الاسرائيليون يلقون ملابسهم في عيد الفصح بغزة : "البالة" تنتشر ...!

الاسرائيليون يلقون ملابسهم في عيد الفصح بغزة : "البالة" تنتشر ...!
غزة - خاص دنيا الوطن-اسامة الكحلوت

يتخذ الكثير من سكان قطاع غزة محلات الملابس البالية(البالة) وجهة لهم بعد ارتفاع اسعار الملابس الجديدة فى المحلات المنتشرة فى الاسواق المحلية، ولعدم قدرتهم على شرائها باسعارها الباهظة، فى ظل وجود منافس لها بملابس مستخدمة مستوردة من اسرائيل.

غزة رفح خانيونس، جميعها مناطق تنتشر فيها محلات الملابس البالية بالاضافة للمخيمات ، والتى نجحت فى تجارتها بعد اتجاه الفئة الكبيرة من المواطنين بشراء هذه النوعية من الملابس، وذلك نتيجة الفقر المطقع للفئات الفقيرة والكادحة، والبحث عن الماركة الاصلية رغم استخدامها للفئات المتوسطة الدخل .

وفى مخيم المغازى وسط قطاع غزة، داخل احد محلات البالة يبحث الشاب محمد عن بلوزة شاهدها بين عدد كبير من الملابس قبل ايام، واصر هذا اليوم قبل الذهاب لزيارة احد اصدقائه للحضور الى محل الملابس والبحث عن البلوزة التى اعجبته وقام بشرائها، ولا يبدو للزبائن ان هذه الملابس مستخدمة نتيجة اتساخ بل يقوم التاجر ب(كي) الملابس قبل عرضها .

وتدهشك حقا أسعارها الخيالية فى بعض الاوقات مقارنة بالاسعار الخيالية فى محلات الملابس الجديدة والتى قد تصل سعر القطعة الواحدة منها 100 شيكل، فى حين سعرها فى محل البالة 15 شيكل .

وقد تحصل على ملابس رجالية او نسائية او ملابس اطفال، وفى المحل ذاته يعرض البائع مجموعة من الاحذية والتى تعتبر من الماركات العالمية ايضا.

لا يصدح البائع بصوته مناديا على بضاعته، بل يعرفه الجميع فى المخيم ، وله زبائنه منذ عدة سنوات، الا ان السنوات الماضية شهدت انضمام مواطنين من ذوى الدخل المتوسط بحثا على السعر المناسب لهم والجودة فى الملابس العالمية.

هذا هو المشهد فى محل الشاب محمد الشبلى "30 عاما" لملابس البالة بمخيم المغازى، الذى عمل بداية حياته ( مكوجى)، وانتقل قبل 15 عاما لفتح محل الملابس بكمية قليلة اتسعت تجارته فيما بعد فى هذا المجال، حيث انطلق اليها حينما كان فى ريعان شبابه فى المرحلة الثانوية .

ويتابع الشبلى لدنيا الوطن" بدأت مشوارى فى هذه التجارة منذ صغرى، واستمريت بعد نجاحها، وسادخل العام السادس عشر فى هذه التجارة، بدأتها بشراء طن من الملابس البالية وبعد الاقبال من المواطنين عليها توسعت تجارتى بشراء كميات اكبر، لكن الظروف الحالية صعبة جدا، وتمر بعض الايام بدون حركة بيع نهائيا، وبالامس طوال ساعات عملى من الثامنة صباحا حتى العاشرة مساء بعت  قطعة باثنين شيكل فقط".

ويشير الشبلى ان ثمن البلوزة الرجالية تصل من 10 –15 شيكل، فى حين تباع منها نسخة جديدة اخرى منها فى الاسواق والمحلات بنفس السعر ولكن ليست بنفس الجودة، ولكن اعتمادى على الزبائن القدامى، بالاضافة لزبائن جدد يهربون من نار الاسعار فى الاسواق العامة .

واتجه بعض التجار الكبار فى الاسواق المحلية لفتح محلات مخصصة للملابس البالية فى منطقة الرمال وسط مدينة غزة، بعد استئجارهم للمكان بمبلغ يفوق خمسة الاف دينار لنجاح هذه التجارة ورواجها ، حسبما قال الشبلى ، واضاف" ملابس من الماركات العالمية قد لا توجد فى محلات الملابس الجديدة، الا انها قد تتواجد لدينا بعد استيراد الملابس من اسرائيل، ونقوم ب(كوى) الملابس وترتيبها قبل عرضها".

ويستورد تجار غزة الملابس البالية من اسرائيل بعد قيامهم بالقاء جميع ملابسهم بعد تنظيفها امام منازلهم فى عيدهم( الفصح)، حتيث تسود معتقداتهم فى هذا العيد بالاستغناء عن جميع الملابس القديمة وشراء ملابس جديدة، كدخول الشقة الجديدة وبدء شراء العفش الجديد خلال هذا العيد .

وبعد القاء الملابس يقوم التجار داخل اسرائيل بجمعها وتعبئتها داخل كراتين كبيرة، ومن ثم وضعها فى اوزان تصل للطن، وتصديرها لتجار غزة وتوزع على المحلات والتجار .

وأكد الشبلى انه يشترى طن الملابس ب 6000 شيكل فى الوقت الحالى، فى حين كان يشترى الطن نفسه قبل عام 2006 بما يقارب 3000 شيكل او اقل فى بعض الاوقات، الا ان الحكومة قد فرضت ضريبة اضافية الايام القليلة الماضية تصل الى 150 شيكل اضافية للطن.

ويتابع" هامش الربح كان كثيرا خلال السنوات الماضية، الا ان هامش الربح اصبح قليل جدا مع ارتفاع سعر الطن يلحقه الضريبة، ولكن مضطر على البقاء فى هذا العمل نتيجة قلة فرص العمل، وقد يستغرق بيع الطن ما يقارب ثلاثة شهور فى بعض الاوقات داخل المحل".

ويعيش الشبلى برفقة زوجته فى منزله، وبنى حياته من هذه التجارة، وكان يعثر فى بعض الاوقات قبل سنوات طويلة على مبالغ نقدية داخل الملابس قد تصل الى 100 شيكل، الا ان هذا الحال تغير نتيجة تفتيش كل الملابس الواردة لغزة والشنط من  مجهولين فى الفترة الاخيرة قبل وصول البضائع اليهم، حسبما قال، مستدلا بذلك على وجود الملابس خاوية الجيوب ومستخرجة، وفتح سحابات كل الشنط الموجودة فى الكراتين .

وكما هو الحال فى محل الملابس البالية الذى يعمل فيه الشاب احمد ابو شوارب" 23 عاما" ، والذى تعود ملكيته للمواطن ابو علاء عياش، ويتقاضى ابو شوارب اجرة يومية تصل الى 40 شيكل من هذا العمل .

ولكن الملابس تختلف فى هذا المحل نتيجة شراء صاحبه الملابس انتقائيا من الكميات الواردة لغزة من الملابس، حيث يقوم بفحص كل الملابس واختيار الملابس التى تناسب محله ويقوم بشراءها والمحاسبة عليها بنظام القطعة الواحدة، وبذلك ترتفع تكلفة البضاعة اكثر قليلا من نظام الشراء بنظام الطن والكراتين، باختيار افضل الماركات والتى قد تصل سعر القطعة الواحدة منها الى 15 شيكل بسعر الجملة.

واشار ابو شوارب ان المحل له زبائنه منذ القدم وهناك اقبال من فئات المواطنين على شراء الملابس البالية، لوجود اصناف صيفية وشتوية تناسب كل فصول السنة .

بدوره قال تاجر الملابس البالية والمورد لغزة محمود الفيرانى ان قطاع غزة يستهلك شهريا 10 طن ملابس بالية، ويتم فرزه على المعبر بالاستغناء عن الملابس التالفة او المتسخة او القصيرة ولا تتماشى مع المجتمع الفلسطيني، واستصلاح القسم الاخر منه لبيعه للموزعين.

وأكد الفيرانى انهم يشتروا طن الملابس من اسرائيل بـ 4000 شيكل، ويكون البيع بعد ذلك على حسب الزبون وطبيعة البيع اذا كان نقدا او بالدين، وتختلف الاسعار على هذا الاساس.

مشيرا الى انه هذا العام يعد الاسوأ فى بيع الملابس البالية نظرا للظروف الاقتصادية الصعبة للمواطنين، وكان يسوق 10 طن شهريا قبل عدة اعوام الا ان السنوات الحالية يبيع نفس الكمية ولكن على مدار الشهر.

مضيفا لدنيا الوطن" يقوم العمال داخل اسرائيل بتفتيش الملابس والشنط قبل وصولها لغزة للبحث عن اموال بداخلها، وانقرضت هذه العادة نظرا لاعتماد الاسرائيليين على التعامل المالى عن طريق بطاقات الائتمان النكية فى المشتريات فى حياتهم".