انتهاك حقوق الحيوانات إلي متى ؟

انتهاك حقوق الحيوانات إلي متى ؟
بقلم : رهام عودة

تنتشر في البلدان العربية و بعض دول العالم ، ظاهرة احتقار وعدم احترام حقوق الحيوانات و الطيور ، فعندما يريد أي شخص  يصف أحدهم  بالغباء الشديد ،  سرعان ما يلقبه على سبيل المثال "بالحمار"  و عندما تريد ناشطة نسويه الدفاع عن المرأة التي تعرضت للعنف من قبل أي رجل ، فسرعان ما تصف هذا الرجل المعتدي بأنه "ذئب بشري"  أما إذا مازح الزوج زوجته لكي ينتقد وزنها الزائد فسرعان ما يلقبها "بالدبة" أو "البقرة" ، حتى أن الأصدقاء  عندما لا ينسجمون بالحديث مع إحدى  الصديقات يلقبوها "بالبومة "، إضافة إلي أن الآباء و الأمهات  لا يترددوا بوصف أطفالهم الصغار الذين يعانون من حركة ونشاط زائد بأنهم مثل "القرود" ، وبالطبع لا تتردد الزوجة الأولى بوصف  ضرتها بالخبث فتشبها "بالأفعى".

و يعد استخدام  العرب أسماء الحيوانات كنوع من الشتيمة أو تعبير عن شعور سيئ ما تجاه أي شخص ، هو عدم احترام الإنسان العربي لحقوق الحيوان ، حيث يعتبر معظم  العرب  أن الحيوانات ما هي إلا كائنات  مسخرة لهم  كعبيد من أجل خدمتهم.

ومن جانب أخر ، لابد من التأكيد أنه هناك عدة انتهاكات أخرى يقوم بها العرب ضد الحيوانات خاصة الخيول و الحمير و الماعز و الدواجن  التي تعيش في المزارع و القرى  العربية .

فعلى سبيل المثال ، فإن معظم المزارعين و أصحاب العربات المتنقلة التي يستخدمون الأحصنة و الحمير لجر عرباتهم ، يقومون بضرب هذه الحيوانات بشدة وتعذيبها دون أي رحمة أو شفقة اعتقادا منهم أن تلك الحيوانات لا تشعر بالألم و أنها مجرد آلات.

أما  إذا أردنا أن نتحدث عن انتهاكات حقوق الحيوان في الغرب ، فلابد من أن نتحدث عن ظاهرة غريبة  بدأت تنتشر ببعض الدول الأوروبية و بأمريكا  وهي ظاهرة زواج بعض الغربيين  من الحيوانات،  بل الاحتفال بذلك بشكل علني و تحت مرأى من وسائل الإعلام حيث أنه  من المستغرب أن يتم نشر قصص زواج الإنسان بالحيوان في بعض الصحف  الغربية و العربية كخبر عادي و تحت عنوان خبر طريف ومضحك ، فلا يوجد شيء يدعو إلي الضحك و الفكاهة  ، لأن ذلك  يعتبر عمل مشين و ينتهك حقوق الحيوانات الضعيفة  التي  تم السيطرة عليها و انتهاك حقوقها بشكل علني من قبل أصحابها دون تدخل من مؤسسات حماية حقوق الحيوانات التي تلعب دور سلبي في بعض الأحيان بتجاهلها هذه الظواهر الغريبة.

و من الانتهاكات الأخرى لحقوق الحيوانات هو أنه بعض الدول العربية و الغربية تستخدم الحيوانات من أجل أداء بعض الطقوس الشيطانية  و أعمال الشعوذة ، حيث يتم استهداف القطط السوداء و الكلاب و الخفافيش و بعض طيور الدواجن مثل الديوك البلدية و الحمام  ، وما أكثر أفلام الرعب  العربية و الغربية  التي تناولت قصص المشعوذين و الدجالين الذين ينتهكون حقوق الحيوانات و الطيور بشكل وحشي.

و إذا أردنا أن نتحدث عن جوانب أخرى لانتهاكات حقوق الحيوان ، لابد من الإشارة إلي  أن استخدام الحيوانات  في التجارب العلمية لتجربة الأدوية المختلفة و صناعة مواد صناعية من جلودها و فروها و ريشها وذلك  دون مراعاة لحقوق الحيوانات بالعيش في محمية بيئية طبيعية  و أن لا يتم مطاردتها وقنصها ببنادق الصيد.

و يعود انتهاك الإنسان العربي  بشكل خاص  لحقوق الحيوانات بسبب عدم إدراكه ووعيه بأهمية المحافظة على حياة الكائنات الحية التي تعيش في بيئتنا و بسبب جهله بأهمية وجود توازن بيئي بين  عالم الإنسان وعالم الحيوان ، فالحيوانات هي كائنات حية لها أرواح يجب أن يتم احترامها.

و من الأسباب الأخرى لانتهاك بعض العرب لحقوق الحيوانات هو الجهل بأهمية حماية حقوق الحيوان في العالم العربي بسبب ، أولا عدم وجود  مؤسسات حماية حقوق الحيوان في البلدان العربية  حيث  تلعب  تلك المؤسسات في بعض الدول الغربية ، دور كبير في توعية الإنسان بأهمية المحافظة على البيئة وحماية حقوق الحيوانات ، أما السبب الثاني لجهل المواطن العربي بأهمية حماية حقوق الحيوانات و يعود ذلك  لطبيعة المناهج التعليمية العربية التي لا  تعرف الطفل العربي بأنواع الحيوانات المتواجدة بالعالم و بأهميتها  ، بل يقتصر الأمر على تلقين التلميذ العربي أن الحيوانات هي فقط مسخرة لخدمة الإنسان و أن معظم الحيوانات هي متوحشة و يجب قتلها مثل الأسود و الذئاب و الثعالب التي  تصفها قصص الطفولة العربية بأنها دائما ماكرة ومفترسة.

لكن في حال تبينا نظرة علمية حول واقع حياة الحيوان في الغابة  سواء كانت تلك الحيوانات مصنفة تحت فصيلة الحيوانات الأليفة أو المتوحشة ، نجد أن الحياة المتنوعة في الغابة هي طبيعية  و لا أحد يستطيع أن يجبر حيوان أن يغير من طبيعته التي تعتمد على حياة الصيد و المطاردة.

فلماذا يكره الإنسان الحيوان وهو من اعتدى  عليه و اخترق غاباته و قتل أطفاله ؟  فالحيوانات يجب أن تحترم بسبب أولا أنها مخلوقات ضعيفة و أنها  لا تستطيع الدفاع عن نفسها و يتم استغلالها من قبل البشر لخدمة أغراض ربما تكون دنيئة.

 و يمكننا القول أن الحيوانات ليست أعداء للبشر ما لم يتم الاعتداء عليها و انتهاك حقوقها ، فحسب ما تعلمنا من مغامرات عالم الحيوان هو  أن  الأسد هو ملك الغابة و الذئب  الغياض أو الأشهب هو حيوان زكي نجا من الانقراض الجماعي منذ العصر الجليدي  لكنه تم تشويه صورته في أفلام الرعب ، أما الأفعى فهي رمز القوة و الحارس الملكي عند الفراعنة و يتم  استخراج من سمها مصل و لقاح  للإنسان ، و الحمار ما هو إلا حيوان مطيع و يتحمل عبء العمل الشاق و الحصان هو الحارس الأمين الذي يمتطيه الفارس العربي لحماية حدود دولته و الكلب هو الصديق الوفي ، أما القطة السوداء فهي العيون الساهرة التي تنبه أصحاب البيت في حال اعتدى أحد اللصوص على المنزل .

 لذا يجب أن نسمي الأشياء و الكائنات بأسمائها وعدم افتراض أسماء ووصفات وهمية على كائنات ضعيفة ، ويجب على  المؤسسات الزراعية الحكومية و الغير حكومية وضع معايير لحماية الحيوانات في العالم العربي وتوعية الناس في مجال عدم الاعتداء على الحيوانات و حماية حقوقها.

ولابد من تغيير نظرتنا كعرب حول الحيوانات و  احترام تلك الحيوانات، فالعصافير ليست مجرد طيور زينه تحبس في القفص و يتم النظر إليها  من بعيد بل هي مخلوقات تعشق الحرية و تتمنى أن تطير في سماء الوطن.

التعليقات