رحلة إلى الزمن الجميل

رحلة إلى الزمن الجميل
رام الله - دنيا الوطن

تحقيق : اماني علام

  للوهلة الأولى تحسبه معبدا رومانيا أوجزء من قصورامبراطور في عصرالنهضة أومتحفاعالميا للفنون، لكنه في الحقيقة ليس إلامتجرا للتحف والأنتيكات، يطل على طريق الحرية في منطقة رشدى بمدينة الإسكندرية ، ثاني كبرى مدن مصر، بمساحة صغيرة لا تتجاوزالأمتار.. في بقعة من الأرض يفوح منهاعبق التاريخ وأصالة الزمن،يجذبك كل ركن فيها إليها،ولكن أكثرماقد يجذب انتباهك بشارع الحرية هوذلك المحل الصغير للأنتيكات                                                                   

   الأصالة والعراقة والقدم ..                                                                                

فكل مايحتويه من مقتنيات تأخذك في زيارة إلى أزمان بعيدة ،تنادي هواتها وتداعب رغبتهم ليشتروها مجرد أشياء تحولت من لوازم للحياة في حينها إلى تحفه عشقها، كالجرامافون باسطوانته العتيقة التى تسمع منها اعذب الالحان ،براد الشاي الفضى مع اطقم الفضة والاباريق والتماثيل والصناديق واطقم التقديم الفضية والادوات الصغيرة واطباق الخزف ( السيفر) الفرنسية التى تحمل توقيع صانعها  يزيد من قيمتها كلما مر عليها الزمن ، بالإضافة إلى الساعات القديمة الساحرة التى عندما تراها تشتاق انت تعود بك لزمن صناعتها  ،والتماثيل العاجية الرائعة ، والأمرقد وصل الى وجود طقم تمشيط الشعر الفضى بمرآته النقية الرائعة  الذى مرعليه من الوقت مايكفي لتدخل عالم الأنتيك                                     

                   هناك يقف  "محمد حسن " صاحب محل الانتيكات الملكية او"  رويال انتيكس"  كما اطلق عليه  والذى لم يبلغ عامه الاول الا انه عتيق جدا بما يحتوية ويالمقارنه بعمرمحمد  الصغير ،  هذا الشاب ليس مجرد بائع بل انه  هاو لحد الولع بما يفعل ويحب ما يفعل  فانه شغوف بجمع كل ماهو قديم واصبح تحفة تعشقها عين الناظرين  فهو لم يرث المهنه عن اجداده ولكنه ذهب اليهابكامل إرادته بسعادة بالغه في داخله،فهو يدرك جيدا ماتتطلب منه مهنته،وأولها أن يكون مُلم بكل تفاصيل محتويات محله لدرجة الثقافة بكل قطعة وتاريخها،ولديه كذلك أكثرمن لغة للتواصل بها مع زبائنه الغيرمصريين، ووسيلته طلاقته فى التحدث بالانجليزية.

عين فنان ..

            عند جولتى بالمحل لفت نظرى جمع كل قطعة بعناية شديدة وعند سؤالى له عرفت انه يحصل على بضائعه من خلال المزادات واخرى من بيوت الاجانب  الذين مازال احفادهم هنا بالاسكندرية والجزء الاكبر من الخارج حيث انه يسافر شهرياً لانجلترا وفرنسا ولذلك معظم القطع بمتجره من التحف الاوربية فيتدلى من الاسقف النجف ( الثريات ) الفرنسى وعلى الحوائط الاباليك الفرنسية شديدة الجمال والساعات والشمعدانات الفضية والاطباق الخزفية ( السيفر) الفرنسية، اما الاثاث الخشبى  غرف كامله انجليزية الصنع  وايضا ً البايوهات الفرنسية المتقنة والمحلاة ومطعمة بقطع النحاس الغنية  وبكل اركان المكان المزهريات (الفازات ) الصينية الاصلية .                                                                          

وزادنى " حسن" معلومة هامة وهى ان مصرمن البلاد القليلة التي توجد فيها قوانين تحظربيع التحف التي تزيد أعمارها عن مائةسنة ،وتكون له اعلاقة أوتمثل حضارة أوتاريخ مصرسواء كانت قطعا فرعونية أوقبطية أورومانية أواسلامية، بالاضافةالى انهاتحظرأيضابيع الخناجروالسيوف والدروع والبنادق والايقونات والنسيج المصنوع بطريقة «السيرما»القديمة ـ وهوعبارة عن حريرمطرز بأسلاك الفضةأوالذهب ـ.                                                                                            

ولهذا لاوجود للتحف الأثرية الاسلامية في تجارةالانتيكات في مصر بل يقتصرالأمر على التحف الأوروبية.                                                                                                           

  واكدلى حسن  ان اسعار التحف لدية متفاوتة وجودتها وقدمها يزيد من جمالها وثمنها  .

وقد تحدثت الى سيدة دخلت الى المحل الملكى عن سبب زيارتها فأكدت لى انها معتادة على المجىء لهذا المحل لانها تجد به الذوق والجودة والسعر المناسب .                                                           

 واضاف محمد حسن  " ان فى الماضى كان اكثر الزبائن على محلات الانتيكات كانوا من الطبقة الراقية الثرية اما الان فكل الطبقات تستطيع ان تحصل على مايناسبها من القطع القديمة وبالاسعار المناسبه لهم" .

                        وتابع حسن حديثه " ازدهرت تجارة الانتيكات مع بداية الخمسينات وثورة يوليو 1952 عندما بدأ الرعايا الاجانب يغادرون مصر فباعوا أثاث بيوتهم ولم يأخذوا معهم إلا ماخف وزنه خاصة اللوحات ( التابلوهات ) التى تعانى السوق المصرية من ندرة فيه حتى الان  واستمر هذا الرواج الى عصر الانفتاح فى السبعينات الا ان هذا الرواج الكبير أغرى المزيفين ونوعية اخرى من التجار لا تهمهم السمعة الحسنة بقدر ما يهمهم المكسب فبدأو تزييف القطع الأصلية وتقليدها .                     

                واكد محمد حسن ان الاسكندرية تعتبر السوق الاضمن والاقل سعراً لتجارة الانتيكات  ويقبل عليها عشاق اقتناء التحف من القاهرة ومن جميع المحافظات .

اعطي العيش لخبازه..

         وعن الاصلى والتقليد علق محمد حسن بأن  هناك فى كل مهنة الصالح والطالح ففى مهنتنا تجار لهم اسم وتاريخ واشار ان القطع المزورة أو المقلدة لم تظهر فى السوق المصرية الا فى منتصف السبعينات عندما ظهرت طبقة جديدة من الأغنياء لم يكن من السهل عليها التعرف على اصلية القطعة .

          ويحدث هذا غالباً اثناء المزادات لوجود دخلاء على المهنة ليس لديهم اى خبرة فيسهل البيع لهم قطع مقلدة وليست اصلية. ومن اكثر القطع التى يسهل تزييفها التابلوهات والزجاجيات والخزف الصينى والتماثيل اما الاخشاب والاثاث وبعض من التماثيل فيصعب تقليدها لانه من السهل تمييز خاماتها ان كانت اصلية قديمة او جديدة لذلك يجب الحذر عند شراء اللوحات والتماثيل والاثاث والتأكد من انها تحمل تواقيع صانعيها من الفنانين العالميين.                                                                




          

التعليقات