جمعية أجيال السلام لنزع الألغام لمناسبة السنوية السادسة لتأسيسها

جمعية أجيال السلام لنزع الألغام لمناسبة السنوية السادسة لتأسيسها
رام الله - دنيا الوطن -  محمد درويش
رعى وزير الدولة لشؤون مجلس النواب اللبناني  الحاج محمد فنيش، احتفالية أقامتها جمعية أجيال السلام لنزع الألغام لمناسبة السنوية السادسة لتأسيسها، في مركز باسل الأسد الثقافي بمدينة صور في جنوب لبنان  بحضور رئيس المركز اللبناني للأعمال المتعلّقة بالألغام العميد إيلي ناصيف، مسؤول منطقة الجنوب الأولى في حزب الله أحمد صفي الدين، رئيس جمعية أجيال السلام لنزع الألغام محمود رحّال، مسؤول وحدة الإعلام الإلكتروني في حزب الله الدكتور حسين رحال، المسؤول الإعلامي لحركة أمل في إقليم جبل عامل صدر داوود، رئيس إتحاد بلديات جبل عامل علي الزين، رئيس منتدى الفكر والأدب في صور الدكتور غسان فرّان، رئيس جمعية أخضر بلاد حدود زهير نحلة، وفود أمنية وعسكرية وممثلين عن الجمعيات الأجنبية التي تعمل في مجال نزع الألغام إلى جانب عدد من رؤساء البلديات والمخاتير، وفعاليات وشخصيات ثقافية واجتماعية وتربوية وحشد من عناصر الجمعية والمهتمين.

افتتح الحفل بآيات بينات من القرآن الكريم ثم النشيد الوطني اللبناني، تلاه عرض فيلم مصوّر يحكي إنجازات الجمعية خلال الأعوام الست الماضية.

وألقى رئيس جمعية أجيال السلام لنزع الألغام محمود رحّال كلمة لفت فيها إلى أن العدو الإسرائيلي ومنذ إجتياحه للبنان عامي 1978 و 1982 وصولاً إلى اندحاره عن الجزء الأكبر من لبنان في أيار من العام 2000، خلّف وراءه أودية وحقولاً مزروعة بالألغام والقنابل العنقودية وكل أشكال الموت الخفي، ثم كان عدوان تموز عام 2006 على لبنان عامة وقرى الجنوب والبقاع خاصة الأكثر قسوة وعدوانية، حيث قامت آلة القتل الصهيوني وعلى مدى ثلاثة وثلاثين يوماً بإلقاء عشرات آلاف القنابل العنقودية على المدن والقرى، ضاربة بذلك كل المواثيق والمعاهدات الدولية التي تُحرّم إلقاء هذا النوع من القنابل فوق القرى وبين المدنيين، مضيفا أنه وأمام هذا الواقع انبرت ثلّة من الرجال المقاومين، وراحت تعمل بجدٍ وإخلاص في سبيل رفع ذلك الخطر عن أهلنا الفرحين بتحرير العام 2000، وبقيت هذه الثلّة تعمل بصمت حتى العام 2009، حيث تم الإعلان عن قيام جمعية بإسم "أجيال السلام" التي أخذت على عاتقها رفع الضيم عن أهلنا، والعمل على تحرير ترابنا من أفخاخ الموت والإحتلال المدفون.

وألقى رئيس المركز اللبناني للأعمال المتعلّقة بالألغام العميد إيلي ناصيف كلمة أشار فيها إلى أن قيادة الجيش وبتوجيهات قائده العماد جون قهوجي أخذت على عاتقها مهمة تحرير الأراضي الملوثة من خلال دعمها المباشر والمستمر للبرنامج الوطني الذي ينفذه المركز اللبناني للأعمال المتعلقة بالألغام بهدف تحسين الوضع الاجتماعي والإقتصادي وتأمين حياة آمنة خالية من مخاطر الألغام للشعب اللبناني الصامد والمتمسك بأرضه، لافتاً إلى أن جمعية أجيال السلام لنزع الألغام كانت السبّاقة لتلبية هذا النداء والواجب، وباشرت عملها مع المركز اللبناني وفق المعايير الوطنية والعالمية للأعمال المتعلقة بالألغام، كما أنها لم تألُ جهداً لتطوير أعمالها وزيادة خبراتها في هذا المجال، وهي قد ساهمت بفعالية ملحوظة في الإنجازات الإجمالية التي تحققت حتى تاريخه، ألا وهي تحرير 71 بالمئة من الأراضي الملوثة بالقنابل، وبنسبة 66 بالمئة من المناطق المشبوهة، و46 بالمئة من حقول الألغام، مشدداً على أن جمعية أجيال السلام تستحق كل الثناء والتقدير بجميع عامليها وداعميها والنقابين والباحثين فيها على ما قامت به، وهي التي ضاهت بعملها الجمعيات والمنظمات الدولية العاملة في هذا المجال.

وأكد ناصيف أن المركز اللبناني للأعمال المتعلقة بالألغام يجدد العزم والالتزام لحل مشكلة الألغام في لبنان، ويعاهد أبناءه على مواصلة الجهد الحثيث لتحقيق الأهداف التي يعمل من أجلها لبنان خالٍ من تأثير الألغام والقنابل العنقودية والذخائر غير المنفجرة، كما يعدهم بمتابعة العمل على بناء قدرات لبنان الذاتية من خلال تشجيع ومساعدة المزيد من الجمعيات والمنظمات المحلية للمشاركة في عملية تطهير الأراضي الملوثة بالقنابل العنقودية والألغام والسعي الدؤوب لتوفير التمويل اللازم.

بدوره راعي الحفل الوزير محمد فنيش وخلال كلمته توجّه بالشكر والتقدير للجيش الوطني على كل جهوده لا سيما في مكافحة الألغام، ولجمعية أجيال السلام التي أثبتت حضورها وقامت ولا تزال بالواجب المفروض، وقدمت الشهداء أسوة بشهداء المقاومة، وبذلت الكثير من الجهود من أجل حماية أمن إنساننا ووطننا، مشيراً إلى أن جمعية أجيال السلام هي فرع لمدرسة المقاومة التي نشرت العلم والجهاد والإيمان المقترن بالعمل من أجل خدمة الإنسان والدفاع عن الوطن والانتصار لقضايا الحق، والمعرفة التي تنفق وتبذل من أجل كرامة الإنسان ورفاهيته وأمنه وحريته، والجهاد من أجل الإنتصار للحق ودفع العدوان.

وفي الشأن السياسي الداخلي رحّب الوزير فنيش بكل خطوة تقوم بها الدولة من القوى الأمنية والجيش اللبناني في بسط الأمن الذي يشهد تقدماً واضحاً، وفي تطبيق القانون ومنع التعديات وحفظ النظام في كل المناطق اللبنانية دون استثناء، لأنه ليس هناك من منطقة محظورة على الدولة التي من واجبها ومن حق المواطنين عليها أن توفّر لهم الأمن والطمأنينة، وتمنع التعدي على حقوقهم، وتواجه من يرتكب المخالفات، مشيرا إلى أن هناك تقدماً واضحاً كذلك في مجال التصدي للإرهاب التكفيري وتفكيك شبكاته، وهذا لم يحصل لو لم يكن هناك تغطية سياسية مطلوبة، كما لا ينبغي الإكتفاء بهذا التقدم في المجال الأمني فقط، فهناك خلافات سياسية كبيرة في هذا البلد تتطلب وقتاً وجهداً للمعالجة.

واعتبر الوزير فنيش أنه لا يمكن مقاربة مسألة شغور موقع الرئاسة بإلقاء التهمة على الآخرين، وتوجيه التهم بالتعطيل لفريق معين، فمن يخالف قواعد التمثيل الصحيح، ويريد أن يتحكم بهذا الموقع، ويفرض قراره وغلبته عليه مختزلاً طائفة كبيرة من اللبنانيين، هو من يتحمل مسؤولية التعطيل وليس أي شيء آخر، لأن اتفاق الطائف أرسى توازنات وقواعد في العمل السياسي وتمثيلاً للطوائف والمناطق، وأن أي إخلال في هذه التوازنات سيكون حتما هو السبب في الوصول إلى تعطيل هذا الاستحقاق الرئاسي، لافتا إلى أن هذا الأمر قد يبدو فيه صعوبات، ولكنه لا يكون سبباً لتعطيل سائر المؤسسات، فهناك الكثير من المصالح تملي علينا من موقع المسؤولية أن لا يسري التعطيل إلى سائر مؤسسات الدولة، وأن لا نعطل المجلس النيابي ولا  نشلّ الحكومة، بل أن نسعى بكل جهدنا لملئ الشغور في الموقع الرئاسي، وأن نستمر بعملنا التشريعي خاصة وأن هناك العديد من التشريعات التي يعود نفعها على تنمية اقتصادنا الوطني وإنماء المناطق التي يعود نفعها على كل اللبنانيين، كما أن تعطيل التشريع هو خسارة جسيمة للوطن وللمواطنين وللحكومة، داعياً إلى العودة للتشريع لإقرار العديد من القوانين، وتفعيل عمل الحكومة بدءاً من الموازنة إلى إقرار قانون سلسلة الرتب والرواتب وسائر القضايا التي تهم جميع اللبنانيين، مشدداً على أن المسؤولية الوطنية والأخلاقية تملي علينا جميعاً أن نحافظ على الاستقرار، وأن نجعل لبنان الذي يعيش اليوم وسط أزمة كبيرة تعصف بالمنطقة بمنأى عن تداعيات أزمتها.

وفي الشأن اليمني أكد الوزير فنيش أن ما يجري في اليمن لا ينتمي بصلة إلى أي مفهوم من مفاهيم الحضارة، ولا يرتبط بأي حق قانوني، فهو بعيد كل البعد عن أي قانون دولي أو أي شرعة لحقوق الإنسان أو قيم أخلاقية وإنسانية، فالطائرات السعودية الأميركية تقوم برمي حممها على شعب مسكين مظلوم وتدمّر مقومات حياته، وتستهدف المؤسسات والمستشفيات، ولا يكتفي المعتدون بذلك بل يعمدون إلى عرقلة في الأمم المتحدة ومجلس الأمن لمنع اتخاذ قرار إنساني، وبالتالي ليستمر العدوان في استهداف الشعب اليمني في حياته، مؤكداً أنه من حقنا أن نعبّر عن انتصارنا لقضايا المظلومين والمستضعفين، فهذا واجب إنساني وأخلاقي، وهذا أيضاً من باب الوفاء لشعب اليمن الذي لم يقصّر يوماً في نصرتنا، وفي التعبير عن تضامنه معنا، والوقوف إلى جانب المقاومة عندما كنّا نتعرض للإعتداء الإسرائيلي والأميركي، يوم كان هناك تواطؤ بين قوى التخلّف العربي وبين الهمجية الصهيونية، ولعلّ من أسباب ما يجري في اليمن وما يتعرّض له شعبها هو الإنتقام من هذا الموقف الشجاع العربي الإسلامي والوطني الذي كان يقفه على الدوام.

ورأى الوزير فنيش أن هناك من يريد تعطيل إرادة التغيير والنهوض على امتداد العالم العربي والإسلامي، والوقوف بوجه أي مشروع تحرري أو استنهاضي، فالتحالف المتين الذي يبدو واضحاً بين قوى التخلّف في عالمنا العربي والإسلامي، وبين دول الهيمنة وفي طليعتها العدو الإسرائيلي والإدارة الأميركية، يمارس حرباً لئيمة وعدواناً بكل معنى الكلمة مخترقاً ومتجاوزاً بذلك كل القوانين والأعراف، مؤكداً أنه لا يحق لأي دولة أن تتدخل في شأن شعب بالقوة وبالنار وبقصف الطائرات والمدفعية ورمي القنابل بسبب أن هناك قوّة سياسية بات لها حضورها، متسائلاً أي حق يعطي مشروعية لهذا العدوان، وأين الذين يزعمون ويرفعون أصواتهم بشعارات الإنسانية أو حقوق الإنسان مما يجري في اليمن، وأين هذا الموقف الدولي، وهذه المؤسسات الدولية التي تقف عاجزة، حتى الأمم المتحدة لا تقدر أن تتخذ قراراً إنساني من أجل منع استهداف المستشفيات وتأمين المحروقات والطبابة والأدوية لشعب يفرض عليه حرب وحصار ظالم، مشدداً على أن هذا لا يعبّر عن قوّة ولن يغيّر في المعادلات الموجودة على الأرض، لأننا نرى تصميماً من قبل الشعب اليمني على بلوغ غايته في التحرر والإستقلال والنهوض والتطلّع إلى مستقبل أفضل، ولأننا تعلّمنا من السُنن الإلهية ومن تاريخ الشعوب، ومن تجربتنا المعاصرة في مواجهة العدوان الإسرائيلي أنه مهما تكالبت قوى البغي لن تستطيع أن تقهر إرادة شعب يتمسك بحقه وإرادته في الحرية والكرامة بالرغم من الخسائر والجرائم التي ترتكب.

وتطرق الوزير فنيش إلى الوضع في سوريا مؤكداً أن ما يجري في سوريا بات واضحاً أنه لا صلة له بشعارات التغيير، وليس هناك من معارضة تريد إصلاحاً، بل إن ما يجري هو حالة من الفلتان لعصابات إجرامية تكفيرية، تحظى بدعم من قوى إقليمية، في محاولة منها لإسقاط دور وموقع سوريا، إلا أنه وبعد أن عجزت هذه الحرب عن تحقيق أهدافها، نرى أن القوى الإقليمية التي صنعت ودعمت ووفّرت الغطاء للحركات الإرهابية تعمد اليوم إلى ممارسة كل أشكال الهمجية، في وقت يدعون أنهم يريدون مواجهة الإرهاب والارهابيين.

ورأى الوزير فنيش أن هناك صراعاً بين إرادتين، بين إرادة تريد النهوض والإصلاح والتغيير في مجتمعاتنا، وبين قوى التخلّف والسيطرة التي لا تريد لهذه الشعوب ولا لهذه الأمة أن تنهض لا من تخلّفها ولا من خضوعها لإرادة القوى المستكبرة، مشدداً على أن هذا صراع يتطلب تماسكاً ووعياً وصبراً، وهذا بات موجوداً في شعوبنا، مما يؤشر إلى أن نتيجة هذا الصراع لن تكون إلاّ لمصلحة خط المقاومة والتغيير، لأنه خط الدفاع عن القيم، وانتصار الحق، هو الذي يرسم المستقبل المشرق لهذه الأمّة في مواجهة أعدائها .

وفي الختام إفتتح الوزير فنيش والحضور مشهدية فنية تجسد واقع عمل جمعية أجيال السلام لنزع الألغام من خلال سينوغرافيا فنية في مقاربة تصور للواقع الميداني لأحد الحقول، بما يتطابق مع المواصفات المعتمدة في عمليات نزع الألغام وإزالة القنابل العنقودية، وقد تم تنفيذه بإتقان فني مبدع وبجهود مشتركة لمتخصصين من جمعية أجيال السلام وفنيين من القسم الإعلامي لحزب الله في الجنوب، وعلى هامش المشهدية كان هناك معرض جمع العديد من أشكال الألغام والقنابل العنقودية التي تم إزالتها وتعطيلها من عدد من الأراضي الجنوبية، فضلا عن الصور الفوتوغرافية لمسار العمل في جمعية أجيال السلام أثناء ممارسة عملهم، بالإضافة إلى اللوحات الإرشادية والتوجيهية والتحذيرية المعتمدة في المناطق الملوثة، بالإضافة إلى الإحصائيات العددية لناتج عمل الجمعية منذ التأسيس إلى اليوم.

هذا ويستمر المعرض أيام الإثنين والثلاثاء والأربعاء 4 و 5 و 6 من شهر أيار الجاري، فيفتح أبوابه للزوار وطلاب المدارس والجمعيات الكشفية من الصباح حتى المساء في مركز باسل الأسد الثقافي في مدينة صور.


التعليقات