بيرزيت

بيرزيت
كتب خاص لدنيا الوطن

د . نبيل عمرو

قرية فلسطينية... فيها عائلة مسيحية الى جانب عائلات مسلمة، هذه العائلة المسيحية .. هي آل ناصر، خرّجت كفاءات نوعية متميزة ومتفوقة في كل المجالات، منها على سبيل المثال لا الحصر، الشاعر الكبير كمال ناصر، ومنها كذلك السيد موسى ناصر الديبلوماسي البارز، وحنا ناصر عضو اللجنة التنفيذية السابق -في اوج سطوعها، ورئيس مجلس ادارة الصندوق القومي، ثم... وهذا أهم ما في حياته، رئيس جامعة بير زيت التي اسستها عائلته ورعتها وقدمتها هدية للأجيال الفلسطينية ... ولم تكن جامعة بير زيت ذائعة الصيت مجرد صرح اكاديمي شامخ، بل صارت قلعة وطنية تميز بها الوطن والشعب.

كان طلبة الجامعة مجسما شابا نابضا للحياة السياسية الفلسطينية، فيهم كل الاطياف الفكرية والسياسية والثورية ، كان ابناء الجامعة رائعون في حياتهم الطلابية واكثر براعة وعطاءً بعد تخرجهم ، فلقد اضافوا لمستوى التعليم الكثير، وكانوا دائمي الحضور في كل مجالات الابداع والتنمية والعطاء الكفاحي.

برز حدث وقع هذه الايام، ان حركة حماس فازت باغلبية مقاعد مجلس الطلبة، تفوقت على فتح وباقي الفصائل ، وبوسعها قيادة الحياة الطلابية لسنة كاملة ، وقد تبقى في قيادته ان لم تخفق، لسنوات اخرى قادمة.

بوسعنا التغني بديموقراطيتنا الفلسطينية ، ذلك ان انتخابات مجالس الطلبة عندنا ، افضل دائرة بكثير من الانتخابات السياسة، الا اننا لا نستطيع ان نخفي مرارتنا من النتائج، فليس هذا هو وزن فتح ، وليس هذا ما عودتنا عليه في ايام مجدها ، حين كانت الاكثر حضورا بين الطلبة والمعلمين وسائر القطاعات الشعبية الاخرى.

كان حضور فتح قويا، ويكاد يكون شاملا في زمن لم تكن فيه صاحبة سلطة ، ولا وزارات ووظائف، بل كانت صاحبة اهم ما احتاجه الشعب الفلسطيني وتعلق به، وهو القرار المستقل، والتفوق في الثورة والمقاومة والسياسة داخل المجتمع الفلسطيني، وفي اي مكان وجد فيه فلسطينيون، وكثيرا ما ظهرت اصوات من فتح، تحذر من الانهيارات التي تبدأ بالاطراف لتصيب القلب ، وجامعة بير زيت بمثابة قلب فتح وعنوانها ومصدر انجازها ، ليس على مستوى القطاع الطلابي والاكاديمي، وانما على مستوى اعم واشمل وارقى وهو المستوى الوطني بشموليته.

لم تفز حماس في بيرزيت، رغم حصولها على عدد الاصوات الاعلى .. الا ان الذي فشل هو فتح وحلفاؤها السياسيين من مختلف الفصائل والقوى الوطنية.. ودائما لدى حماس القدرة المتجددة على النفاذ من فراغات فتح ، وتناقضاتها واقتتالها الذي لا يتوقف رغم انه لا مبرر له.

لقد لفت نظري وانا على بعد الاف الاميال من ارض الوطن، ان حماس لم تأخذ مجلس الطلبة في بيزيت فحسب بل اخذت رمزية مروان البرغوثي ، ورفعت صورته الاثيرة التي تعبر عن فتح الحقيقية.

الشاب اليافع الذي يشد القيد حتى يكاد يحطمه ويرفع شارة النصر في زمن خبت فيه هذه الشارة الا حين وصول الرواتب المحتجزة.

ان فتح التي نعرفها وتربينا فيها وقاتلنا كل معاركها في كل زمان ومكان، تبدو كما لو انها مجرد كيان يعيش على سمعة الماضي ، وانجازات الشهداء، وهذا وان كان ضروريا لالهام الاجيال ، الا انه وحده لا يكفي ، ففتح الان بحاجة الى فتح لا اكثر ولا اقل.