رداً على مقال "الحاجة إلى قطب إقليمي عربي"

رداً على مقال "الحاجة إلى قطب إقليمي عربي"
كتب غازي مرتجى

كتب عضو اللجنة المركزية لحركة فتح "عثمان ابو غربية" مقالاً تحدث فيه عن فكرة الحاجة الى قطب عربي  إقليمي وشرح في مقاله "الثمين" معايير انجاح هذا القطب المُقترح وكيفية مزج الحضارة العربية الأصيلة مع الطابع الاسلامي للأمة العربية ووضع أسس التكامل بين القومية العربية والدين الاسلامي مع الأخذ بعين الاعتبار ضرورة اعطاء الاقليات والديانات الأخرى حقوقها كاملة وقيامها بواجباتها أيضاً بالتساوي مع الأكثرية وهم "أصحاب الدين الاسلامي" .

انّ "أبو غربية" وضع في مقاله أسس تشكيل القطب العربي الاقليمي , ولم يقصرها على "العرب" بل وضع مجالاً لانضمام دول اسلامية أخرى للقطب المقترح .

في قراءة المقال بتأنّي يتضح لك أن المقال عبارة عن خُلاصة ناتجة عن دراسة كاملة للأوضاع الاقليمية والعربية ويتضح من خلال ثنايا المقال إيمان "أبو غربية" العميق بـ"زمن الفن الجميل" وهو الزمن الذي كانت فيه فكرة تشكيل وحدة عربية -بدأت بسوريا ومصر في حينه- تُسيطر على أحاديث الرأي العام وحتى قياداته ..

الحديث عن تشكيل قطب عربي اقليمي قد يكون بدأ بـ"لبنة" أولى وهي القوة العربية المشتركة التي اتفق على تشكيلها قادة العرب في قمة القاهرة مؤخراً , والتحالف العربي المشترك ضد حوثيي اليمن لدعم الشرعية هناك مثالاً واجب النظر إليه , لكن كل تلك الاجراءات الميدانية قد تذهب "هباءً منثوراً" في حال انتهاء الحاجة لها .. والدلالات التاريخية على ذلك كثيرة .

المُلفت في مقال "أبو غربية" حديثه عن "فلسطين" وأنها نقطة ارتكاز لأي قطب او اتحاد من المُفترض تشكيله .. فـ"فلسطين" هي قلب الأمة النابض وهي القضية الأكثر عدلاً في العالم وكانت ولا زالت كلمة "فلسطين" تُلامس قلوب وعقول المواطنين وهم الركيزة الأساسية لإنجاح أي مقترحات تُوحّد قادتهم ..

لكن الحديث عن فلسطين "المُنقسمة" أولاً والمُحتلة منذ عقود ستة يجب أن يكون أكثر حزماً , فالدور العربي الذي تراجع على مدار عقدين من الزمن ألقى بظلاله على القضية الفلسطينية التي تراجعت أيضاً مع الأخذ بعين الاعتبار ان الشهيد "عرفات" ومن بعده الرئيس "أبو مازن" حافظا على جذور القضية الفلسطينية رغم تراجع الدعم العربي الواجب .. لكنّ ابقاء القضية الفلسطينية على حالها "فرضاً" منذ عقدين دون الضغط لحلها نهائيا بإنهاء الاحتلال الاسرائيلي واقامة الدولة الفلسطينية على اراضي الـ 67 يُعتبر تراجعاً عربياً قبل أن يكون فلسطينياً وهو ما يجب حث الاقليم والعرب للعمل على المساعدة بإنهاء الاحتلال الاسرائيلي فوراً .. وقبل ذلك الضغط لإنهاء الانقسام المستمر منذ ثمانية أعوام دون تحرك عربي "ضاغط" سوى من الشقيقة مصر .

الحديث عن "فلسطين" يطول ويحتاج لـ"مجلدات" قد يجد السيد "أبو غربية" نفسه تائهاً بينها بسبب عِظم المأساة التي وصلت اليها القضية الفلسطينية بسببنا وبالاشتراك مع الصمت والتفسّخ العربي المؤلم .

إنّ تشكيل "قطب" اقليمي عربي فكرة تستحق النقاش والتفكير وإجراء دراسات معمقة  في سبُل الحفاظ عليها , لا ان تكون "بروباغندا" تنتهي وقت انتهاء حاجتها , واعادة الرمز العروبي الاسلامي "فلسطين" الى واجهة القضايا العربية يحتاج ايضاً الى عمل جدّي ودؤوب يبدأ بانهاء الانقسام وتوحيد شطري الوطن كي نبدأ عملية "إعادة الأمل" لدى العرب بإمكانية إنهاء الاحتلال الاسرائيلي في حال وجد الفلسطينيون من يُساندهم ..