الأونروا: في ظل النقص الحاد في فرص العمل، برنامج التشغيل المؤقت لدى الأونروا يتيح فرصة نادرة لنساء غزة

رام الله - دنيا الوطن
تقول اللاجئة الفلسطينية أم رمزي – عايدة حلس: "لم أكن أعتقد أبداً أنني سأحصل على راتب يخصني". وهي تظهر في الصورة، الثانية من اليمين، مع زميلاتها الجديدات في العمل

يسود هدوء مطبق أول ما يدخل المرء المركز الصناعي لتغليف الأغذية في حي التفاح في وسط مدينة غزة. وترتفع نحو السقف المصنوع من الصفيح أكوام مكدسة بنظام من الأكياس البيضاء الممتلئة بالأرز والدقيق والتي طبع عليها الشعار الأزرق للأونروا. وثمة رجال يحملون ألواح الكتابة ويسيرون ببطء بين أكياس المواد الغذائية وهم يسجلون المخزون.

وفي منتصف الطريق عبر المستودع الضخم، يبدأ صوت الضحك والثرثرة الخافت بالتغلغل عبر الهواء الساكن والبارد. وإذا اتبع المرء الصوت، فسيأخذه إلى غرفة تخزين ثانية، ترتفع فيها هي أيضاً أكوام من الأكياس المملوءة بالأغذية الجافة. يتردد صوت الضحك والثرثرة هناك على مستوى أعلى، ويصبح مصدره واضحاً: خمس نساء يعملن بتكاتف على قياس السكر وتوزينه وتغليفه ضمن برنامج التشغيل المؤقت لدى الأونروا.

يلفت هذا المشهد الأنظار بسبب وجود العاملات الإناث وطبيعة العمل الذي يقمن به في قطاع غزة. فقد تم توفير العمل لهؤلاء النسوة مؤخراً في ظل اقتصاد تصل فيه معدلات البطالة بين الإناث إلى 59.3 بالمائة، وفقاً لمعطيات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني للربع الثاني من سنة 2014. وإذا ركزنا على الفئة العمرية 18-24 سنة فقط، فإن المشهد يصبح أكثر صعوبة، حيث يصل معدل البطالة بين الإناث في غزة إلى 85 بالمائة.

تقول اللاجئة الفلسطينية أم رمزي – عايدة حلس: "عندما بدأت عملي أولاً، كنت خائفة، ولكني بسرعة أصبحت أشعر بالراحة والاعتزاز بإنجازاتي". وهي تقول أنها لم تكن تعتقد أبداً أنه سيأتي اليوم الذي تكسب فيه راتباً خاصاً بها. وتضيف قائلة: "الآن، عندما يطلب مني أطفالي الطعام أو اللوازم المدرسية أو الملابس، فيعتريني شعور جيد لأنني أستطيع شراء ذلك لهم".

تقول أم رمزي، وهي أم لسبعة أطفال، أن راتبها الجديد أتاح للأسرة السبل لدفع الإيجار مما ساعدهم على مغادرة المركز الجماعي للأونروا الذي كانوا يقيمون فيه بعد تهدم مسكنهم في الصراع الذي دار في تموز/يوليو وآب/أغسطس 2014. هذا في حين أن زوجها مريض وغير قادر على العمل لإعالة أسرته.

على الرغم من العمل في قطاع يهيمن عليه الذكور بشكل تقليدي، إلا أن أم رمزي البالغة من العمر 42 سنة تقول أنها تعتز بوظيفتها الجديدة في التغليف: "هذا أثبت لي أننا نستطيع أن نعمل بشكل مماثل للرجال، وأنا الآن سأشجع بناتي على البحث عن عمل بعد أن ينهين المدرسة حتى يستطعن هن أيضاً المشاركة في حمل العبء المالي لأسرهن".

تعمل أم رمزي مع 15 امرأة لاجئة فلسطينية أخرى في مركز التغليف في حي التفاح، وذلك في وظيفة للمال مقابل العمل مدتها ثلاثة أشهر أتاحها لها برنامج التشغيل المؤقت في الأونروا. لقد دعم هذا البرنامج بمفرده 9,589 شخصاً من اللاجئين الفلسطينيين المعرضين للخطر عبر قطاع غزة من خلال تزويدهم بعقود عمل في كانون الثاني/يناير 2015 – بما يشكل زيادة بحوالي 40 بالمائة عن عدد الوظائف التي وفرها البرنامج في الشهر ذاته من السنة الماضية، وهو 5,494 وظيفة. ويأتي ذلك كنتيجة مباشرة للزيادة في تمويل المانحين للبرنامج، مما أتاح الفرصة لتوسيعه.

إن أثر البرنامج على الأفراد لا يقل أهمية. فحسب ما تقوله أم رمزي: "صحيح أن ما أفعله هو مجرد تغليف المواد الغذائية بيديّ، ولكن هذا العمل بالنسبة لي يثبت أنني موجودة هنا، وأنني أستطيع أن أقوم به، وأنني كفلسطينية أستطيع أن أكون مستقلة وقادرة على الصمود والتحمل".

التعليقات