بعد نتائج الانتخابات الاسرائيلية : ثلاثة خيارات امام السلطة

بعد نتائج الانتخابات الاسرائيلية : ثلاثة خيارات امام السلطة
كتب غازي مرتجى

انتهت الانتخابات الاسرائيلية وبانت النتائج المدويّة والصادمة لحاملي خيار السلام اولا واخيراً وعلم الجميع ان المجتمع الاسرائيلي تحوّل الى مجتمع متطرف للغاية ولا يرغب سوى اليمينيين وهو ما توّجّه بتساوي مقاعد الليكود والمعسكرالصهيوني وحاجة الطرفين لغُلاة المتطرفين ليتمكنوا من تشكيل الحكومة القادمة .

ما يُخفف من حدّة النتائج هو ظهور القائمة العربية الموحدة كقوة ثالثة في اسرائيل وهو ما يعني ان العرب سيُحددون مصير الحكومة القادمة هذا في حال استمرار تحالفهم وعدم عودة البعض لاحزابهم في ظل الضغوط الاسرائيلية , وثانياً استمرار حالة التشرذم بين الكتل الصغيرة والكتل الكبيرة .

انّ الناظر امام اي تشكيل حكومي قادم فلو كان نتنياهو رئيساً للحكومة بجلوسه مع كحلون الذي أكدّ سابقا انه لن يجلس مع نتنياهو في حكومة واحدة .. لكن لنعتبره جلس كون الاثنين "كحلون ونتنياهو" كاذبين والأخير أكذب فإننا أمام حكومة يمينية متطرفة لن تستطيع القائمة العربية التاثير في تشكيلها وستبقى تراهن على تحسين ظروف حياة عرب الداخل فقط .

اما حكومة بقيادة هرتسوغ الذي يرفض دعم القائمة الموحدة له رغم اعلان الاخيرة ذلك صراحة وانتظاره التحالف مع لابيد وميرتس وهما اقل يمينيةً من المجنون ليبرمان الذي سيُحاول ابقاء الخلافات بين الكتل الكبيرة والوسط لتحظى كتلته الصغيرة "خمس مقاعد" باهتمام اي من رئيسي الوزراء المرشحين ويتمكّن من الحصول على مراده .

الحالة العامة لنتائج الانتخابات الاسرائيلية توحي اننا امام تحد اسرائيلي داخلي لتفكيك القائمة العربية الموحدة هذا من جهة وعقد تحالفات مع الكتل المتوسطة والصغيرة على حساب الدم الفلسطيني والحق الضائع اصلاً .

نتائج الانتخابات الاسرائيلية وما ستؤول اليها ان كانت حكومة برئاسة نتنياهو او اخرى برئاسة هرتسوغ او حتى حكومة وحدة وطنية يتناوب فيها هرتسوغ ونتياهو على رئاسة الحكومة فهذا يعني اننا امام تحديات كبيرة سنبدأ بمواجهتها قريباً .. ما لم تكن بدأت أصلا ً ! .

ثلاثة خيارات امام القيادة الفلسطينية ..

الخيار الأول: 
الرضوخ لمجتمع اسرائيلي اصبح يمينياً بشكل لا يُطاق وانتهى زمن المؤمنين بحل الدولتين , والبدء بالتفاوض مع اي حكومة يمينية قادمة وفق أي عروض دولية مطروحة .. يُمكن في هذه الحالة استغلال حالة العداء وعدم الثقة التي نجمت عن تصرفات نتنياهو الاخيرة تجاه الولايات المتحدة .. وقد تتعامل أمريكا برئاسة أوباما بحيادية في اي مفاوضات مُتوقعة.

لكن ..
*هذا الخيار يتطلب عملاً ديبلوماسياً واسعاً وتحريضاً سلمياً ضد سياسة نتنياهو في الولايات المتحدة نفسها عدا عن الدول الاوروبية والدول الصديقة , كذلك يجب البدء بحملة سياسية في المؤسسات الدولية ذات الصلة واستغلال تصريحات نتنياهو قبيل انتخابه واستغلال ذلك جيداً ضمن "لوبي ضاغط" تستطيع القيادة الفلسطينية تشكيله .. واعتقد ان الرئيس ابو مازن وصائب عريقات يستطيعان البدء بهذا المخطط فوراً .

الخيار الثاني :
الرضوخ لفكرة السيد أحمد عبدالرحمن وهو احد قيادات حركة فتح التاريخية ولازم الرئيس الشهيد ابو عمار لسنوات عديدة , بخروج مئات الالاف في الضفة امام نقاط التماس دون اي مواجهات وانما للاعتصام حتى الحصول على الحقوق الفلسطينية وكان عبد الرحمن يقصد يومها تجربة الربيع العربي وفي الحالة الفلسطينية لن تكون داخلية ويجب ان تكون موجهة ضد اسرائيل .
في حال صعوبة هذا الخيار في الآونة الحالية يُمكن البدء بعملية تصعيد للمقاومة الشعبية التي بدأت تُؤتي ثمارها في بعض مدن الضفة .. وهذا سيكون اقل الخسائر

علماً ..
*امثلة عدة أرقّت اسرائيل جراء فعاليات كهذه , فبناء القرى في الاراضي المهددة بالمصادرة والتظاهرات الاسبوعية التي لم تنقطع منذ سنين وغيرها من الحالات التي يمكن البناء عليها ان بامكاننا البدء بهذا الخيار الشعبي الحاشد وليحكم العالم بانسانيته .. ولن تحترم اسرائيل الا القوة .. في هذه الحالة ستكون القوة الشعبية هي الحكم .

الخيار الثالث :
الاستسلام للواقع كما استسلمنا على مدار عشرين عاماً وانتظار القرارات الاسرائيلية بتخفيف الضغط على السلطة او بالتشديد عليها , والابقاء على الاحتلال دون تكلفة كما قال السيد عريقات , او كما يُحب وصفه "احتلال خمس نجوم" , ولنبقى اسرى لاتفاقية اوسلو الميتة واتفاقية باريس المُحنطّة .. وعلى حل "السلام" .. السلام !

لكن ..
*هذا الخيار تكاليفه داخلياً باهظة للغاية , فستستغل المعارضة استمرار الوضع المُزري الذي ستستمر عليه القضية الفلسطينية سياسياً واستمرار الاوضاع الانسانية على ما هي عليه .. سيُعزّز هذا الخيار الانقسام وقد يؤدي الى فصل تام .