"الثلاثون من آذار".. يوم الأرض ويوم الأثير

"الثلاثون من آذار".. يوم الأرض ويوم الأثير
بقلم: الاستاذ الدكتور حسين أبو شنب
منذ كان وعد بلفور في الثاني من نوفمبر عام 1917م ، والأرض الفلسطينية في اشتعال وغليان في مواجهة المؤامرة الدولية بزعامة بريطانيا العظمى والحركة الصهيونية لإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين علي حساب الشعب الفلسطيني الأصيل صاحب الأرض شرعاً وقانوناً وتاريخاً تجسيداً للآية القرآنية في الإسراء: (سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلي المسجد الأقصى الذي باركنا حوله ، لنريه من آياتنا الكبرى ) "صدق الله العظيم "

ولمن لا يعرف فإن المسجد الأقصى الذي بارك الله حوله هو ثاني بيت وضع للناس بعد الكعبة وبينهما أربعون عاماً وفق حديث أبو هريرة رضي الله عنه ، وعرفت أرض فلسطين بأرض كنعان من أحفاد سيدنا أدم عليه السلام وهو عربي أصيل يتكلم العربية التي هي لغة أهل الجنة وهو من أبناء سام الذي ينتمي إليه اليهود كذلك ولاحقاً  للعرب وغيرهم لأن اللغة العربية وفق الأديب الكبير المرحوم عباس العقاد ، أقدم من العبرية واليونانية وبالتالي فالعبرانيون فرع من السامية ويقال بأنهم قبائل عربية في الأساس ، وأن أول من كتب بالعربية كذلك هو سيدنا إسماعيل عليه السلام الابن الأكبر لأبي الأنبياء سيدنا إبراهيم عليه السلام .

إذن فلسطين أرض عربية لشعب عربي ، هي أرض الأنبياء والرسل ومهبط الرسالات ومسرى رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وبالتالي فهي الأرض التي تحضن الكل الإنساني دون تمييز وظلت كذلك وستكون عنواناً للسلام والمحبة والمساواة ومنها كما قال القائد العظيم " أبو عمار " من فلسطين يبدأ السلام ومنها تندلع الحرب ، وهو الذي حمل غصن الزيتون في يد والبندقية في اليد الأخرى وبهما خاطب العالم ومن علي منبر الأمم المتحدة عام 1974 م .

ولماذا نقول ذلك ؟ ......

نقول ذلك ونحن نحيي الذكرى التاسعة والثلاثين من يوم الأرض الذي أراده أهلنا في الجليل والمثلث ويافا وحيفا والرملة واللد والنقب وكل المدن والبلدان الفلسطينية أراده يوماً للوحدة الوطنية الصادقة والفاعلة في مواجهة الغطرسة الصهيونية ، ويوماً للتحدي حفاظاً علي الأرض والإنسان في مواجهة سياسة التهويد والتهجير ، ويوما للتضامن العربي والإسلامي وأحرار العالم مع الحق الوطني الفلسطيني في أرضه ووطنه في مواجهة الصلف     الصهيوني ومحاولات الحكومة الإسرائيلية العنصرية التي ما تزال تهدد بتهجير أهلنا من أرضهم وما تزال علي سياستها في التحريف  والتهجير والطرد والإبعاد فكانت الوحدة الوطنية الفلسطينية لأهلنا الصامدين في الجليل والمثلث وكل الأرض يوم 30/3/1976م ، ليكون يوماً عالمياً للتضامن والصمود في مواجهة سياسات العدو .

إذن ،،،

الثلاثون من آذار – مارس من كل عام هو يوم للتحدي والصمود ويوم للعمل الوطني الواحد والموحد ، دفاعاً عن الأرض والإنسان ولاستمرار التواصل والتعاون ، ولعل أبرز ما في هذا اليوم  أن نسجل باحترام وتقدير الوقفة الوطنية الشامخة التي عبرت عنها القائمة العربية المشتركة في الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة لنقول للعالم .. لا يموت الفلسطينيون ولن ينسى الأطفال الوطن ولن ينعم العدو بالأمن والسلام دون الحصول علي حقه في الحرية والاستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وهو ما يبشر بالخير والأمل القريب في ظل هذه الاعترافات الدولية بفلسطين دولة في إطار الأمم المتحدة ، وفي إطار الاعتراف الباهر من عدد ليس بالقليل من برلمانات دولية مختلفة المناهج والسياسات ، وما يعززه كذلك الانضمام الفلسطيني " منظمة التحرير الفلسطينية " إلي المنظمات الدولية المهمة عضواً كامل العضوية وقريباً عضواً فاعلاً في الجنائية الدولية التي تجعل من فلسطين عضواً له دوره وهيبته في مواجهة الجرائم الصهيونية .

ذلك هو يوم الأرض 30/30/1976م ، الذي هو يوم التضامن مع الأرض الفلسطينية في مواجهة العدوان الإسرائيلي المتوصل بجرائمه وأحقاده .

ولماذا يوم الأثير .... ؟!

الأثير هو الفضاء الإذاعي ، وفي الثلاثين من آذار عام 1936 انطلق صوت الشاعر الفلسطيني الكبير إبراهيم طوقان يعلن إلي العالم ... كل العالم ... "هنا القدس ، دار الإذاعة الفلسطينية" من قلب القدس وكنائس القدس ومساجد القدس ، ليتعانق من بعد ذلك الأثير مع الأرض في يوم واحد يؤكد الوحدة الوطنية الفلسطينية أرضاً وسماء ، عطاء ومحبة ، مسلمين ومسيحيين ولا بأس من الآمنين من اليهود الذين لا يرتكبون جرائم حرب ويدينون بالحق وبتعاليم سيدنا موسى عليه السلام،وهكذا كانت إذاعة القدس عنواناً للعمل الفلسطيني المنظم الذي يدعو إلي التعاون والعمل المشترك في مواجهة الهجرة اليهودية ، والسياسة البريطانية المباشرة والخادمة للأطماع اليهودية في ذلك الوقت .

لقد استطاع إبراهيم طوقان أول مدير للإذاعة الفلسطينية هنا القدس أن يجعل هذه الإذاعة صوتاً نضالياً هادفا ً استقطب الشعب والمجاهدين واسهم إلي درجة كبيرة في مواجهة السياسات العدوانية وكانت برامج الإذاعة تعبيراً عن إرادة الشعب ودافعاً للصمود والتحدي ، وقد عملت هذه الإذاعة " هنا القدس " علي خلق سياسة إعلامية هادفة عبر مراحلها المختلفة منذ عام 1936م  وحتى عام 1950 ، وتولى إدارتها إبراهيم طوقان ، عجاج نويهض ، عزمي النشاشيبي ، وساهم فيها رواد نافسوا علي الصدارة نذكر منهم فاطمة البديري ،  هنريت سكسك ، عصام حماد ، محمد أديب العامري ، ناصر الدين النشاشيبي ، راجي صهيون ، وموسى الدجاني وسميرة أبو غزالة  وأسمى طوبي وغيرهم من الرواد ، وكانت هذه الإذاعة الرائدة بداية للمسيرة الإذاعية الفلسطينية المتواصلة تؤكد الحضور الإعلامي والثقافي والفني الفلسطيني ليكون هذا الحضور عنواناً للعطاء والإنتاج . 

وفي يوم الأرض ،،،

نقف احتراماً وإجلالا للشهداء الذي عبدوا الأرض بدمائهم لتبقى أرض فلسطين ، وفرشوا الأرض بأجسادهم لتعبر قوافل المجاهدين ، وأقاموا الجسور بأرواحهم ليتواصل موكب الدفاع عن الأرض والكرامة والحرية والاستقلال ويتعانق الجميع انتصاراً بانتصار الأرض وأهل الأرض .

و معا على طريق الحرية والدولة الفلسطينية

وعاصمتها القدس الشريف

التعليقات