء التدمير المحتمل لمدينة تدمر العتيقة في صحراء سورية ، وذلك بعدما اجتاح تنظيم "داعش" المنطقة.

وقالت إيرينا بوكوفا ،المدير العام لليونسكو :"تدمر هي موقع تراث عالمي استثنائي في الصحراء ، وأي تدمير لتدمر لا يعد فقط جريمة حرب بل سوف يعني خسارة مهولة للإنسانية".

وأضافت :"نتحدث عن أصل الحضارة البشرية . نتحدث عن شيء يخص البشرية بأكملها"، مشيرة إلى أن تنظيم"داعش" قد دمر بالفعل مواقع عتيقة في العراق.

وتُعرف مدينة تدمر الأثرية التي باتت تحت سيطرة تنظيم داعش بأعمدتها الرومانية ومعابدها ومدافنها الملكية التي تشهد على عظمة تاريخها.

وتعد المواقع الأثرية في مدينة تدمر المعروفة باسم "لؤلؤة الصحراء"، واحدة من 6 مواقع سورية أدرجتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونيسكو) على لائحة التراث العالمي للإنسانية.

وتتوسط آثار تدمر التي تبعد مسافة 210 كيلومترات شمال شرق دمشق، بادية الشام.

وظهر اسم تدمر للمرة الأولى على مخطوطة يعود تاريخها إلى القرن 19 قبل الميلاد عندما كانت نقطة عبور للقوافل بين الخليج والبحر المتوسط وإحدى محطات طريق الحرير.

لكن تدمر عرفت أوج ازدهارها إبان الغزو الروماني بدءا من القرن الأول قبل الميلاد وخلال 4 قرون متلاحقة. وباتت تعرف في اللغات الإغريقية واللاتينية باسم "بالميرا" المشتق من معنى النخيل باللغات الأجنبية.

وذاع صيت تدمر بوصفها واحة خصبة وفاخرة في وسط الصحراء، بفضل ازدهار تجارة التوابل والعطورات والحرير والعاج من الشرق، والتماثيل والزجاجيات من فينيقيا.

وفي العام 129، منح الإمبراطور الروماني ادريان تدمر وضع "المدينة الحرة" وعرفت آنذاك باسمه "ادريانا بالميرا". وفي هذه المرحلة بالتحديد، تم بناء أبرز معابد تدمر مثل معبد بعل (بل) وساحة اغورا.

وكان سكان المدينة، قبل وصول المسيحية في القرن الثاني بعد الميلاد، يعبدون الثالوث المؤلف من الإله بعل ويرحبول (الشمس) وعجلبول (القمر).

واستغلت تدمر الصعوبات التي واجهتها الإمبراطورية الرومانية في القرن الثالث لإعلان قيام مملكة تمكنت من هزم الفرس، وباتت زنوبيا ملكتها.

واحتلت زنوبيا عام 270 بلاد الشام كلها وجزءا من مصر ووصلت إلى آسيا الصغرى، لكن الإمبراطور الروماني أورليان تمكن من استعادة السيطرة على تدمر واقتيدت الملكة زنوبيا إلى روما، فيما انحسر نفوذ المدينة.

وقبل اندلاع النزاع السوري في منتصف مارس 2011، شكلت تدمر وجهة سياحية بارزة إذا كان يقصدها أكثر من 150 ألف سائح سنويا لمشاهدة آثارها التي تضم أكثر من ألف عمود وتماثيل ومعابد ومقابر برجية مزخرفة، تعرض بعضها للنهب أخيرا، إضافة إلى قوس نصر وحمامات ومسرح وساحة كبرى.

وأدت الاشتباكات التي اندلعت بين قوات النظام وفصائل المعارضة في الفترة الممتدة بين فبراير وسبتمبر 2013 في تدمر الى انهيار بعض الاعمدة ذات التيجان الكورنثية.

وكان عدد سكان تدمر قبل سقوطها في قبضة داعش، وفق محافظ حمص طلال البرازي، أكثر من 35 ألف نسمة، بينهم نحو 9 آلاف نزحوا إليها منذ بدء النزاع العسكري قبل 4 أعوام، لكن العدد يرتفع إلى 70 ألفا مع الضواحي.

وآثار سقوط تدمر في يد داعش قلقا في العالم على المدينة التي يعود تاريخها إلى ألفي عام، لاسيما أن للتنظيم سوابق في تدمير وجرف الآثار في مواقع أخرى سيطر عليها لاسيما في العراق.