مابين الثقافة السياسة والشعبية جمعية ’الحنّونة للثقافة الشعبية تقوم بعرض سلسلة النكبة الوثائقية

رام الله-دنيا الوطن-لينا محمد
يمثل شهر أذار منعطفا ثقافيا وفنيا جوهريا في الحراك الاجتماعي والنخبوي الفلسطيني؛ فيوم الثقافة، يوم الكرامة ويوم الأرض، كلها تواريخ ترسخت في الذاكرة الجمعية الفلسطينية منذ النكبة ، ومزجها النشطاء في فلسطين المحتلة والشتات فيما بات يعرف بربيع الثقافة الفلسطينية.
وفي هذا المناخ العام إختارت جمعية ’الحنّونة للثقافة الشعبية’، والتي مقرها عمان، عرض سلسلة ’النكبة’ الوثائقية في جزئيها الأول والثاني، فالجمعية قررت مؤخرا إنعاش نشاط نادي الأفلام؛ وأرادت، بعرض فلم النكبة، ’أن تبدأ من نقطة الصفر’ حسب وصف المتطوعة والمسؤولة عن النادي لارا القرّا التي أضافت قائلة: ’ونقطة الصفر بالنسبة لنا كجمعية هي النكبة’.وفي هذا الخصوص، اعتبرت المسؤولة عن النشاطات الشبابية وفريق المتطوعين بالجمعية أسيل النبالي أن ’النكبة هي الحدث الأساسي الذي أفرز ما نعيشه اليوم’، مضيفة أن ’استذكار النكبة والتركيز على معطياتها التاريخية، سواء كيف أننا لم نعط الموضوع ثقله وحجمه الطبيعي آنذاك أو ما يتعلق بالمؤامرات الغربية الإستعمارية، كل هذا يجب أن يوضع في المنظور العام حتى نفهم أين تموضعنا اليوم ولماذا’.وكشابة من الجيل الثالث للمأساة التي عاشها الشعب الفلسطيني قبل 66 عاما، تصف لارا القرّا العلاقة التفاعلية مع هذا الحدث بالقول: ’النكبة تثير انفعالا بداخلنا وانزعاجا خاصة،  ونعتقد أنه لو كانت هناك مقاومة منظمة آنذاك كنا غيرنا الواقع، طبعا كان هناك فدائيين ووطنيين [لكن النضال افتقر للتنظيم]، فالنكبة حدث يؤثر كثيرا في جيلنا ونريد توعية الناس بما حدث وقتها’.
ونظرا لتفاعل الجمهور الذي قيّمته المتطوعة لارا بالإيجابي، تنوي جمعية الحنّونة، خلال عرض الجزء الثالث والرابع للسلسة الوثائقية، فتح نقاش حول دور الدعاية الصهيونية في كسب الرأي العام العالمي قبيل النكبة، و التسهيلات التي قدمها الإنتداب الببريطاني لزرع اليهود في فلسطين إضافة إلى دور المقاومين في توعية الناس حول أطماع الصهيونية؛ وهذه المواضيع لا تعتبرها النبالي خروجا عن مجال نشاط الجمعية الفني والشعبي لأن ’من يتموضع في هذه الأرضية [الثقافة الشعبية] عليه أن يتحمل الخروج أحيانا عن الجانب الذي تناوله، لكننا دائما نقول أن البعد الأساسي للقضية الفلسطينية هو البعد الإنساني، وأقصد هنا أن الفلسطيني هو إنسان تهجر عن أرضه، ونهاية القصة الحتمية هي عودته إليها’.
وفي حوار خاص أكدت النبالي أن لشهر أذار ’نكهة خاصة’ حسب تعبيرها بالنسبة لضفتي نهر الأردن، ففيه حدثت ’أول هبة شعبية قام بها فلسطينيو 48 بعد الاحتلال وسقط خلالها 06 شهداء ونتج عنها حراك قوي في الشارع أثبت للعالم أن الفلسطيني لم يتغرب ولم يتجرد من عروبته، بل حدث العكس تماما’ على حد قولها.ورمزية هذا الشهر بالنسبة للمواطن الأردني تضيف الناشطة هو يوم الكرامة الذي ’مارس فيه الجندي الأردني وظيفته الطبيعية في حراسة أرضه وأكد فيه أن الوحدة الوطنية التي تجمع أهل هذه المنطقة لا تقسمها حدود ولا تفرقها جنسيات ولا قوميات مصطنعة’.
وبسبب هذا المعطى التاريخي والجغرافي، إعتبرت النبالي أن شهر أذار الثقافة مهم ليس شعبيا فقط وإنما على الصعيد السياسي أيضا لأن ’السياسة بتفاصيلها تشكل مقومات الثقافة الشعبية’، وأن الأخيرة ’تحمل بالنهاية كل التجارب التي يمر بها الشعب، أن كانت إنتكاسات سياسية واقتصادية أو انتصارات’ حسب مسؤولة النشاطات الشبابية. وسلسلة النكبة الوثائقية هي من إعداد وإخراج المنتجة الفلسطينية روان الضامن، والتي فازت عنه بجائزة مهرجان الجزيرة الخامس للأفلام الوثائقية، فالسلسلة المكونة من أربعة أجزاء هي من إنتاج فضائية الجزيرة في الذكرى الستين للنكبة قبل سبع سنوات، وكانت أول سلسلة وثائقية بثتها الحزيرة بلغة الإشارات، ثم ترجمت إلى سبع لغات.
يذكر أن جمعية الحنّونة تأسست بالأٍدن في 1993، وهي تعنى بفولكلور بلاد الشام، إلّا أنها تركز بشكل خاص على فلسطين بسبب ’خصوصيتها ووجودها تحت الاحتلال الإسرائيلي منذ 67 سنة’ حسب أسيل النبالي؛ وتضم الحنوّنة اليوم ما يقارب الـ 100 ناشط متطوع.

التعليقات