كنتُ أسألُ نفسي... لِمَ أُحبُ أصالة؟

كنتُ أسألُ نفسي... لِمَ أُحبُ أصالة؟
محمد مطاوع – دنيا الوطن – بيروت 
كنتُ أسألُ نفسي عن سبب حبي لأصالة. هذا الحُب الذي عادَ فجأة أو ربّما تكوّن فجأة، قبل 3 شهور من اليوم. 

لا أذكر أنّي شتمتُ أصالة مرةً واحدة، بالرغم من اختلافي معها بالسياسة. وكنتُ أقول دائماً، أنها واحدة من الناس، والمتلقين، وربّما لديها رؤية سياسية مبنية على أسباب خاصة بها لا نعلمها... كما كثيرين... نحنُ أبناء بيئتنا وظروفنا. 

بصرف النظر عن المعمعات السياسية، والتشدُّقات التي اختارت ربّما أصالة أن تدخل بها، وربّما لدواعٍ خاصة بها، وربّما لصدقٍ يتصل بها... فأنّا منذُ ثلاثة شهور إلى اليوم، وصلتُ لجملة: 

لِمَ غبتُ عن أصالة؟ عن أُغنياتها؟ عن إطلالتها. وهي التي لم تتوقّف يوماً عن الغناء، ولا عن إصدار الألبومات، فكل سنتين، تقفز بألبوم جديد، وكل فترة لها إطلالة تلفزيونية، ولها برنامجها الخاص "صولا"...

ربّما التغريبة الإعلامية التي نعيشُها نحنُ، وانشغالنا بأُمور، لا نعلم أحياناً ما هي، ولا محتواها أساساً يعلق ببالنا، بدءً من مواقع التواصل الإجتماعي إلى نشرات الأخبار إلى برامج المنوعات... إلى مسلسلات رمضان... كلها أُمور شغلتني عن الفن والغناء والإنتاج والرؤية الفنية والشخصية الفريدة التي تمتاز بها أصالة. 

بالرغم من أني نسيتُها فترة أو تجاهلتها كمتلقي، لكنني اليوم أُوقن أنَّ هذه الموهبة لا يمكن تجاهلها، ولا يمكن ركلها بقدمٍ سياسية أو حتى وطنية. فنياً، هي حالة خاصة حاضرة دوماً، يجب أن تبقى حاضرة دوماً... 

بدأت الحكاية قبل  3 شهور، حينَ علمتُ أنَّ أصالة عمرها فقط 45 عاماً. 

كنتُ أسمع من كثيرين، واعتدنا على الأشخاص الذين يُبالغون بأعمار الفنانات، أنَّ أصالة ربما تطرق أبواب الستين. 

وللحقيقة، فإنَّ الأرشيف الفني الذي تمتلكهُ أصالة، من أُغنيات مصرية وخليجية وبعض من الأعمال الشامية (اللبنانية والسورية) كلها أعمال فارقة، لا تكن إلا عن مسيرة طويلة. ومسيرة أصالة طويلة أيضاً، بدأتها من عمر الـ 5 سنوات أو ربما أقل، عبر إنشاد الأُغنيات الوطنية، ووضع صوتها على الإعلانات التجارية وشارات مسلسلات الأطفال. في العام 1986، فارقها أبوها مصطفى نصري، الموسيقي والفنان، وقالَ لها في سرهما، أنّها المسؤولة عن إخوانها في غيابه. العائلة التي ربتها أصالة من فنها، كبرت وكبرَ معها حقد، ضغينة، عائلة، محبة، تفرُّق، اختلاف، تخلّف ربما! كحال كل الأُسر... 40 عاماً، عمر أصالة الفني من عمر نظامٍ سياسي! هي العقود الأربعة لا يمكن أن تلغيها كما لا يمكن أن تلغي أي حالة ناجحة، وتجربة أثبتت أنّ لها محبيها. 

أصالة اليوم فنانة عربية محتشمة إلى جانب فنانات يتربّعن على صدارة (فنانات يحظينَ بلقب مطربات أحياناً) كنجوى كرم وسميرة سعيد وغيرهن... وأصالة، هي فنانة تمتلك شخصية خاصة بها، ولكنَتها الشامية التي تمتاز بها، وحضورها البسيط، بالرغم من افتعالها الأقاويل وحب الظهور والتميز، والظهور بهيئة (المُختلفة). ولأنَّ أصالة قصة حياة وتجربة. كان لألبومها الأخير "60 دقيقة حياة" وقعهُ الخاص في أُذني وقلبي. 

لا يمكنني الحديث عن كل أٌغنية من أُغنيات الألبوم العشر، إلاّ أنَّ هذه النقاط تُلخّص وتربط بما ورد أعلاه:

- أصالة فنانة جديّة ومُجتهدة بعملها. 

- لها رؤية فنية، ناجحة في اختيار معظم جوانبها. 

- تُحب التجديد والمحافظة في آن. 

- تعرف قيمة نفسها كفنانة وتعرف قيمة صوتها ومدى امتلاكها القدرة على التجديد، وتطويع الصوت لإيصال أحاسيس جديدة. 

- أصالة فنانة، تحكي عن طريق الغناء. وربّما مواقف ومعلومات، وجوانب كثيرة من شخصيتها التي (قد) تُعاكسُها تصريحاتها المُعلنة، إلاّ أنَّ الحقيقة تكمن بأُغنياتها. 

- فنانة ستديو، فنانة عليها أن تعيش في ستديو كَي تُتحفنا. ويصدر لها كل عامين على الأقل عملاً يليقُ دائماً باسمها المذهّب بالأصالة.

- وأصالة، عليها أن تتكلّم كثيراً عن تجاربها الإنسانية، وعن الخداع والصدق والغرور والحب والنجاح والخيبة... كل هذا عليها أن تتحدّث فيه أصالة... إلا السياسة!

 


التعليقات