مرضى التوحد في غزة :لا إحصائيات لأعدادهم لا مراكز تأهيل ولا تشخيص طبي دقيق..كانوا وأصبحوا بالفيديو

مرضى التوحد في غزة :لا إحصائيات لأعدادهم لا مراكز تأهيل ولا تشخيص طبي دقيق..كانوا وأصبحوا بالفيديو
غزة -خاص دنيا الوطن-من امنية أبو الخير
 يَشتكي المصابين بمرض التوحد في قطاع غزة وذويهم، من إهمالٍ وتهميشٍ تام، فلا يوجد مؤسسات حكومية خاصة بمرضهم، ولا مراكز حكومية لإعادة تأهيلهم، هذا عدا عن ضعف التشخيص الطبي لحالاتهم، فالكثير من حالات الصدمة والتأخر في المهارات تُشَخّص على أنها مرض توحد وبعض الحالات تٌشَخّص على أنها إعاقة أو تخلف عقلي, لكن وفي الواقع  صاحبها يعاني من مرض التوحد ولا يكون من ذوي الإعاقة، ولن نغفل عن غياب أي إحصائيات دقيقة لعدد المصابين بمرض التوحد في قطاع غزة.  

"تم تشخيص ابني انه مريض توحد ومع ذلك كلما جاء وفد أجنبي الى قطاع غزة وكلما سمعت عن جمعية مختصة بالتوحد أو دكتور أذهب إليه على أمل أن يخبرني أن إبني ليس مريض توحد، لا أستطيع تصديق ذلك الى الآن فهو طفلي الوحيد" هذا ما بدأت به أم محمد حديثها.  

وأوضحت أم محمد ل "دنيا الوطن" أنا وزوجي كنا نسكن في الخارج، أنا أكمل دراسات عليا وزوجي يعمل طبيب، ويقضي أغلب الوقت في العمل ويبقى طفلي وحيد أمام شاشة التلفاز وعلى قناة طيور الجنة بالأخص ولأكثر من 15 ساعة يوميا، وعندما أصبح ابني في عمر العامين بدأت ألاحظ عليه تصرفات غير طبيعية مع رفض للأطفال والتعامل معهم. 

وأضافت "إبني يعيش على حمية غذائية دائمة اسمها حمية الكازين والجلوتين أمنع عنه كل مشتقات الألبان والقمح والبديل عنها حليب الصويا ودقيق الذرة بالإضافة الى المكملات الغذائية والفيتامينات هذا غير التحليلات الدورية، وإعادة التأهيل في مؤسسة خاصة يذهب لها يوميا وكل هذا مكلف جدا"  

يعرّف الأطباء مرض التوحد أنه نوع من الاضطرابات التطويرية (الإنمائية) والذي يظهر خلال السنوات الثلاثة الأولى من عمر الطفل، حيث ينتج هذا الاضطراب عن خلل في الجهاز العصبي، يؤثر بدوره على وظائف المخ, وبالتالي يؤثر على مختلف نواحي النمو.  

وتشير الإحصائيات العالمية أن طفل واحد من بين 88 طفلا يعانون من أعراض ‫‏مرض التوحد بدرجات مختلفة, ونسبة حدوث المرض أعلى ب 5 مرات لدى الذكور منه لدى الإناث، ولا زال العلماء حتى الآن لا يعرفون بالتأكيد ما هو سبب مرض التوحد.  

زارت "دنيا الوطن" الجمعية الفلسطينية لحالات التوحّد والتأهيل وهي الجمعية الوحيدة في قطاع غزة المختصة بمرض التوحّد، حيث تحتوي على 60 طفل مصاب بالتوحد، بالإضافة الى أعداد كبيرة على قائمة الانتظار, ولا تستطيع الجمعية استقبالهم بسبب ضعف إمكانياتها وعدم دعمها من أي جهة حكومية كانت أو دولية.  

التقينا خلال تجولنا بين أطفال التوحد بالأستاذة غادة درويش مديرة الجمعية لتؤكد لنا أن في جمعيتها يتم العلاج بشكل فردي, أي أن معلمة تقويم السلوك تجلس مع طفل واحد فقط ولمدة نصف ساعة، لتنتقل إلى أخر فيما تأتي مدرّسة أخرى للطفل، وبهذا فإنها لا تستطيع أن تستقبل أعداد أكبر, فتؤدي دورها مع أطفالها بشكل أقل فعالية.  

وترفض درويش ما تفعله بعض الجمعيات المختصة بذوي الإعاقة أو بالأطفال المصابين بمتلازمة داون من استقبال بعض حالات التوحد عندهم؛ لان طفل التوحد يقلد وبهذا سيقلد من يفعله زملائه هناك, فتلتصق به بعض الصفات الدخيلة والسلبية, وبالتالي سيشعر بالخوف على حد قولها.  

وتضيف الأستاذة غادة لدنيا الوطن "هناك أعراض كثيرة في أول ثلاث سنوات مثل الحركات المتكررة, والدوران في نفس المكان بالإضافة إلى تجنب  الاتصال الجسدي, والتأخر في اكتساب اللغة وتكرار بعض الكلمات والجمل, والضحك الشديد من دون سبب والحزن الشديد لأسباب بسيطة, وعندها على الأم التوجه فورا للطب والتشخيص والعلاج والتأهيل ".  

أما الأخصائية النفسية مها عزام والتي تعمل أخصائية تعديل سلوك لأطفال التوحد, أوضحت لنا أن عدم تقبل الأهالي لطفلهم المصاب بالتوحد هو أصعب ما يواجهها في عملها اليومي فتقول "على الأهل تقبّل الأمر وعدم الخجل من وجود طفل توحدي في الأسرة، وعدم كتمان الأمر عن المحيطين بهم والإيمان بقدرات أبنائهم ومميزاتهم ".  

وتضيف عزام " لدنيا الوطن " العمل مع أطفال التوحد ممتع جداً لي، وكل طفل من أطفال التوحد يملك مميزات معينة، وأكثر اللحظات سعادة عندما يفعل أي طفل منهم إنجاز مثل أن يجلس بالكرسي بالشكل الصحيح، أن يكتب أول كلمة وأن ينطق ولو بحرف واحد, كل هذا يعتبر إنجاز لي".

وتؤكد الأستاذة مها على أنه من خلال التشخيص المبكر والمعالجة المركزة تتحسن قدرة معظم أطفال التوحد على إقامة العلاقات مع الآخرين، وعلى التواصل وخدمة أنفسهم عندما يكبرون، وأن إهمال طفل التوحد قد يحوّله الى متخلف عقليا ومريض نفسياً.

 






التعليقات