تمنى المشاركة بالآيدول وتحدث عن عساف..الفنان القصبغلي:40 عاماً من الفن بغزة

تمنى المشاركة بالآيدول وتحدث عن عساف..الفنان القصبغلي:40 عاماً من الفن بغزة
رام الله - دنيا الوطن
حين تسمع كلمة "القصبغلي" سيجسد لك الفن الفلسطيني العريق الذي لم يصل إلى العالم عن طريق رجل يحمل آلة العود دوماً في يده , وقد كسا الشيب شعره ليؤكد أنه يحمل تاريخاً بأكلمه في جُعبته.

لم يحصل أبدا على حقه إعلاميا لكن الأوساط الثقافية تعرفه , فعذوبة صوته وأصالة الموسيقى التي يُقدمها كافية لإغراء كل من يسمعه .

دنيا الوطن التقت الفنان الفلسطيني زياد القصبغلي والملقب بـ"أبو علي"  ليتحدث عن الفن الفلسطيني والتراث الذي يبحث عمن يجده , كما تحدث عن الفترة الذهبية للفن الفلسطيني والحفلات التي حضرها أبو عمار له , وأطرب "دنيا الوطن" بأغاني فلسطينية لم تجد سوى صوته لتصل إلى الناس والشعب الفلسطيني خاصة.

ومن الغريب ان تجد فناناً يحمل شهادة "دكتوراة" فخرية مناحدى الجامعات المصرية .

40 عام في الفن

يُعرف "القصبغلي" عن نفسه :" أنا من فناني غزة القدامي , شاركت في كثير من المهرجانات والحفلات وكونت فرق موسيقية من ضمنها فرقة السندباد للأطفال وفرقة زهرة المدائن "

ولم يقتصر عمله على الغناء وتكوين الفرق بل كانت مهنته الأساسية هي "التدريس", حيث درس مادة الموسيقى والأناشيد في مركز المكفوفين ودرس الموسيقى في معهد المعلمات في قسم الموسيقى .

كما أنه لحن عدة ألحان وطنية ومنها العاطفية وأحيى الكثير من المهرجانات في غزة والضفة , ويستذكر "القصبغلي" زملائه اللذين شاركوه وحفلاته :" لي كثير من زملائي من الفنانين من الضفة والقدس اللذين عملت معهم مثل شوكت الصياد وهو مطرب وعازف ,و نقولا عازف إيقاع ".

ويستطرد في حديثه لدنيا الوطن :"عزفت وغنيت مع فرق أجنبية حيث طلبوني في أحد المرات في بيت لحم وكان مهرجان كبير وكان هناك فرقتين فرقة من غزة وفرقة تركية من تركيا فحين تعرفوا علي وعرفوا اسمي قالوا "قصبوغلو" كتير موجود في تركيا وتعرفنا عليهم وكان الحفل وصلة منا ووصلة منهم ".

وأضاف:" أحييت أيضا حفلات في داخل إسرائيل فكل يوم جمعة  نعمل حفلة بها مغاربة وتونسيين وعراقيين ويفرحوا بالغناء القديم لاأم كلثوم وعبد الوهاب وفريد الأطرش وعبد الحليم وسيد مكاوي وصباح فخري ومحمد العزبي".

دخل "القصبغلي" مجال الفن حين كان في الـ15 من عمره :" أعشق الفن والغناء, وغنيت أول مرة لعبد الحليم حافظ حيث كنت أشاهد أفلامه وأحفظ الأغاني التي يحتويها الفيلم دون أن أكتبها فأنتهي من المشاهدة وقد حفظت 4 أو 5 أغاني".

وأكد أنه في مجال الفن أكثر من 40 سنة, وقال :" أنا تخرجت من معهد المعلمين سنة 1969 دبلوم معهد المعلمين قسم الموسيقى وقمت بالتدريس في عدة مدارس وحصلت على شهادة الدكتوراه من مصر للفنانين العرب كرمزية فخرية على أعمالي والأغاني اللي عملتها فحصلت على الشهادة  و استمارة الدكتوراة لأني عملت أغاني كتيرة وعملت أناشيد للمدارس  ".

حيث كان "القصبغلي" مُدرس وكالة فعمل حوالي 62 نشيد قام بتلحينهم وتحفيظهم للأطفال , يقول عن هذه المرحلة :" كنت أُسجل كاسيتات توزعها الوكالة عالمدارس رغم أنه أنه لم يكن هناك تدريس الموسيقى والأناشيد, ولكن كل مدرسةيجب أن يكون فيها مدرس موسيقى مخضرم يعلم الأطفال على الآلات الموسيقية والأناشيد المدرسية الاجتماعية والثقافية والدينية ".

وأضاف :" أيضا عملت قطعة موسيقية اسمها "أملي" أهديتها لإتحاد الفنانين الذي كان موجود هنا في غزة فأنا كنت نائب رئيس الأتحاد الأستاذ عوني الخروبي وعملنا معا نشاطات كثيرة ودرست الموسيقى دروس خاصة وفي مدارس عامة".

محمد عساف تلميذي

يتذكر "القصبغلي" تلاميذه اللذين تخرجوا على يده :" لقد خرجت 15 طالب من المكفوفين وهم يعزفوا على الآلات الموسيقية مثل العود والاكسيليفون والآلات الإيقاعية وأتذكر طالب اسمه زياد العشي علمته على آلة الدرمز وهو يعزف حتى الآن وأصبحت مصدر دخله وهذا شيء يسعدني".

ويستطرد :" وهناك شخص آخر كفيف يُدعى  نهاد بكرون علمته على آلة الإكسيليفون ٍ وهي أصعب آلة وترية".

وعمل "القصبغلي" على تلحين أناشيد خاصة بالمكفوفين وأخرى عامة منها :

 "حلوة السهرات حلوة على ضو القمر حلوة " 

وكتب أناشيد أخرى مثل :" من أرض الأحرار أتينا من بلد الأحرار ..لحن الثورة في شفتينا وصلاة الأزهار"

وأكد "القصبغلي" لدنيا الوطن أن الفنان الفلسطيني محمد عساف أحد تلامذته اللذين تخرجوا على يده وقال عنه :" كان شاب خلوق صوته جميل وقدير رغم أنه كان صغير لذا كنت أُنجحه في المنافسات التي كانت تحدث في بعض المهرجانات ".

وأضاف:" كنت أوجه عساف في كل شيء حتى في استقبال الجمهور و الأغنية وحتى في وقفته على المسرح  وكنت أعطيه نصائح فنية موسيقية مثلا كيف يخرج من العرب الموسيقية من الصوت"

وقال أن عساف غنى معه لمدة 3 سنوات :" كان يُغني وصلة وأنا أكمل باقي الأغنية في حفلات أعراس أو أمسيات أو أي مناسبات أخرى ".

وحول رأيه في "ألبوم" عساف الجديد قال :" محمد عساف ينقصه ألحان وكلمات , فما سمعته له ليس بالمستوى المطلوب ماعاد أغنية "ارفع راسك" و" دمي فلسطيني" رغم انه من الأصوات الجميلة التي أحبها"

وحين سؤاله إذا ما كان "عساف" لا يزال على تواصل معه قال :" مع الأسف لأ .. ولم يكلمني منذ أول مرة سافر فيها رغم أني أنا الذي كنت أرسمه رسم أمام الجمهور حتى في لباسه وفي حركاته وضحكته وابتسامته للجمهور "

واستطرد:" لم يرفع سماعة التلفون يقولي كيف حالك أو يطلب لحن لإحدى أغانيه فأنا لدي الكثير من الألحان "

لا يوجد فن فلسطيني

ويعتبر "القصبغلي" أن التراث هو الفن الفلسطيني وبالتالي لا يوجد فن فلسطيني لأن الناس ابتعدت عن التراث ,وقال :" نحن لا نحفظ من التراث سوى وين عرام الله وأغاني صغيرة وقليلة رغم أنه يوجد في تراثنا الكثير من أغاني وطنية وأغنية الأهزوجة التي كانوا يغنوها أجدادنا في الأفراح وحلقة العريس أو حنة العروس".

وأضاف :" يحتوي تراثنا على أغاني عاطفية أيضا ولكن لم تخرج للناس لأنه لا يوجد رعاية , فنحن بحاجة إلى مؤسسة ترعى التراث الفلسطيني والأغنية الفلسطينية وتُجملها من القديم وتضعها في قالب مقبول لشبابنا والشعب الفلسطيني".

وتحدث "القصبغلي" عن تاريخ الأغاني الطربية في فلسطين فقال :" هي قديمة جدا ولا أستطيع أن أجزم لك من الذي كتبها ولحنها لكنها كانت دارجة وكنا نحفظها وأتذكر أنني كنت أحب الأغاني العاطفية التراثية الفلسطينية مثل  :" ياويل اللي ما يخاف ربه يتبغدد عاللي يحبه "وأغنية " ياناكرة خيري""

وأضاف :" كما يوجد أغنية غناها الفلسطينيون والسوريون واللبنانيين وهي أغنية شامية " حول ياغنام" وأيضا أغنية "يا أم العباية "".

ويعزى "القصبغلي" عدم الإهتمام بالتراث الفلسطيني إلى وزارة الثقافة , وقال :" أنا أعتب على وزارة الثقافة لأنها هي المسئولة عن ثقافة بلادنا وثقافة شبابنا والتراث يعتبر ثقافة أي شعب".

وأضاف :" إذا كان الشعب قد انشغل بالسياسة والتقلبات التي نعيشها , كان على وزارة الثقافة القيام بعملها "

وأكد أن الاهتمام بالأغاني التراثية تحتاج إلى مسئولين موسيقيين وفنانين "ينبشو "عن التراث وأضاف :"طرحت هذه القضية كثيرا ولكن لا حياة لمن تنادي , فتراثنا غزير من الثوب الفلسطيني إلى الأدوات التي كان يستخدمها أجدادنا فهي تراث موجود بالمتاحف ".

واستطرد "القصبغلي " بحسرة :" نحن نريد التراث الموسيقي الغنائي الذي كان أجدادنا يغنوه, فقد كانوا يؤلفون أغنية خاصة حين يطلبوا العروسة من إحدى العائلات , وحلقة العريس كان لها أغنية وأهازيج, ولكن كل ذلك اختفى واندثر".

وناشد "القصبغلي" من خلال دنيا الوطن وزارة الثقافة بأن " تُنبش عن تراثنا وتزيل عنه الغبار وتُظهره برونق جميل ليسمعها الناس خاصة الشعب الفلسطيني ليخرج بها للعالم ونقول لهم لدينا تراث ".

وتحدث عن "الدبكة الشعبية " كلون من ألوان  التراث وغيره من الألوان التي اندثرت مثل الدحية واليرغول والشبابة , وقال :" نحن نستخدم الآن الآلات الغربية مثل الجيتار وآلات النفخ والدرمز .. لماذا أين هي آلاتنا الشرقية"

وأضاف :" مثلا العود آلة شرقية وآلة الربابة التي أصبحت كمنجة كان أجدادنا يعزفوا عليها ويغنوا بها الأهازيج البدوية لكن الأجانب رأوها وأخذوا فكرتها وغيروا قليلا بها لتصبح كمنجة".

واستطرد في تاريخ الفن "العربي" :" هذا لا يعني أنهم أذكى منا  فنحن لدينا حضارة عريقة في الموسيقى مثل الفارابي فنان عظيم وهو الذي أكمل اختراع آلة العود .. حيث كانت في عهد الدولة العباسية أربع أوتار فقام بوضع وتر خامس من مُنطلق أن حواس الإنسان خمسة"

وقال "القصبغلي":" أصبحت الآن الدبكة على الناي وآلة الشبابة ولكنها أجمل  عندما يكون معها آلة العود وألة الشبابة وآلة الناي".

الفترة الذهبية للفن الفلسطيني 

واعتبر الفنان الفلسطيني المخضرم زياد القصبغلي  "الفترة الذهبية" للفن الفلسطيني , هي ماقبل الاحتلال الإسرائيلي عام 1967 وقال لـدنيا الوطن:" انحصر بعدها الفن على إحياء الحفلات لسهرات العريس والعروس أو حفلة عيد ميلاد وحفلة طهور ".

ويشعر "القصبغلي" بالحزن على حال الفن الفلسطيني في هذه الفترة :" هناك فنانين يمارسوا الموسيقى والغناء ولكنهم ليسوا متفرغين تماما بسبب ظروف المعيشة وهموم الحياة التي شغلت الفنان بالبحث عن رزقه وليس الفن".

واعتبر أن الفن الفلسطيني في عهد الرئيس الراحل أبو عمار كان "فترة جميلة " وكشف خلال حديثه لدنيا الوطن موقف طريف  :" طلب مني أبو عمار في إحدى الحفلات أن أغني أغنية آمنت بالله عن طريق مُراسله الذي أخبرني بأنها أول مرة يُطيل الرئيس الجلسة في حفلة"

واستطرد :" بقي أبو عمار إلى أن انتهيت من أداء الأغنية التي طلبها , وبعدها قام ليشكرني ".

وعن عدد المرات التي حضر بها "أبو عمار" حفلات مُشابهة قال "القصبغلي":"  كنت في مركز المكفوفين نحيي حفلات في الصيف ونعمل سهرات سمر وإحياء ليالي حلوة ودعينا أبو عمار إلى إحدى هذه الحفلات وفعلا جلس مع المكفوفين ومسك الحطة وصار يرقص وطبلنا وغنينا وكان الرئيس يومها سعيد جدا "

وأضاف:" كان الرئيس يحضر الكثير من المهرجانات في المركز الثقافي وقمنا بالغناء له :

كل الأيادي ممدودة لإيد أبو عمار .. "أول ما اجت السلطة في المجلس التشريعي

"كل الأيادي ممدودة لإيد أبو عمار ..كل العيون مشدودة تشوف أبو عمار

كل القلوب موعودة في حب أبو عمار .. أهلا أهلا بالقائد حبيبنا أبو عمار

كما غنينا للعلم الفلسطيني :" عالي عالي عالي .. ياعلمنا يا غالي

على كل سطوحي بترفرف بالعالي .. بالعلم احنا فرحنا وغنينا "

المقاومة والفن لا يجتمعوا في بلد احتلال

ولا يؤيد "القصبغلي" من يعتقد أن الفن وسيلة لإلهاء الشباب الفلسطيني عن "مقاومة " الاحتلال وقال :" حين نُتابع التفاز ونرى لقطات تدريبية للمقاومة بالأسلحة فإن في خلفية المشاهد موسيقى حماسية أو ثورية أو مارشية , لأنها تدعم العمل الثوري ".

وأضاف :" حتى في السجون كانوا يغنوا باسم الحرية وهي أغنية خرجت من رحم السجون حيث تم تأليفها وتلحينها في السجون الإسرائيلية ".

وعزز "القصبغلي" رأيه بموقف يحفظه :" أذكر في الحرب العالمية الثانية أنه حين حوصرت مدينة ليننجراد قاموا بجمع كل الفنانين تحت الأرض ليعزفوا الموسيقى الثورية لتقوية وحماس الجيش "

واستطرد قائلا :" أيضا في مصر تم تقوية الجيش بأغاني مثل كلنا عايزين صورة لعبد الحليم حافظ .. وغنى هو وأم كلثوم لجمال عبد الناصر".

النشيد الوطني 

وأكد "القصبغلي" لدنيا الوطن أنه لا يزال يُتابع الفن حاليا وقال :"  لا يوجد في الفن الحالي  أداء صحيح فكله  يحتاج إلى تجميع بطريقة صحيحة ويحتاج إلى طريق تكون سليمة وناس تدعم الفن والعمل الموسيقي لأن الموسيقى ثقافة وحضارة وهي لغة الشعوب"

وحول أهمية الموسيقى قال :" الشعوب العالمية لا تفهم لغتي وماذا أقول لكنها تفهم الموسيقى , حتى في السلام الوطني سواء المصري أو الفلسطيني أو الروسي أو الأمريكي ..فكل بلد لها سلام بموسيقى ".

وأضاف :" وحتى يكون سلامنا الوطني فلسطيني بامتياز اقترحت "موطني" للشاعر الفلسطيني إبراهيم طوقان بدلا من "بلادي بلادي" .. وأغني موطني في كل حفل وفي كل مناسبة ومكان بغني لأنه معانيها وكلامها موزون للوطن "

 ولم يُحاول "القصبغلي" التحول إلى النمط الشبابي ليُواكب الموسيقى الحديثة وقال :" أنا لا أسمع كل الأغاني الشبابية لأنها كلمات ضعيفة وركيكة وألحان دربكة وإيقاعات لا معنى ولا كلمة ولا موسيقى فكيف أغنيها ولو سمعتها لدمرت أذني" 

ويرى أن ما يُغنية يُعتبر شبابي أيضا :" أنا أغني لعبد الحليم وكارم محمود ولعزيز محمود وهي أغاني شعبية وتعتبر أغاني شبابية أيضا في زمنهم  ولكن أغاني اليوم صُنعت للرقص فقط ".

ولم يُمانع "القصبغلي" فكرة الاشتراك ببرامج المواهب لكنه كان يعتقد أنها مُقتصرة على الشباب وقال :" لو سنحت لي الفرصة سأشارك ولكن الحصار والمعابر ستحول أكيد .. فأنا قبل الحصار تم منعي من الخروج فكيف بوجود الحصار؟".