الطبقة الوسطى الفلسطينية

الطبقة الوسطى الفلسطينية
بقلم / المهندس نهاد الخطيب                                          

مهندس وباحث في العلاقات الدولية
                                                 
تعودنا على أن الحديث عن الطبقات في المجتمع لابد أن ينطلق من مواقع نشأة فكرية وسياسية ذات أفق يساري وهذا قد لا يكون دقيقا،لأن المصطلحات في كثير من الحالات تأخذ معناها من السياق الذي ترد فيه فيما يعرف بالمعنى السياقي، وحديثنا عن الطبقة الوسطى الفلسطينية هنا لا علاقة له بالأيدلوجيات والأفكار المسبقة فنحن نرى أن الطبقة الوسطى في أية مجتمع، تلك هي المجموعة من الناس الذين يحتلون الدرجات المتوسطة على السلم الإقتصادي وبالتالي الإجتماعي لهذا المجتمع محسوبا على أساس معدل الدخل أو معدل الإنفاق ، ويمكن تمييزها بسهولة عن طبقتين أخريين ، الأولى وهي الطبقة الغنية أو ما يطلق عليها في بعض المجتمعات بالطبقة الأرستقراطية حيث أن لها مواصفات محددة ، فهي تستحوذ على نسبة عالية من الثروة القومية وكذلك السلطة وتتصرف بالأثنين بالشكل الذي يناسبهامن خلال نظام سياسي واقتصادي واجتماعي مكَيف ليووائم مصالحها ، والطبقة الأخرى هي طبقة الفقراء والكادحين وهي تملك القليل ونصيبها في عملية صنع القرار في المجتمع قليل وهمَها الأكبر هو السعي من أجل القوت ، وهي بهذا مسًخرة لخدمة الطبقة الغنية وبالتأكيد هي الأشد تأثراً بالتغيرات السياسية وما يتبعها من ارتدادات اقتصادية واجتماعية ويعنى ذلك أنها الأقل قدرة على على الفعل والتأثير على عكس الطبقة العليا ،إذن فالطبقة الوسطى التي تتأثر بشكل معقول وتملك قدرة معقولة أيضا على الفعل والتأثير – وهي عادةً الطبقة الأكثر عددا- هي المرشحة حصريا للقيام بعملية التغيير وبمعنى أخر هي القاعدة الإجتماعية القادرة واللازمة للتغيير، كشرط ضروري ، وبدونها يصبح الحديث عن التغيير ضربا من الأوهام.

وإذا ما أسقطنا كل ذلك على المجتمع الفلسطيني اليوم ، فقد نرى ما يفسرلنا حالة السلبية وانعدام رد الفعل تجاه حالة السحق والإذلال والموت البطئ التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في غزة دون ابداء رد فعل متناسب ومتوازي مع حجم المعاناة التي يتعرض لها ، فنحن أمام تمايز واضح بين طبقتين ، الأولى وهي الأغلبية المسحوقة والمهمشة والي تلهث وراء الحد الأدنى من مقومات الحياة ، مثل كوبونة ،إيجار مسكن ، علاج، وهؤلاء لايوجد لديهم إمكانية التفكير بالتغيير ولا يملكون أدواته أيضا ، والفئة الأخرى تملك ما يكفيها ويزيد عن حاجتها وبالتالي فلها القدرة العالية على الصمود في وجه الضغوطات الخارجية ،والسعي وراء طموحاتها والتزاماتها وتحالفاتها الإقليمية والدولية والتي ليس بالضرورة مرتبطة ارتباطا مباشرا بالمصالح الوطنية الفلسطينية بمعناها التقليدي.

وهنا نحن نفتقد الطبقة الوسطى الفلسطينية التي تقع بين هاتين الطبقتين والتي أسلفنا لا بد من وجودها إذا أردنا التغيير و ربما التحرير أيضا ، ونبقى أمام سؤالين كبيرين ، أين هي الطبقة الوسطى الفلسطينية ؟ وما هو السبيل لإستعادتها   ...يرحمكم الله     

التعليقات