داعش، صناعة محلية أم غربية !

داعش، صناعة محلية أم غربية !
بقلم طارق حجاج

إن الاستخفاف بتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) نظراً لما حققته من انجازات على الأرض لن يخدم أحداً سوى مصلحة التنظيم نفسه. فمنذ تأسيس التنظيم في تشرين الأول 2006 على يد أبو بكر البغدادي بعد اجتماع للفصائل المسلحة ضمن معاهدة حلف المطيبين واختيار "أبو عمر" قائدا للتنظيم وهو آخذ في التطور وحصد الأسلحة والأموال والإستيلاء على المدن في العراق وسوريا وآبار النفط  بالإضافة إلى العمليات النوعية والتفجيرات ونذكر تفجير السفارة الإيرانية في بيروت الذي تبتنه الدولة الإسلامية في بيان لها.

فكيف يكون تنظيماً تحت مسمى "الدولة الإسلامية" ولا يحظى بمباركة إيران ودعمها وهي واحدة من أشد الحكومات الداعمة للتنظيمات التي تتبنى الفكر الإسلامي خصوصا تلك التي تحارب إسرائيل وأمريكا مثل حماس في فلسطين وحزب الله في لبنان؟

يتبنى تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام الفكر السلفي الجهادي وهو تنظيم مسلح بالدبابات والصواريخ والسيارات المصفحة والسيارات الرباعية الدفع والأسلحة المتنوعة التي حصلت عليها من الجيش العراقي والسوري بالاضافة إلى الجيش البريطاني والأمريكي وبعض قطاع الطرق الذين ظهروا بعد سقوط بغداد، ويحارب التنظيم حاليا الجيش العراقي والشرطة العراقية وقوات الصحوة العراقية وقوات البشمركة والجيش العربي السوري وفصائل شيعية متنوعة مثل جزب الله اللبناني والحرس الثوري الايراني وحزب العمال الكردستاني والجيش الحر في سوريا والجبهة الإسلامية وبالطبع التحالف الأمريكي.

وهنا يأتي التساؤل الأهم... ما هي مصالح أمريكا ودول الغرب الإستعمارية في وجود تنظيم الدولة الإسلامية في البلاد العربية وهو أكثر التنظيمات إجراما ووحشية وقوة حتى الآن، فلا يمكن إنكار التقدم الذي احرزه التنظيم لدرجة احتلال مدن كاملة في العراق.

إن الولايات المتحدة لا يمكن أن تسمح للعالم العربي بأن يتحد وأن يكون قوة وفكراً يضاهي احدى دول الغرب. وإن كانت تلبس ثوب الديموقراطية والتحرر إلا أنها من أكثر دول العالم عنصريةً وتشددا وإرهاباَ، فحرب العراق التي قتلت أكثر من مليون عراقيا والتي  زعمت الولايات المتحدة  بوجود أسلحة نووية لتسهل أهدافها لم تكن أبداً لهذه المزاعم التي عرضتها. بل لأن العراق في عهد صدام شهدت تطوراً حضارياً وعلمياً وتطوراً في صناعة الأسلحة بعدما أستقطب صدام حسين العلماء الروس بعد سقوط الإتحاد السوفيتي.

من جهة أخرى فإن تكاثر المسلمين في أمريكا وأوروبا وكثرة المراكز الاسلامية سبب أرقاً لهذه الدول، فكانت الحاجة لتنظيم يستقطب المسلمين من الدول الأوروبية ملحة.

 فاسم الدولة الإسلامية وحده سيجعل الاسلاميين المتشددين ينهمرون من العالم لمناصرة هذا التنظيم وبالتالي تفرض أمريكا نفوذا أكثر في الوطن العربي تحت شعار محاربة الارهاب وتحلب دول الخليج بحجة دعم القضاء على الارهاب والمخاطر التي قد تواجه الدول العربية خصوصا دول الخليج من خطر الدولة الاسلامية، ومن جهة أخرى تساعد على إطاحة الأسد وجيشه وهو من أكبر حلفاء إيران في المنطقة. مما يجعل حلفاء الأسد يدخلون حرباً لمناصرته فينشغل حزب الله بالحرب في سوريا عن محاربة إسرائيل، وهنا تتدخل إسرائيل لتقيس مدى ضعف حزب الله باغتيال عناصر من حزب الله وتتفاجئ بأن حزب الله ما زال يتمتع بقوة الرد وسرعان ما تطلب أمريكا ان تستمر الحرب على داعش لعدة سنوات.

إن أغلب جنود داعش من كندا وفرنسا وبريطانيا ودول أوروبية أخرى. أضافة إلى أن أغلب الأموال التي تدخل على هذا التنظيم من أثرياء المسلمين في الغرب والتي قد تبلغ 1.9 مليار سنويا. ولا عجب أن ينشق التنظيم عن طاعة أمريكا إذا تطلب الأمر فوزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون قالت أن الولايات المتحدة من صنعت تنظيم القاعدة وأنه تمرد عليها فيما بعد.

حتى وإن تمرد عليها فإن مصلحة أمريكا لن تتبدد فداعش تحارب في البلاد العربية وتقتل كل من تظفر به مما يجعل الوطن العربي في صراع مستمر وشلالات من الدم لن تندمل وهذا بحد ذاته ما تسعى إليه الولايات المتحدة.

فهل ستختار الدولة الإسلامية التبعية لأمريكا أم انها ستنعم بالعراق والشام وحدها وتعلن خلافتها وتضرب اليد التي صنعتها؟


 


التعليقات