قراءة تحليلية (1-3) لمقال الأخ بكر أبو بكر " التنظيم الباهت في حركة فتح"

قراءة تحليلية (1-3) لمقال الأخ بكر أبو بكر " التنظيم الباهت في حركة فتح"
د. مازن صافي* عضو إقليم وسط خان يونس " مسؤول ملف الإعلام" سابقا 
 بداية أتقدم بالشكر الجزيل لأخي وصديقي المفكر الفلسطيني بكر ابوبكر عضو المجلس الثوري لحركة فتح، لإتاحة الفرصة لي للقراءة العميقة والتحليلية لما سجل لنا في مقالين متتالين دراسة بعنوان " التنظيم الباهت في حركة فتح"، ولقد رسم لنا خارطة الوصول إلى التنظيم القوي والفاعل، وحدد معايير النجاح وعوامل الفشل الحاصل في الحالة الفلسطينية الشمولية وفي الحالة الفتحاوية الداخلية، وكان واضحا في تسجيل النقاط، ولقد قسمت دراستي التحليلية إلى ثلاثة، بحيث أتناول في المقال الأول الجانب التنظيمي الداخلي لحركة فتح، وفي المقال الثاني الجانب الفلسطيني ومرحلية وأساليب النضال وأثر ذلك على الجانب التنظيمي، وفي المقال الثالث والأخير: حركة فتح بين السلطة والفعل الثوري والبناء التنظيمي .

 

ذكر الأخ العزيز: بكر أبو بكر في دراسته التي نشرها في مقالين متتاليين بتاريخ 21،22 مايو 2015 كثير من النقاط نناقش منها في مقالي الأول:
ربط التنظيم الفاعل بنجاح الاستيراتيجية وبما تشمل رؤية سياسية فلسطينية، و البناء الفوقي (فكر –تخطيط – وفهم ورؤية ..... )، والبناء التحتي (الكادر التنظيمي والى الأطر وجسد التنظيم) والعلاقة الترابطية بينهما والتي تؤدي الى العضو الفاعل القوي الذي يحمل الرسالة والرؤية وينفذ الخطط فيخوض الفيافي مؤمناً بالفكرة لا يلتقطه السيارة يطوحون به يميناً ويسارا وقد يبيعونه، وفي المقابل فإن إهمال التنظيم (البناء التحتي) على حساب الانشغالات السياسية الداخلية والخارجية والتخطيطية أدى إلى عدم اهتمام التنظيم بالسياسة بقدر اهتمامه بتبرير المواقف السياسية، ولا يهتم بالمستقبل بقدر اهتمامه باللحظة الراهنة، ولا يهتم بالبناء الفوقي في مقابل اهتمامه بقشور الأداء التنظيمي.

 

تعقيبي على ما ورد أعلاه:

عندما نتحدث عن حركة فتح، فإننا نتحدث عن التنظيم، وحين نتحدث عن التنظيم، نؤكد على انه أداة وليس هدفا، وبالتالي هذه الأداة لها ضوابط وقيود ونظم وفي نفس الوقت توجد مسلكيات وأدبيات توضح أبعاد المهمة التنظيمية وحدودها، وبالتالي فإنه من الأهمية إعداد العضو القوي تنظيميا وحركيا وسلوكيا، فلا قوة ولا نجاح ولا تقدم لأي برنامج في الحركة دون نجاح هذا الإعداد، ومتى نجحنا في الإعداد فهذا يعني تلقائيا أننا في داخل حركة قادرة على الصمود أمام المتغيرات والتكيف مع الظروف المختلفة والمعالجة السليمة لكثير من المنعطفات الخطرة ، وهنا تبرز أهمية الإعلام والإمكانيات التي تتاح لكي لا يتحول العضو إلى "متلقي" للخبر أو الحدث من وسائل الإعلام الأخرى، أو أن يقع تحت تأثير الإعلام الجديد وقوة إقناعه مما يؤثر على العضو الغير قارئ أو الغير مثقف، وهناك معضلة حقيقية وهي عدم وجود التخصصية الإعلامية التنظيمية، ومن هنا يمكن معالجة جانب التثقيف والتدريب التنظيمي والربط بين الموقف السياسي العام والمتطلب التنظيمي الملتزم.

 

 

أما عن ربط التنظيم الفاعل بنجاح الاستيراتيجية وبما تشمل رؤية سياسية فلسطينية، فإنه بالفعل بدون تنظيم قوي قادر ويتوحد فيه أعضاؤه ممارسةً وسلوكاً والتزاماً لن نتمكن من القيام بالمهام التنظيمية وستتراجع فرص أن نعيد فتح قوية قادرة حاضنة للمشروع الوطني الكبير، وكما أن الثقة الحركية المطلوبة تعكس الحاجة إلى الأمان التنظيمي، المرتبط بالانتماء التنظيمي الناجح في مناخ تنظيمي ملائم يشجع روح المبادرة والعمل بروح الفريق والمشاركة والدافعية ومكافئة المُجِد ومحاسبة المسيء وتوفر إمكانيات البناء والاستنهاض وإدارة التغيير الحركي لمجابهة المتغيرات على كافة الأصعدة، وكما أن الممارسة التنظيمية، والحركية، والسياسية بمنهجية تختلف عن المنهجية التي استنبطت على أساسها إستراتيجية الحركة ، تقود حتما إلى التخبط والأخطاء والوقوع في السلبيات القاتلة، فالمحددات الاستيراتيجية والآليات المعتمدة هي التي يجب أن تحكم طبيعة التفكير لكافة أبناء الحركة، وبهذا يكون كافة الأعضاء في الحركة قادرين على مواجهة نفس المشاكل السياسية، بنفس المواقف مهما تباعدت المسافات بينهم، لأنهم يمتلكون استيراتيجية واحدة وتعميما واحدا وخبرا واحد وقيادة ميدانية وأخرى أعلى وهكذا في داخل الإطار وفي كافة المستويات، وهذا يتطلب الانتباه الى كافة مستويات التنظيم، والتركيز على القاعدة التي هي "الجماهير" كونها صمام الأمان لمستقبل الحركة.