مسيرة بلعين في الذكرى السنوية العاشرة

مسيرة بلعين في الذكرى السنوية العاشرة
رام الله - دنيا الوطن
 أصيب اليوم عشرة مواطنين خلال مشاركتهم فيمسيرة الذكرى السنوية العاشرة لانطلاقة المقاومة الشعبية  في بلعين وهم هاني حلبية الناطق الإعلامية للجنةالشعبية في أبو ديس ورامي علارية، وسعيد يقين منسق اللجان في قرى شمال غرب القدس، ومحمدناصر، وقد نقلوا إلى مجمع فلسطين الطبي لتلقي العلاج أما البقية وهم:  وجميل البرغوثي القائم بأعمال رئيس  هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، وكفاح منصور ،ومحمد سليمان ياسين، ، وناجي التميمي منسق حركة المقاومة الشعبية في النبي صالح ،وعبدالله أبو رحمة منسق لجنة بلعين، والمتضامن جونثان بولاك.

    أما المعتقلين الأربعة هم: عبدالله راضيوحنان شلبي وناشطان إسرائيليان وهما أودي سيجل ورأوت، حيث نقل المعتقلون إلى جهةمجهولة بعد أن قام جنود الاحتلال بضربهم بصورة عنيفة.

    هذا وقد بدأ الاحتفال بالذكرى العاشرة منساعات الصباح بعرض صور المقاومة الشعبية خلال السنوات العشرة على جدران القرية وتمعرض أيضا قنابل الغاز ووسائل القمع والأسلحة التي استخدمها الاحتلال وتسببت فياستشهاد وإصابة المناضلين خلال المسيرات. ومن ثم انطلقت المسير بعد صلاة الجمعةحيث رحب الأخ باسل منصور رئيس المجلس القروي وعضو اللجنة الشعبية بالضيوفالمشاركين، شاكرا كل من جاء اليوم أو خلال السنوات العشرة الماضية إلى بلعينللمشاركة في مسيراتها ونضالها ضد الاحتلال، مؤكدا على مواصلة النضال حتى زوالالاحتلال. وقد انطلقت المسيرة بعرض كشفي من فركة كشافة حركة فتح في كفرنعمة  وقد رفع المشاركون ألف علم فلسطيني.

    هذا وقد شارك في المسيرة شخصيات وطنية رسميةوشعبية إضافة إلى أعضاء المجلس التشريعي وممثلين عن الأحزاب العربية في الكنيست،  ومن بين المشاركين عضو اللجنة التنفيذية جميلشحادة، ومحافظ رام الله والبيرة الدكتورة ليلى غنام، والناطق باسم حركة فتح أحمدعساف، والأمين العام لمجلس الوزراء علي أبو دياك وأعضاء المجلس التشريعي وليد عسافومهيب عواد وقيس أبو ليلى والدكتور مصطفى البرغوثي، والمرشحين للكنيست عن القائمةالعربية المشتركة عايدة توما ودوف حنين، وممثلين عن حركة الشبيبة الفتحاوية عبدالمنعم وهدان وحسن فرج، والقائم بأعمال رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان جميلالبرغوثي  ورئيس الهيئة العليا للأسرى أمينشومان، وأقاليم فتح في نابلس ورئيسه جهاد رمضان وغسان دغلس وإقليم رام اللهوالبيرة ورئيسه موفق سحويل وأعضاء الإقليم وإقليم القدس ممثل بسعيد يقين،  ووقادة العمل الشعبي في بيت لحم ونابلس وبدرسونعلين والنبي صالح والقدس وبوابة القدس ومسافر يطا وطولكرم  والقرى المجاورة كفرنعمة ودير بزيع وعين عريكوخربثا بني حارث وصفا وبيت عور التحتا، بالإضافة عن ممثلين عن الفصائل: فتحوالجبهة الشعبية والمبادرة والديمقراطية وفدا وجبهة التحرير الفلسطينية وجبهةالتحرير العربية.

   هذا وقد انطلقت المسيرات والمقاومة الشعبية فيبلعين  في العشرين من شباط من عام 2005 حيثخرجت قرية بلعين أطفالا ونساء شيوخا وشباب مع أصدقائهم من أنصار الإنسانية من شتىبقاع الأرض، متجهين نحو الجهة الغربية من القرية، حيث الساعات الأولى لعمل جرافاتالجيش الإسرائيلي التي كانت تدمر الأرض وتقلع الزيتون وتمحي ذكريات جميلة عاشهاالأجداد والآباء والأبناء، بذريعة بناء جدار يقول الاحتلال "أنه للأمن"ولكن الحقيقة هو لسرقة الأرض وما عليها وتحتها من ثروات لبناء المستوطنات، منذ ذلكالوقت وحتى هذه الأيام نظمت بلعين 521 مسيرة أسبوعية في يوم الجمعة، بالإضافة إلىما يقارب 80 مسيرة أخرى عشوائية غير منتظمة، أي في أيام الأسبوع الأخرى.

    الغرض ليس التفاخر من وراء عدد المسيرات ولكنالرسالة هي أين كان الهدف؟ وماذا نحتاج لتحقيقه؟ من اللحظة الأولى ورغم بساطةأهالي القرية وصغر حجمها عدديا إلا أن عدم القبول بالأمر الواقع الذي خلقهالاحتلال في القرية والقرى المجاورة من خلال بناء الجدار، كان مرفوضا لديهم،والسعي وراء الهدف الذي أجمع عليه أهالي القرية رغم التباين في وجهات النظر، وهومقاومة الجدار حتى ينهار، مع الحفاظ على الاستمرارية الدائمة لهذه المسيرات، جعلناأقرب من الوصول إلى غايتنا.

    حتى نصل إلى ذلك الهدف كان لابد من العمل مثلخلية النحل، فقد كان العمل الجماعي من تنظيم وتوزيع للمهام  والمسؤوليات، وتوحيد للجهود، الخطوة الأولى فيبداية المشوار، حيث ذلل العديد من العقبات، سهلت علينا قبول الأصدقاء الدوليينكشركاء  لنا في النضال ضد أعداء الإنسانية،وكذلك الحال بالنسبة للنشطاء الإسرائيليين، حيث لم يكن سهلا قبولهم حيث لم يكنيعرف أهالي القرية الإسرائيليين إلا كجنود ومستوطنين، ولكن بعد بداية المشوار وخوضالتجربة وجدنا أن هناك جنودا ومستوطنين وهنا إنسانيين ومناضلين. حيث الرصاص لا يميز في المسيرة بين اللون والجنسوالدين. وكذلك الاعتقال أيضا مع أن هناك فارق في المحاكمة ونوع العقوبات ما بينالفلسطينيين وغيرهم من نشطاء دوليين وإسرائيليين.

    أما الخطوة الثانية والتي أوصلت بلعين إلى أنتكون رمز المقاومة الشعبية محليا وعالميا، حيث أطلق عليهم البعض اسم الغانديينالجدد أو غانديي فلسطين، هو خروج المسيرات من طور النمطية التقليدية إلى طورالتجديدية الإبداعية، مستخدمة كل الوسائل والطرق للتعبير عن المعاناة والمأساةالتي يسببها بناء الجدار، بالصورة اللاإنسانية التي يستخدمها الجيش الإسرائيلي: منخلال المسرح والتجسيد والفن والموسيقى والرياضة والدراما والأفكار الجديدة التيتوظف المناسبة، وهذه الخطوة قادت إلى خطوة ثالثة وهي تشجيع الإعلام ونقله للصورةالحقيقية للمعاناة الفلسطينية بعيدا عن التزييف والتزوير للحقائق الذي يبدعالاحتلال الإسرائيلي في توظيفهما في تشويه الحقائق، حيث زرعت بلعين جسرا من الثقةبمصداقيتها وبإقناعها للإعلام المحلي والدولي وأحيانا الإسرائيلي لنقل قصتها،والمقصود الإعلام بكافة أشكاله المسموع والمقروء والمرئي، إضافة إلى وسائل التواصلالاجتماعي. ناهيك عن حملات التحشيد والمناصرة من خلال الندوات والمؤتمراتوالتغريدات على التويتر والفيس بوك.

أما الخطوة الرابعة تمثلت في كيفية توظيفالعمل الشعبي والفعاليات والمسيرات في مساندة المرافعة القانونية، رغم أن معظمالقضايا المتابعة في المحاكم الإسرائيلية نتيجتها لصالح دولة إسرائيل ونسبة قليلةجدا يكون الحكم فيها لصالح الفلسطينيين، إلا أن الإصرار والمواظبة والعمل الدؤوبوالتوظيف الجيد للفعاليات الشعبية أقنع المحكمة العليا الإسرائيلية  أن الجدار في بلعين ليس للأغراض الأمنية، كمايدعي الجيش الإسرائيلي، وإنما لغرض مصادرة الأراضي وبناء المستوطنات، وهذا ما دفعالمحكمة للحكم في الرابع من أيلول عام 2007 بهدم الجدار في بلعين، لقد كان القرار مفرحا لأهالي القرية في تلك الفترةولكنه لم يكن نهائيا، فالمسيرات لم تتوقف، وإنما استمرت، وأضافت أهدافا أخرى، منهاتعمير الأرض التي حررت، وتشجيع المواطنين على البقاء فيها على مدار الساعة، منخلال خلق علاقة متينة بين الأرض وصاحبها، تجعله يشعر بالمتعة حين يعمل فيها،بالإضافة إلى تجميل المنطقة بعوامل الجذب الأخرى.

    أما الخطوة الخامسة وهي المحافظة علىالاستمرارية 600 مسيرة رغم الظروف المحزنة والمفرحة والأجواء الحارة والباردةوالقاسية ورغم العقاب الجماعي بكافة أشكاله- الحصار والحواجز ومنع التجول- كانهناك إصرار على مواصلة المسيرة كي تبقى الراية مرفوعة، سألني البعض يوما قالوادائما نراك رافع العلم الفلسطيني في المسيرات، أجبت ما دام هناك احتلال، علمي سيظلمرفوعا كإشارة إلى مواصلة النضال حتى تحرير الأرض.

    لم يدخر الجيش الإسرائيلي جهدا ولم يتوانللحظة في قمع المسيرات في بلعين فقد استخدم شتى صنوف الأسلحة، منها ما هو قديم،ومنها ما أستخدم لأول مرة، مبدعا في العقاب الجماعي، ومتفننا في المداهماتالليلية، معتقلا المئات، ومصيبا بجراح الآلاف، مسببا في استشهاد شهيدين من أسرةواحدة (باسم وجواهر أبو رحمة)، كل هذا وكان الرد منا لن نحيد عن هدفنا وهو تحريرأرضنا.

 أن من يتذوق طعم النجاح والنصر، يسعى دائمالتحقيقه والحفاظ عليه ولا يرضى بديلا عنه، مع أن الثمن يكون باهظا أحيانا ولكن لاضير في ذلك، فقد تجد ما دفعته من ثمن لذلك بعد فترة من الزمن حين تشعر مدى السعادةوالأمن والراحة والسلام الذي حققته لغيرك يستحق ما بذلته من أجله.  أما من يتعود الفشل والهزيمة يلقي بالمسؤوليةعلى الواقع والظروف معفيا نفسه من المسؤولية، ويحاول أحيانا أن يجمل الهزيمة مقنعانفسه بالواقع الجديد. لهذا علينا أن لا نسكت على الظلم ولنغير الواقع المرير إلىمستقبل جميل. 

     إن ما حققته بلعين من نجاح وإنجاز لم يكننجاحا فرديا وإنما هو مجهود  جمعي يستحقالجميع عليه الثناء من فلسطينيين ودوليين ونشطاء إسرائيليين، لذا لنشارك فرحةالنجاح بمشاركة كل من جاء إلى بلعين خلال الفترة من عام 2005 وحتى هذه اللحظة،باحثين عن نجاح أخر للإنسانية، ومن لم يأت خلال هذه الفترة يمكن له أن ينضم من غدليشاركنا نشوة الانتصار. 
 










التعليقات