لوموند: كيف صنع تنظيم الدولة جيشه الإلكتروني؟

لوموند: كيف صنع تنظيم الدولة جيشه الإلكتروني؟
رام الله - دنيا الوطن - وكالات

نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرا حول الإستراتيجية الإعلامية لتنظيم الدولة على شبكات التواصل الاجتماعي، بعد أن أطلق التنظيم في منتصف الشهر الحالي سيلاً من التغريدات في إطار حملة إشادة خاصة بالشاب الأسترالي جايك بيلاردي، البالغ من العمر 18 سنة، والذي قام مؤخرًا بعملية تفجيرية ضد موقع تابع للجيش العراقي في مدينة الرمادي.

وقالت الصحيفة إن موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" أصبح أهم وسائل الدعاية التي يستفيد منها التنظيم، الذي يكافح للمحافظة على حضوره، رغم حملات المنع وغلق الحسابات التي تشنها الشركة المديرة للموقع منذ أسابيع ضد مستخدمي "تويتر" المتبنين لخطاب تنظيم الدولة.

وذكرت الصحيفة أن يوم 26 آذار/ مارس الجاري شهد قيام المسؤولين الإعلاميين في التنظيم - للمرة الأولى - بالتوجه مباشرة لمتابعيهم عبر الإنترنت؛ من خلال تسجيل مرئي بعنوان "رسالة لفرسان الإعلام" أعلنوا فيه أن الجهاد عبر الشبكة العنكبوتية لا يقل شأنًا عن الجهاد في ساحات القتال، وأكدوا أنهم يخوضون حربًا إعلامية ضد الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا.
 
ونشر موقع Pastebin المقرب من تنظيم الدولة؛ رسالة تدعو أنصار التنظيم للدخول في المرحلة الثانية من الاستراتيجية الإعلامية، وتكثيف نشاطهم على "يوتيوب"، وتركيب الصور من خلال الـ"فوتوشوب"، ونشر الرسائل على "تويتر". 

وقالت الصحيفة إن الحرب الافتراضية بين "تويتر" وتنظيم الدولة اندلعت بعد أن تجاوزت الشركة المالكة للموقع ترددها بشأن التعامل مع الرسائل المتطرفة، وقررت التدخل بقوة من خلال موجة غير مسبوقة من عمليات غلق الحسابات التابعة لعناصر التنظيم، أو المتعاطفة معه.

وأضافت أن أنصار تنظيم الدولة شنوا حملة ضد مؤسس موقع "تويتر" جاك دورسي، وهددوه بالحرب الحقيقية لأنه يشن عليهم حربًا إلكترونية.

وفي سياق متصل؛ احتفل صاحب حساب AsawartiMedia التابع للتنظيم بعودته للنشاط للمرة المئة، حيث يقوم في كل مرة يغلق فيها "تويتر" حسابه بإطلاق حساب جديد، وبهذه المناسبة نشر صاحب الحساب صورة لشموع ومشروبات وأجواء احتفالية، وقام بإرسال الصورة للمرصد الأمريكي لمكافحة الإرهاب، في حركة استعراضية أدّت بالطبع لغلق الحساب الجديد أيضاً.

وبالإضافة للحرب التي يخوضها "تويتر" ضد تنظيم الدولة؛ يتعرض هذا الموقع لانتقادات حادة من قبل الحكومات، التي تتهمه بالتخاذل وعدم الفاعلية "لأنه يعتمد مقاربة تكتفي بالتصدي للحسابات المعروفة والواضحة، عوضاً عن مواجهة المشكل الأساس، وتفكيك شبكات العلاقات والاتصال التي نشأت بين قيادات وأنصار التنظيم على الشبكة".

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين في شركة تويتر قولهم إن مسألة مكافحة "الإرهاب" معقدة جداً؛ لأنهم يتعرضون للكثير من الضغوطات من جميع الأطراف، ويتلقون رسائل التهديد بالموت من قبل أنصار تنظيم الدولة بسبب غلق حساباتهم.

ولاحظت الصحيفة أن الرقابة التي أصبحت الأجهزة الأمنية للدول الغربية أيضاً تمارسها على الإنترنت لكشف الحسابات المتعاطفة مع الإرهاب، وتحديد أصحابها؛ دفع بمسؤولي الإعلام في التنظيم إلى تغيير تكتيكاتهم، واعتماد التخفي والتمويه؛ من خلال اعتماد تسميات وصور لا تمت للمضمون بصلة، مثل اعتماد صورة زهرة، أو شاب وسيم، أو شعار "تويتر".

وأضافت أن حملة إغراق الغرب بتغريدات الإشادة بالشاب الأسترالي الذي نفذ العملية التفجيرية في الرمادي انطلقت من حساب رئيس يُعد الحساب الرسمي للتنظيم، وهو محصن بشكل قوي، حيث لا يقبل صاحبه أي متابعين جدد، باستثناء عدد قليل من المقربين لا يتجاوز عددهم 600، كما أنه لا يحتوي على أي صور تشير لعلم التنظيم أو شعاراته الدينية، وهو ما يجعل كشف هذا الحساب من قبل "تويتر" أمراً صعباً جداً. وقد مكّن هذا الاختيار الدقيق للمتابعين على "تويتر" من نسج شبكة مغلقة دقيقة وسرية من العلاقات بين أعضاء التنظيم، بعيداً عن أعين المراقبة.

وأشارت الصحيفة إلى الدور الذي يلعبه المتعاطفون والمتأثرون بالدعاية، الذين يشكلون الدائرة الثانية الأكثر اتساعاً من الدائرة الإعلامية الأولى المضيَّقة، ويضطلع هؤلاء بدور إعادة نشر رسائل التنظيم بشكل مكثف على المواقع الاجتماعية بما يؤدي إلى إغراق الشبكة العنكبوتية، ويصعب معه منع انتشار الرسائل، كما أن عددهم الكبير يصعّب على الرقابة غلق كل حساباتهم.

ولاحظت الصحيفة أن طريقة عمل تنظيم الدولة تقوم على كسب الوقت وتحضير البدائل؛ بما أن كل حساب ينشر الرسائل يكون معرضاً للغلق في أي لحظة، فقد ذكرت دراسة قام بها خبراء حول طريقة عمل تنظيم الدولة على "تويتر" أن ما يصل لـ10 بالمئة من جهود عناصر التنظيم منصبّة على إعادة فتح الحسابات، ونسج شبكات للتواصل فيما بينهم. فيما يعرف المتعاطفون جيداً آثار الغلق الفجائي للحساب، لذلك فهم يقومون بتحضير حساب احتياطي، وإعلام أصدقائهم المقربين به، وتركه في حالة سبات حتى يبقى بعيداً عن أعين المراقبة، ثم الاستنجاد به عند الحاجة.

وحول مدى نجاح "تويتر" في التصدي لدعاية تنظيم الدولة على الإنترنت؛ نقلت الصحيفة تقرير جوناثان مورغن الذي ذكر أن 3.4 بالمائة فقط من الحسابات التابعة للتنظيم تعرضت للغلق، وهو ما يبين صعوبة التعامل مع الجهاز الإعلامي للتنظيم.

وختمت الصحيفة بالقول إن هذه الدعاية التي يبثها التنظيم، والموجهة للأفراد، تجد صدى لدى الأشخاص الانعزاليين الذين يعانون من مشاكل نفسية؛ لأن لديهم استعداداً لتقبل الأفكار العنيفة، ويشعرون بالانجذاب والإثارة تجاه الخطاب الذي يعتمده تنظيم الدولة.

التعليقات