للقضية وجوه أخرى – "تفجيرات العريش "

للقضية وجوه أخرى – "تفجيرات العريش "
غزة - دنيا الوطن
بقلم : اياد العبادلة
خروجا عن سلسلة مقالي الأول الذي بدأت الكتابة بها الأسبوع الماضي حول تجربتي الشخصية مع بعض الشخصيات التي تذرعت بالنضال الوطني لتحقيق أهدافها الشخصية ,وكما وعدتكم بالاستمرار بها الا أنني أجد نفسي اليوم مضطرا للتوقف عنها والتطرق الى قضية أهم ولها غاية في الأهمية الاستراتيجية على صعيد العلاقات الأزلية والتاريخية وعلاقات الجوار والعمق الأمني الاستراتيجي بين الشعبين الشقيقين المصري والفلسطيني ,وخصوصا علاقة الشعب المصري بأبناء قطاع غزة ,والتي امتدت في الفترات الأخيرة لتتجمل في أبهى مظاهرها في زيادة نسبة المصاهرة تجسيدا للأخوة الصادقة.

منذ بزوغ فجر التاريخ ,احتضنت السلطات المصرية بمختلف قادتها وحكامها للقضية الفلسطينية ,واعتبرتها جزء أصيل من العمق الأمني الإستراتيجي المصري ,وانبرت للدفاع عن القضية الفلسطينية ,وخاض الجيش المصري عدة حروب على الأراضي الفلسطينية ضد المستعمرين وآخرها كان الإحتلال الاسرائيلي ,وروت دماء الجيش المصري الأراضي الفلسطينية الذين استماتوا في الدفاع عن فلسطين ودفعوا لأجلها الغالي والنفيس.

الشعب الفلسطيني بمختلف تشكيلاته الإجتماعية وبعيدا عن التوجهات السياسية يكن احتراما كبيرا وغير مسبوقا للشعب المصري ولقيادته الحكيمة ,ويحرص الشعب الفلسطيني على تقوية الروابط الاجتماعية بالمجتمع المصري ,وتعتبر مصر قبلة الفلسطينيين لكل الإحتياجات وحتى في الزيارات الشخصية والتجارية والسياحية ايمانا منهم بالواجب الوطني والاجتماعي والديني "الرسول وصى على سابع جار" ومصر هي الجارة الاولى لفلسطين وبوابتها الى العالم الخارجي.

الشعب الفلسطيني كأي شعب في العالم يحمل في طياته عدة توجهات سياسية وعقائدية ,ولكن أجمل ما يحمله هو الحب الحقيقي للمصريين ,بعيدا عن التوجهات السياسية والاجراءات والبروتوكولات المعتمدة بين الدول "لكل دولة شأنها الخاص في وضع سياساتها واداراتها بالشأن التي يناسبها" ,لذلك يعتبر الشعب الفلسطيني والقيادة الفلسطينية أن التدخل في شؤون الدول الأخرى خط أحمر لا يمكن تجاوزه ,نحن أصحاب قضية وما يهمنا هو مقاومة الاحتلال الاسرائيلي ودحره عن اراضينا بكل السبل المشروعة لإقامة دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس الشريف ,ويهمنا في نضالنا المشروع التفاف كافة الشعوب والأنظمة العربية من أجل تشكيل لوبي ضاغط لنيل حقوقنا المشروعة.

على مدار السنوات الأخيرة حاولت تيارات وأنظمة تفكيك اللوبي الضاغط حول القضية الفلسطينية وبث الإشاعات بين الشعبين الشقيقين لحشر القضية الفلسطينية في الركن ,وأنفقت تلك الأنظمة مبالغ طائلة ضختها عبر وسائل الاعلام المتعددة والمؤثرة وفي بعض مراكز صنع القرار في الأنظمة العربية لإنجاح مخططتهم وتخصيص " الأبواق" الإعلامية لهذا الغرض وللأسف الشديد نجحت في بعضها ,ونالت من وطنية الشعب الفلسطيني وبعض رموزه الشرفاء ,وهذا ما كان يحذر منه الرئيس الراحل ياسر عرفات مرارا وتكرارا وبقوله للجملة التي كان يرددها في كثير من المحافل العربية والدولية "لا تضعوني في الركن" ,فالقضية الفلسطينية هي قضية عربية واسلامية بإمتياز ويجب الوقوف الى جانبها ودعمها لا تدميرها.

ما حصل مؤخرا في سيناء والعريش وتنامي الظواهر التكفيرية الجديدة التي تتخذ من الاسلام عباءة لها بعيدا كل البعد عن فلسطين وأبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة ,وان ضبطت بعض العناصر المنتمية لتلك الجماعات وكانت تحمل الهوية الفلسطينية ,فليس ذلك يعني أن كل فلسطين عناصر ارهابية ,أو تنتمي الى التيارات الإسلامية المتطرفة ,هناك شعب فلسطيني يؤمن بقضيته وبالالتفاف العربي والإسلامي والدولي لدعم القضية بكل السبل ويسعى لتوطيد العلاقة معها ,ويسعى لتقديم الدعم اللازم لها ,للتنويه العناصر التكفيرية أصبحت ظاهرة منتشرة في عدد كبير من الدول العربية وتتخذ من بؤر الصراع مراكز لها.

ما حدث مؤخرا في العريش هو حادث أليم ,تأثره به الشعب الفلسطيني قبل الشعب المصري وذرفت له دموع الشعب الفلسطيني دما ,لأن الشعب الفلسطيني يعلم تماما أن الجندي المصري الذي استشهد على أيدي الجماعات التكفيرية في العريش وسيناء هو ابن الجندي الذي دافع عن فلسطين وروت دماؤه ثرى فلسطين الحبيبة ,ومنهم عدد كبير كان لفلسطين الشرف أن يدفن في أراضيها المقدسة.

فلسطين هي جزء من الوطن العربي وجزء من القومية العربية والنضال الوطني العربي الأصيل ,وما يحدث في الدول العربية وبالأخص الشقيق مصر ينعكس على الشعب الفلسطيني المنتشر في كافة ربوع الدول العربية والعالم ,فهي تفرح لفرحهم وتحزن لحزنهم ,وعزاؤنا في فلسطين للمصريين عموما قيادة وشعبا ونحتسب جنودهم الذين شاركوا في معركة العريش شهداء الواجب الوطني عند الله.

التعليقات