غزة: مهجة القدس تسلط أضواءها على معاناة أصغر أسيرة في سجون الاحتلال

رام الله - دنيا الوطن
نظمت مؤسسة مهجة القدس، اليوم الأربعاء، ندوة بعنوان/ انتهاكات الاحتلال بحق الأسرى الأطفال "ملاك الخطيب نموذجاً"، بقاعة الهلال الأحمر قبالة جامعة الأزهر غرب مدينة غزة.

وتحدث في الندوة – التي حضرها جمعٌ من المختصين والباحثين وطلبة الجامعات وذوي الأسرى- كلًا من مدير مركز الميزان لحقوق الإنسان عصام يونس، ومدير التدريب في برنامج غزة للصحة النفسية الدكتور سمير زقوت، والمختص في شؤون الأسرى عبد الناصر فروانة.

وفي بداية الندوة عرضت مؤسسة مهجة القدس فيلماً قصيراً سلط الأضواء على اعتقال جيش الاحتلال للأطفال، وتنكيله فيهم، وظروف احتجازهم القاسية في سجونه.

ونوه مدير الندوة والناطق باسم المؤسسة الأسير المحرر ياسر صالح، إلى أن ملاك تعد أصغر الأسيرات الفلسطينيات في سجون الاحتلال الإسرائيلي، حيث اختطفت براءتها في اليوم الأخير من العام الماضي عند حاجز عسكري قرب مدرستها في بلدة بتين شرق رام الله، ووجهت لها سلطات الاحتلال تهمة رشق الحجارة وحيازة سكين.

ولفت إلى أن الممارسات التي تنتهج ضد أبناء شعبنا لاسيما الأطفال، لن تفلح في انتزاع حقنا بأرضنا وحريتنا وكرامتنا.

بدوره، أشار يونس إلى أن واقع الأسرى في سجون الاحتلال بالغ الصعوبة والتعقيد، منبهًا إلى وجود جرائم حرب منظمة فيها تستوجب ملاحقة مقترفيها.

واعتبر أن التغاضي عن هذه الجرائم يشكل جريمةً، وبالتالي نحن نتحدث عن جرائم مركبة تمارس بحق المعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال.

وطبقاً ليونس فإن الأسرى يسبقوننا جميعاً بما يقومون به من فعل نضالي بحكم أنهم في تماسٍ يومي مع الاحتلال، مؤكداً أنهم يدفعون بذلك فاتورة باهظة.

ورأى أن هنالك تقصيراً قائماً بعدم قدرتنا على تبييض السجون من الأسرى، لافتًا إلى أهمية الخروج من ذلك نحو عمل منظم يؤدي إلى نتائج عملية.

وأوضح أن ما تقوم به سلطات الاحتلال من ممارسات بحق شعبنا لاسيما شريحة الأسرى يستوجب اشتباكاً سياسياً وقانونياً، منوهاً إلى أن الظروف القائمة في المعتقلات تناقض قواعد القانون الدولي.

وبحسب يونس فإن القضاء الإسرائيلي يقاطع الضحية، ويوفر غطاءً لما يرتكب من جرائم ضد المعتقلين، مبيّناً أن التوجه لمحكمة الجنايات الدولية في لاهاي يجب أن يتم باستخدام أدواتنا وهوامشنا، فالنتائج لا تتحقق بالضربة القاضية.

من جانبه، سلط د. زقوت الأضواء على الآثار النفسية والاجتماعية لاختطاف الأطفال الفلسطينيين من قبل الاحتلال الإسرائيلي.

وأوضح أن الاحتلال كسر القواعد التي وضعها علماء النفس للطفل والتي تقوم على ثلاث فرضيات، الأولى هو أن الطفل محبوب من المحيطين به، الثانية أن الطفل يعرف أن من يحيطون به يستطيعون حمايته، والثالثة هو أن الطفل يدرك أن هذا العالم فيه نظام وقانون يحمي الأطفال. وبحسبه فإن الطفلة ملاك الخطيب التي اختطفت بزيها المدرسي من مدرستها عجز الجميع عن تقديم الحماية لها، وعدم تكبيل يديها وأقدامها حتى أمام القضاء، وإطلاق سراحها.

ومن بين الآثار التي عددها د. زقوت: اضطراب الصدمة، واضطراب ما بعد الصدمة، موضحاً أن النوع الأخير لا يوجد في فلسطين لكون أطفالنا يعيشون صدماتٍ متتالية.

وأشار إلى دراسة علمية أجراها برنامج غزة للصحة النفسية على 1323 طفلاً، أظهرت نتائجها أنهم جميعاً تعرضوا لصدمات، ووجد أن لهؤلاء مشكلات في التركيز، الشك في الآخرين، التبول اللا إرادي، فضلًا عن تصرفات جسمية أو نفسية أو أسرية أو مدرسية.

وأكد د. زقوت أن الاحتلال يحاول بممارساته تشويه النمو النفسي والبدني والمعرفي للطفل الفلسطيني، داعياً في الوقت ذاته إلى توثيق حالات الاعتقال والتنكيل بالأطفال وترجمتها إلى جميع اللغات، لكي يعرف كل العالم أن شعبنا يتعرض لعملية إبادة
واختطاف.

ونوه إلى أن 90% من الأبحاث عن التعذيب والحروب، تتحدث عن أسر اليهود على يد النازيين في الحرب العالمية الثانية، وتقول معظمها إن "الإسرائيليين ضحايا للإرهاب". وتطرق د. زقوت إلى رأي المفكر الأميركي نعوم تشومسكي عن الإرهاب، واعتباره أنه يوصم به الفقراء والضعفاء، ولا يوصم به الأباطرة والعظماء.

واستذكر زقوت حقبة رئيس حكومة الاحتلال الأسبق اسحاق شامير، الذي سجل في عهده أولى حالات اعتقال الأطفال، حيث أجاب حينما سئل عن سبب استهدافه لهذه الشريحة، أن الهدف من هذه السياسة هو منع هؤلاء الأطفال من العمل الفدائي، واستهداف "دولة إسرائيل" في المستقبل.

من ناحيته، أشار فروانة إلى أن " لاك" لم تكن الطفلة الوحيدة التي يزج بها في سجون الاحتلال الإسرائيلي، منوهاً إلى أن اعتقالها يندرج في سياق سياسة إسرائيلية غير معلنة تستهدف الطفولة الفلسطينية، وتسعى لتشويه واقعها وتوظف كل  امكانياتها وأجهزتها القمعية لتدمير مستقبلها. إذ يرى الاحتلال فيهم مشاريع فدائية أو "قنابل موقوتة" مؤجلة التحقق لحين البلوغ.

واستعرض فروانة احصائيات وأرقام عن اعتقال الأطفال، مبينًا أن الاحتلال اعتقل أكثر من 10 آلاف طفل منذ بدء انتفاضة الأقصى في سبتمبر/ أيلول عام 2000، فيما صعدت من استهدافها لهم خلال السنوات الـ 4 الماضية لتعتقل خلالها نحو 3755 طفلاً. بمعدل يزيد عن 930 طفلاً في كل عام.

وبحسبه فإن جميع من اعتقلوا من الأطفال قد تعرّضوا لشكل أو أكثر من أشكال التعذيب الجسدي والنفسي، واحتجزوا في ظروف تفتقر للحد الأدنى من شروط الحياة الآدمية، وحرموا من أبسط الحقوق الإنسانية التي كفلتها لهم المواثيق والاتفاقيات الدولية. ليمضوا أيام وشهور وسنوات طوال، بل ومنهم من أمضى عقود في غياهب السجون.

التعليقات