في ذكرى يوم الأسير الفلسطيني نحو إستراتيجية وطنية لتعزيز صمود الأسرى وصولاً لتحريرهم

رام الله - دنيا الوطن
إلى الصامدين في خنادقهم قابضين على مبادئهم كالقابض على الجمر.. وإلى الأسر المنتظرة بصبر وأمل عودة أبنائها من قبور الأحياء رافعين الهامات.. إلى الزوجات والأبناء الذين يعيشون السنين دقائق وثوانٍ تحت سكاكين الانتظار.. إلى جماهير شعبنا الباسلة الذين قدمّوا ما يزيد على المليون أسير على مذبح فلسطين وحريتها واستقلال أرضها وقرارها.. إلى الشهداء الذين قضوا في زنازين الإحتلال وباستيلاته المجرمة شموعاً تنير الدرب أمام العابرين إلى رحاب الإنعتاق من رقبة الظلم والظلام.. إلى الأسرى الذين خلقوا بتضحياتهم مدارس وجامعات ثورية ترفد مساحة الفعل الوطني والنضالي وتفك طلاسم اليأس والاحباط وتزرع الأمل.

تهل علينا اليوم ذكرى يوم الأسير ولا زالت قوافل الأسرى تسير بخطى ثابتة على  عهد من سبقوها، تُرسّخ خارطة الوفاء وتعمّق خطوطها التي رُسمت بالدم وعُمدّت بالتضحيات حاملة هم القضية وحاضنة ثوابتها، لم تتزحزح لحظة أو تلين رغم الهجمات المتتالية على مقدراتها وإنجازاتها التي انتزعتها عبر تاريخها الطويل بمعارك الجوع والصمود أمام آلة الموت الصهيونية الحاقدة، ونستحضر في هذا اليوم الشهداء محمد الخواجا، وإبراهيم الراعي، ومصطفى عكاوي، وقاسم أبو عكر وأبو خضرة وعلي أبو سلطان ومحيي الدين سلمان، وبركات وعبد الصمد حريجات وعرفات جرادات، وشهداء معركة الأمعاء الخاوية والمواجهة مع السجان عبد القادر أبو الفحم وعلي الجعفري وراسم حلاوة واسحق مراغة وخليل أبو خديجة وعمر القاسم وميسر أبو حمدية والترابي وقوافل شهداء الأسرى المحررين.. كما وفي هذه المناسبة نوجه تحية الصمود والكبرياء لرفيقنا الأمين العام أحمد سعدات، والرفيقة المناضلة خالدة جرار، والرفاق الذين مضى على أسرهم ثلاثون عاماً وليد دقة ورشدي أبو مخ وإبراهيم أبو مخ، وجميع أسيراتنا وأسرانا في سجون الاحتلال.

جماهير شعبنا ،،،

تمر علينا هذه الذكرى ولا زال الاحتلال يُصعّد من إجراءاته بحق الأسيرات والأسرى التي لا تتوقف عند حدود سياسة الاعتقال الإداري، أو الإهمال الطبي والمداهمات الليلية وحرمانهم من الكانتينا وأبسط حقوقهم ومنع ذويهم من الزيارة، بل وفي السياسة الممنهجة التي تتبعها مصلحة السجون الصهيونية مستهدفة صمودهم وإرادتهم ووحدتهم باعتبار الحركة الوطنية الأسيرة ومواقفها الثابتة ونضالها عند هذه المؤسسة الصهيونية هو امتداد لنضالات شعبنا، وهو جزء أساسي لا يتجزأ من حالة صمود شعبنا.

تمر علينا هذه الذكرى والاستهداف يقطف ثمرات شعبنا شباباً وشيوخاً وأطفالاً ونساءً، ولا يزال التآمر على قضية شعبنا يسعى لاستهداف الثابت ويحاول الانقضاض على المتحرك ويضع شروطه وإملاءاته،  ولا زالت سياسة ضم الأرض  والاستيلاء عليها تُقتطع من ربوع الوطن، ولا زال التجريف واقتلاع الأشجار يستهدف العصف بجذورنا، ولا زالت صورة تشريد شعبنا وتهجيره التي قاسيناها وعشناها في السابق تعيد نفسها في صورة حيّة تُدمي الشرايين من عين الحلوة إلى اليرموك إلى غزة الصامدة. ولا زال الإنقسام يُعمّق الفرقة بين أبناء شعبنا ويلطخ صور ته وتضحياته المشرقة.. ورغم كل ذلك تقف جماهير شعبنا وفي أقسى الظروف صامدة باعتبارها صمام الأمان الذي لا يستطيع أحد تجاوزه أو اختراقه، والذي يجب علينا أن نخضع لمحكمتها وقضاءها الذي لم يخيب الأمل يوماً.

في هذه الذكرى، لنقف جميعاً أمام ذواتنا نستحضر فيها تضحيات الشهداء والأسرى، ونتوحد جميعاً على عتبات دمنا المسفوك ونستلهم من عذابات أسرانا قيمنا النبيلة، وتكون معاناة المشردين والمنكوبين حافزاً لنا للوحدة ولصوغ استراتيجية نضالية موحدة تستثمر طاقات شعبنا النضالية في خدمة أهدافنا النبيلة، بعيداً عن الأجندات والفئوية.

 

جماهير شعبنا،،،

وفاءً لتضحيات الأسرى ولرسالتهم التي تعتبر أمانة تحقيقها واجب علينا جميعاً، وحرصاً على المبادئ والقيم النبيلة ومعارك الصمود التي خاضوها وما يزالوان في سجون الاحتلال، نؤكد على التالي:

1)  ضرورة صوغ استراتيجية وطنية للاهتمام بقضية الأسرى كقضية مركزية تواجه سياسات الاحتلال بحقهم، وتأخذ بعين الاعتبار تحريرهم بشتى الوسائل، وتعمل على ربط الأقوال بالأفعال.

2)  العمل الجاد من كافة المؤسسات الوطنية والشعبية على تفعيل قضية الأسرى على كافة الصعد، وإعادة الاعتبار لقضيتهم كحق وطني ثابت، وليس من بوابة استبدالهم بأي ثابت وطني آخر.

3)  ضرورة إعادة الاعتبار لأسرى الداخل والقدس المحتلة، باعتبارهم رافد أساسي وجزء أصيل من أبناء شعبنا، بما يعزز من جهودنا لأن يكونوا ضمن أي صفقة تبادل قادمة.

4)  العمل الجاد والحقيقي على تدويل قضية الأسرى باعتبارهم أسرى حرية وإستقلال والتوجه للمؤسسات الدولية بما فيها محكمة الجنايات الدولية، والتحرك على المستوى الدولي من أجل فضح سياسة الاحتلال بحق الأسرى، والتنسيق مع القوى الصديقة لشعبنا وأحرار العالم لنصرة قضيتهم

5)  إعادة الاعتبار لوثيقة الأسرى كخطة إنقاذ وطنية متوافق عليها، من خلال تداولها بالمحافل السياسية والوطنية والثقافية، واعتبارها إحدى مرجعيات الاستراتيجية الوطنية الشاملة التي ندعو إلى صوغها بتوافق وطني.

6)  ضرورة وقف الاعتقال السياسي، وتشكيل حاضنة جماهيرية للمقاومة الفلسطينية ووقف التنسيق الأمني فوراً وبشكل نهائي.

7)  إعادة الاعتبار لخيار المقاومة الشاملة كبديل لمربع التسوية والمفاوضات العقيمة، بما فيها أرقى أشكالها المقاومة المسلحة.

8)  تجسيد وحدة الموقف الفلسطيني مما يجري في مخيم اليرموك، بما ينهي محنته والحصار المفروض عليه، ويخلصه من إرهاب الجماعات التكفيرية، ويعيد ساكنيه إليه.

9)  التنديد بالتدخل الأجنبي في القضايا العربية الذي يهدف لتغيير وجه المنطقة، بما يلبي المصالح والطموح الامبريالي الصهيوني.

 

التعليقات