تقرير..برد الشتاء ينهش أجساد أهالي غزة المنكوبة ويفتك بأجساد أطفالها

تقرير..برد الشتاء ينهش أجساد أهالي غزة المنكوبة ويفتك بأجساد أطفالها
رام الله - دنيا الوطن - أميرة أبو شليح
تقاربت أوجه المعاناة والمرارة التي يعيشها مشردي العدوان الأخير على قطاع غزة 2014 الذي يعيش عدد كبير منهم في خيام وكرفانات وآخرون في الاجزاء المتبقية من منازلهم المدمرة التي لا تحميهم من الامطار وبرد الشتاء القاسي الذي ينهش أجسادهم ويفتك بأطفالهم.

مات طفلي رائد

في شبه منزل تغطيه ألواح الزينكو وقطع القماش تقيم عائلة الخسي في منطقة النزار على الحدود الشرقية لحي الشجاعية شرق غزة والتي فقدت رضيع بسبب الصقيع الذي رافق المنخفض الجوي " هدى " وضرب المنطقة وأدى الى زيادة معاناة وتشريد أصحاب المنازل المدمرة.

اقتربت من ألواح الزينكو لأجد كانون النار الذي أصبح رفيق أصحاب المنزل المدمر ليل نهار فتقول رانيا " أم وديع " 20 عاما ،وملامح الحزن تكسو وجهها وتعابير الألم على لسانها : "توفي ابني رائد 6 شهور الذي ولدته خلال الحرب الأخيرة بعد أن توقف قلبه بسبب البرد" .

تتحدث عن ذلك اليوم بألم وحسرة : "في 11/1 وحوالي الساعة التاسعة صباحا ، كان طفلي " سقعان " يرتجف بردا ، حاولت تدفئته بتغطيته بالبطانيات لكنه ظل باردا ، حملته وزوجي الى مستشفى الدرة ، عاينه الطبيب .. حاول اسعافه لكن دون جدوى ، ليعلن أن قلب طفلي تجمد وتوقف عن العمل مصابا بسكتة قلبية".

تتنهد تنهيدة طويلة وتقول: "الحمد لله .. بنا نصبر ، فنحن لا حول لنا ولا قوة".

يقول زوجها : "طرقنا كل الأبواب ولم نجنِ غير الوعود الكاذبة بتحسين أحوالنا ، فأنا لا أعمل ولا أستطيع استئجار شقة وطالبنا بكرفان لكنهم يخبروننا بعدم وجود الدعم الكافي لاغاثتنا".

ووفق آخر احصائية لوزارة الأشغال العامة فقد دمرت قوات الاحتلال الصهيوني خلال حربها الأخيرة على قطاع غزة نحو 138 ألف منزل منها 18 ألف منزل بشكل كلي و119 ألف منزل بشكل جزئي.

منزل في مهب الريح

وغير بعيد عن المكان استغل المواطن حاتم خليل جحا " 35 عاما " توقف الأمطار عن الهطول ليقوم بشد النايلون المتطاير جراء الرياح العاصفة ليصبح الجزء المتبقي منه في مهب الريح والأمطار .

يقول جحا : "معاناتنا كبيرة فقد أكل البرد أجسادنا ، أصيبت طفلتي سارة ذات الثلاث سنوات بالحمى ووصلت درجة حرارتها لأكثر من 50 درجة فحملتها تحت الأمطار الى مشفى الرنتيسي وحولنا بدوره الى مستشفى النصر للأطفال حيث قال لي ": لو صبرت قليلا لماتت من التجمد " .

وأشار جحا الى ابنه بلال " 4 سنوات " الذي يقف بجانبه الى ان  بلال يعاني من تورمات في قدميه نتيجة البرد اضافة الى كدمات وجروح أحدثتها أكوام الردم المحيط بنا خلال تنقلاته.

يناشد جحا الجهات المسؤولة بأن يوفروا له منزل يستر به نفسه وعائلته فهو عامل دهانة يعمل يوما ويجلس عشرة لعدم وجود مواد بناء نتيجة الحصار المفروض على غزة منذ نحو 7 سنوات.

لسان حاله يعبر عن آلاف الفلسطينيين الذين يعانون ويطالبون بسرعة اعمار منازلهم .

فالمواطن أبو النمر العجلة فقد لجأ هو و11 فردا من أفراد عائلته الى كرفان أقامه بجوار منزله المدمر ليسترهم من التشرد بمراكز الايواء.

يقول نجله الأكبر عبد الله 24 عاما ، استيقظنا على  تسرب مياة الأمطار الغزيرة من الثقوب المرقعة الى داخل الكرفان وغرقنا في بحيرة من الماء ، فاضطررنا الى اخلاء الكرفان واللجوء الى أحد أقاربنا  قرب مقبرة الشجاعية حيث أكثر أماناً.

يتساءل العجلة أصبحنا مشردين لا يوجد مواد بناء لاعمار منازلنا .. هل سنبقى نعاني ولا أحد يسأل؟! .

2000 مستفيد

من ناحيته ،قال مساعد منسق شؤون المحافظات في وزارة الأشغال العامة أمجد عودة إن الوزارة قامت بالتنسيق والتعاون مع البلديات والجمعيات في تقديم العون للمواطنين من خلال تزويدها بالآليات الثقيلة اللازمة لفتح الطرقات والشوارع وشفط المياه.

وأكد عودة أن اعادة الاعمار يقع في سلم أولويات الوزارة غير أنه يعتمد على توفر مواد البناء ونحاول جاهدين مساعدة أصحاب المنازل المدمرة كليا فيما تتوكل " الأنروا " و"UNDP" بمساعدة أصحاب المنازل المدمرة جزئيا.

وأوضح عواد أن الوزارة بصدد تنفيذ مشروع اصلاحات للمنازل المدمرة بقيمة 6 مليون دولار مقدمة من المنحة القطرية سيتم خلالها اختيار 2000 منزل سيحصل صاحب كل وحدة سكنية على 3000 دولار ، فيما سيتم اختيار 2200 مستفيد لمن تتراوح أضرارهم بين 2000 و3000 دولار .

وأشار الى أن هناك مشروع خاص بمنطقة الشجاعية والشعف بتنفيذ من الـ UNDP وبتمويل من بنك التنمية الاسلامي ، سيتم خلالها اصلاح حوالي 600 وحدة سكنية غير صالحة للسكن .

ولفت عودة الى وجود معايير يتم من خلالها اختيار أسماء المستفيدين من المشروع وستكون الأولوية للأرامل والمطلقات اللواتي يُعِلنَّ أسر.

التعليقات