بعض العائلات انتهجت "عزاء العصر" : "بيوت العزاء" تكاليف طائلة تثقل كاهل اهل الميت

بعض العائلات انتهجت "عزاء العصر" : "بيوت العزاء" تكاليف طائلة تثقل كاهل اهل الميت
غزة - خاص دنيا الوطن - عمر اللوح
يقع الكثير من اقارب المتوفين في مأزق كبير بسبب تكاليف العزاء الباهظة والتي تزيد عن المبلغ المطلوب بكثير، مما ادى الى انتشار ظاهرة العزاء بعد صلاة العصر حتى يستطيع اقارب الميت الراحة وايضا لتوفير مبالغ مالية غير قادرين على دفعها للغداء وغيره من التكاليف. 

راتبي لا يكفي للعزاء
المواطن أحمد ( 38عاماً) الذي قال لـــ" دنيا الوطن " لم يكن امامي خيار اخر عندما توفى والدي من إقامة بيت العزاء بعد صلاة العصر لعدم امتلاكي ثمن إقامة بيت العزاء من الصباح الى المساء فهذا الامر يحتاج الى تكاليف كبيرة وبالكاد يكفيني الراتب الذي اتقاضاه فكيف اذا فتحت بيت العزاء لمدة ثلاثة ايام متتالية. 

ويتابع بدأ العديد من افراد عائلتي يطالبون من ان يكون العزاء طوال اليوم باعتبار ان عائلته من العائلة الكبيرة وبدأ العديد منهم يعرضون مساعدتهم لي في مصاريف العزاء ولكنني رفضت ذلك الامر بتاتاً لأنه بعد انتهاء العزاء سيطلب كل واحد منهم المصاريف الذي دفعها وأنا لا املك المال فمن اين لي ان ادفع لهم ذلك؟!!  

وأضاف بالقول اصررت على موقفي الرافض إقامة العزاء طوال اليوم وبالفعل اقمت العزاء من بعد صلاة العصر وحتى العشاء ولم يكلفني الا مبالغ قليلة جداً، وفي نهاية الامر لو كنت أملك المال لأقمت العزاء طيلة اليوم ولكن لا يكلف الله نفسا الا وسعها. 

كلفتني ديونا كثيرة

أما خليل عجور الذي بدت عليه علامات الحزن على فقدان والده وزاد الحزن حزنا عدم مقدرته على دفع الدَّين الذي عليه من مصاريف العزاء الذي أقامه طيلة أيام العزاء فيقول:" بعد دفن والدي وعودتنا الى بيت العزاء لم يكن في وسعي؛ إلا أن استدين من بعض الاصدقاء حتى اتمكن انا واخوتي من تغطية تكاليف بيت العزاء لوالدي. 

ويواصل حديثه لـــ" دنيا لوطن" بعد انتهاء العزاء بفترة من الزمن بدأ البعض يطالبوننا بتسديد الدين ولم اكن أمتل المال فاستدنت من اشخاص اخرين حتى ادفع لهم الدين، ويضيف ان تكاليف العزاء كلفته اكثر من ألفي دولار تقريبا، وقال: "إنه مبلغ كبير جداً وقد تقاسمنا المبلغ أنا وإخوتي الاثنين تقاسما هذا المبلغ.

وأشار ان هناك اشخاص يأتون الى العزاء في وقت الظهيرة عند تقديم الطعام، وهذا الامر مزعج لنا حيث لا يحضرون الى بيت العزاء الا في وقت الظهيرة  في الثلاث أيام، ولافتا الى انه كان مخطئا عندما أقام العزاء طيلة اليوم وكان من المفترض ان يكون من صلاة العصر الى قبل صلاة العشاء ليس بخلا ولكن حتى يستطيع افراد العائلة ان يرتاحوا من الوقوف طيلة اليوم وتكون التكاليف المالية قليلة في نفس الوقت.   

البعض يحضر لأجل الغداء

في حين ان معاذ نصر الذي بادرنا مراسل "دنيا الوطن" الحديث بالقول لا يكتفي الانسان في ان يتحمل الالم بفقد أحب الناس اليه فيأتيه تكاليف القبر ثم بعد ذلك تكاليف العزاء الذي يكسر ظهر الانسان من كثرة التكاليف التي يدفعها" ويضيف لم يكن امامي خيار آخر سوى بيع سلسلة زوجتي بعد ان وعدتها ان حضر لها واحدة اخرى الاجل تغطية تكاليف العزاء. 

وأشار للأسف الناس لا ترحم فتحضر واجب العزاء عند احضار الطعام ويكون العدد كبيرا جدا وكأنه فرح وليس عزاءً واعتقد انهم لا يحضروا للتعزية بل لأجل تناول الطعام فلا يهمهم سوى بطونهم، وبين ان الناس لا يعتبرون من الموت بل ويدخنون، ولا يراعون حرمة الميت.

لافتا نصر أنه اصبح يفكر طيلة الايام بكيفية احضار الطعام والتمر، وقال لقد وقعنا في خطأ كبير ويجب على الاخرين ان يأخذون العبرة وان لا يسرفون في تكاليف العزاء بل يجب على اهل الميت حتى وإن كان يمتلكون المال ان يوزعوه على فقراء المسلمين فهم أولى به.   

بيت العزاء بالإسلام

وبدوره أوضح الداعية الاسلامي عماد الداية ان تكاليف العزاء هي بدعة اجتماعية فرضت من قبل العادات والتقاليد الخاطئة والأصل أن لا يقام العزاء بالوجه الذي نراه اليوم، من وجود خيمة العزاء وتكاليف الأطعمة المستمرة لثلاثة أيام والخادم الخاص للقهوة فهناك بذخ غير معهود.

وأوضح وفي السياق ذاته أن العلماء نبهوا على بدعية التجمع في مكان العزاء والبقاء فيه لمن لم يكن من أهل المتوفى، وذلك لما فيه من إثقال ومشقة على الأهل ، ويكفيهم ما هم فيه من كرب وشدة، ونحن نعرف أن الواحد فينا إذا جاءه ضيف اهتم له وعطّل كل أشغاله حتى يذهب الضيف فما بالك بمن يشق على الناس ويقيم إقامة دائمة لمدة ثلاثة أيام بحجة مشاركتهم في العزاء، واستقبال الضيوف، ويتعللون بأننا لا نكلف أهل المتوفى شيئا من الأكل بل نحن نأتي به، ونحن نعمل بالحديث (اصنعوا لآل جعفر طعاما فقد اتاهم ما يشغلهم).

ولمناقشة هذا الفهم الخاطئ أوضح الشيخ الداية أن هذا الحديث أتى لجواز صنع الطعام لمن أشغلته المصيبة فقط وهم أهل العزاء فكيف يستجيز غيرهم البقاء والاستئناس في المنزل ، بل وتجاوز ذلك إلى أن يكون مجلس العزاء مجلس مرح ونكات وتعليقات سخيفة، ولم يتعظ هؤلاء بالموت الذي هو أعظم واعظ، ويتحكم في ذلك أعراف فاسدة، درج عليها البعض؛ بل ينبغي أن يسعى الجميع في تفعيل القرار الذي يحصر العزاء من الساعة الثالثة أو العصر إلى المغرب بدلا من أن يكون مفتوحا طوال اليوم والليلة .

التعليقات