قراءة في تغييرات المملكة : إسقاط بشار الأسد قريباً .. يجب السعي لاتفاق مكة 2

قراءة في تغييرات المملكة : إسقاط بشار الأسد قريباً .. يجب السعي لاتفاق مكة 2
كتب غازي مرتجى

لا شكّ ان التغيرات الاقليمية المُتسارعة وغير المتوقعة ستؤثر على شكل المنطقة في الاشهر القليلة القادمة , فبعد مكافأة قائد عاصفة الحزم بتعيينه ولياً لولي العهد السعودي وتسليم دفة الحكم في المملكة لـ"الأحفاد" وعدم حدوث اي ارتدادات لقرار الملك سلمان والتزام الغالبية الحاكمة بقراراته وكذلك المجتمع الدولي , فإننا امام تمكين سعودي داخلي سيبدأ بتغيير المنطقة لصالحه .

لا شكّ انّ الفترة الأخيرة من عهد الملك عبدالعزيز الغالي على قلوب العرب كانت لوقف امتداد "الربيع" الى مملكته والدول الخليجية الصديقة له والموالية للمملكة , لذا كانت الاصلاحات في المملكة تسير ببطء وحتى تمكين الحكم للأحفاد في عهد الملك كانت "صعبة" في ظل التحالفات القوية وظهور جماعات مُناهضة كانت ستنقضّ على المملكة في حال ضعُفت أي خاصرة في المملكة لذلك كان جهد الملك الراحل بتثبيت حكم عائلته دون النظر الى المشكلات المتفاقمة في الاقليم الا بتدخلات سياسية وعون ومد مادي بسيط .

انّ من اهم المشكلات التي تواجه المملكة وعدم "الخلاص" منها يعني ان المملكة لم تنجح حتى الآن هو التغوّل الايراني في المنطقة وبقاء بشار الأسد في سدة الحكم .

رفعت المملكة لواء التخلص من بشار الاسد منذ بداية الثورة السورية منذ ما يقارب الخمسة سنوات الا ان المملكة لم تتمكن من انهاء السيطرة "الأسدية" على سوريا لاسباب لوجيستية سياسية داخلية ايضاً .

المفاوضات مع ايران حول ملفها النووي وانتظار الدولة الاسلامية لموافقة الكبار "جموعة الخمسة + واحد" للاتفاق يمنعها من التدخل بشكل أوسع في الدول الموالية لها او التابعة لها .. وهذا ما حصل في عاصفة الحزم حيث امتنعت ايران عن التدخل ضد المملكة والتحالف السنّي الذي قضى على ترسانة الحوثيين وأجبرهم على التراجع امام القوات الشرعية الموالية للسعودية برئاسة الرئيس هادي .

المرحلة القادمة وهي خلال الشهر الجاري او شهر يونيو على ابعد تقدير ستكون خطة ممنهجة سيكون ضمنها "عمل عسكري" للتخلص من سيطرة بشار الاسد على سوريا وقد تقوم القوات الموالية للسعودية باغتيال الأسد , وقد تعمل السعودية على "فكفكة" الجيش السوري والموالين للأسد كما حصل قبل ايام مع رفعت رستم الذي سلّم الحريري وهو موالي للسعودية معلومات هامة ولمحّت بعض المواقع المناوئة لسوريا ان رستم كان ينظم لانقلاب هاديء على بشار الاسد .

لن تكون "لبنان" بعيدة عن التدخل السعودي وهي التي تُحكم حتى الان باتفاق الطائف الشهير الذي وزّع "الحصص" على كل التيارات المتصارعة في لبنان , وستعمل السعودية على تجيير الجيش اللبناني "المستقل ظاهرياً" اليها بشكل أقوى وصفقة السلاح التي ابتاعتها المملكة من فرنسا لصالح لبنان دليل على ذلك .

ولأن ّ القضية الفلسطينية هي "الضامن" لاستمرار الرؤساء والملوك العرب وهي الأقرب لقلوب ووجدان الرأي العام العربي فستعمل السعودية على قطع دابر العلاقة بين "حماس" و "ايران" وستُحاول ضم الحركة الاسلامية التي تتلقى تمويلها من ايران الى التحالف "السني" الذي تُحضر له المملكة على نطاق واسع , وكذلك ستعمل على الضغط على الرئيس المصري للتصالح مع تيارات معينة في الاخوان مقابل ضمان استقرار مصر امنياً واقتصادياً وهو ما يتم التحضير له في مصر .

انّ المملكة تعمل بشكل جدّي ومتسارع لاعادة الثقل السياسي والاقتصادي والديني لها وستتخلى عن دور المُمول لتنتقل الى دور اللاعب الرئيسي في ملفات شائكة متعددة في الاقليم .

بداية التغيير السعودي في سوريا انشاء "جيش الاسلام" وهو طرف متحالف مع المملكة مناويء للقاعدة وداعش وبالتأكيد ضد النظام السوري , وتسليح هذه الجهات للعمل على تقويض التمدد الداعشي وكذلك العمل على اضعاف الجبهة الأسدية للانقضاض السريع عليها .

انّ تدخل المملكة هذه المرة لانهاء مشكلة الانقسام لن تكون كسابقتها بعقد جلسات وحوارات جديدة بين طرفي الانقسام وانما ستكون بفرض رؤية واضحة لحركتي حماس وفتح والتزام سعودي كامل بدفع كل التكاليف المنوطة بتنفيذ مخططها .

أسرّ لي سفيرنا الحالي بالقاهرة الدكتور جمال الشوبكي وهو سفيرنا في المملكة العربية السعودية سابقاً ابان توقيع اتفاق مكة بين حركتي فتح وحماس ان الملك عبدالله وضع مبلغ 10 مليار دولار لانهاء مشاكل السلطة الفلسطينية مقابل التزام الطرفين بالاتفاق الموقع في مكة , وباعتقادي ان المملكة لن تبخل على فلسطين باي مبلغ مطلوب لتسريع انهاء الانقسام وتوحيد المؤسسات مقابل التزام الطرفين باي اتفاق يتم توقيعه لا ان يتم نقضه فور توقيعه !

لو صحّت اقول استعداد المملكة للتدخل لحل مشكلة الانقسام الفلسطيني فعلى طرفي الانقسام "تلقف" اي عرض سعودي فوراً والموافقة على الطرح دون الحاجة لمزيد من الحوارات البيزنطية التي "ملّ" منها المتحاورين قبل الشعب !