مركز الفرات يناقش مستقبل الاقتصاد العراقي في عام 2015

رام الله - دنيا الوطن
أقام مركز الفراتللتنمية والدراسات الإستراتيجية الكائن في مدينة كربلاء المقدسة حلقة نقاشية اقتصاديةتحت عنوان (الاقتصاد العراقي عام 2015 بين الواقع والطموح) .

جاء ذلك بحضور عدد من النخب الرسميةوالأكاديمية وممثلي منظمات المجتمع المدني، وقدم الحلقة وأدارها مدير المركز الدكتورخالد العرداوي الذي ابتدأ حديثه بالترحيب بالباحثين والمختصين والمهتمين في الشأن الاقتصادي.

وأكد أن هذه الحلقة تعقد في ظل ظرف خطير ووقت عصيب يمر به الاقتصاد العراقي جنبا إلىجنب مع التحديات الأمنية والسياسية، وأن مركز الفرات يحرص على تقديم حلول ناجعة للاقتصادالعراقي من خلال وضع الخطط والمعالجات المناسبة لصانع القرار. وقدمت في الحلقةالنقاشية ورقتين بحثيتين:

الأولى بعنوان (تحليل متغيرات الاقتصاد العراقي)قدمها الدكتور عباس كاظم جاسم الدعمي من كلية الإدارة والاقتصاد جامعة كربلاء وتناول فيها عددا من المحاور والجوانب في الاقتصاد العراقي منها الظروف التي زعزعة استقرارالاقتصاد العراقي وخاصة الحروب منها الحرب مع إيران طيلة عقد الثمانينات التي أدت إلىاستنزاف جميع الاحتياطيات الأجنبية التي استخدمت في تمويل الإنفاق الحربي مع تشوه فيالبنى التحتية وقطاعات الإنتاج الرئيسية .

وقدرت قيمة الإضرار آنذاك بما يقارب من453 مليار دولار، بعدها جاء عقد التسعينات الذي خاض فيه العراق حرب الخليج الثانيةالتي ترتب عليها فرض عقوبات اقتصادية وتعويضات مالية قدرت خسائرها بحوالي 200 ملياردولار، وبعد عام 2003م في فترة الاحتلال الأجنبي تعرضت البنية التحتية للاقتصاد العراقيل لتدمير بصورة كاملة.

كما تناول الدكتور الدعمي عددا من التحديات المميزات التي تواجهالاقتصاد العراقي منها: ارتفاع حجم المديونية الخارجية، تباطؤ معدلات النمو، تدهورالقطاع الزراعي والصناعي، ارتفاع حجم التضخم والبطالة، تفاقم الفساد الإداري والماليوالاعتماد على الاستيراد الخارجي.

وفي النهاية تطرق الدكتور إلى العجز في الموازنةحيث وضع عددا من الحلول لمعالجتها منها: تقليل ضغط الإنفاق الحكومي إلى اقل ما يمكن وخاصة مخصصات الدرجات الخاصة والوزراء وغيرهم، إجبار المصارف التجارية (الحكومية والأهلية)على الاحتفاظ بنسبة 10% من احتياطاتها المودعة لدى البنك المركزي العراقي، كذلك إصداراذونات خزانة قصيرة الأجل ولمدة ثلاثة أشهر وبأسعار فائدة منخفضة، وإنشاء صندوق الثروة السيادية من الإيرادات العامة بما فيها النفط، تنويع مصادر الإيرادات، تنشيط القطاعالخاص.

الورقة البحثية الثانية قدمت تحت عنوان (التطورات الاقتصادية العالمية والعربية والمحلية) وأعدها الدكتورهاشم جبار الحسيني المتخصص في إدارة الموازنات العامة في كلية الإدارة والاقتصاد/جامعة كربلاء، تحدث فيها عن أسعار النفط وتذبذبها في الفترة الأخيرة ووصولها إلى مستوى القاعوتأثيرها على الاقتصاد العراقي.

وذكر النفقات في الموازنة العراقية التي قسمها إلىجزأين: نفقات رأسمالية ونفقات ريعية، وعرف النفط على أنه عبارة عن سلعة متاجرة وهيعرضة للطلب والعرض ومتوقع أن يحدث الانخفاض في سعره في فترة معينة والارتفاع أيضا.

وتحدث عن ضرورة تطوير الاقتصاد العراقي بما يخدم تطويره وازدهاره وقدرته التنافسية للاقتصاديات الإقليمية والعالمية.

كما ركز على نقطة عدها في غاية الأهمية وهي إعادةتأهيل الإنسان العراقي وصقل مهارته من اجل زيادة إنتاجيته ووضع عدد من الآليات لتحقيق ذلك منها زيادة الدخل حسب الإنتاجية، أي أن زيادة الدخل يكون بصورة تصاعدية مع زيادة إنتاجية الفرد، وان هذا النظام معمول فيه في كل الاقتصاديات الرصينة في العالم.

ودعا أيضا إلى تبني المؤسسات الحكومية وغير الحكومية هذا المعيار؛ لكونه يعود بالنفع على لمواطن واقتصاد الدولة العراقية، وللمنظومة القانونية والتشريعية ودورها كان نصيب وافر من ورقة الدكتور الحسيني .

حيث عدها من المنظومات المتهالكة وغير المواكبة للعصرالذي نحن فيه ودعا إلى إيجاد منظومة قانونية متكاملة وطبيعة الاقتصاد العراقي.

وبعد إكمال الباحثين عرض أوراقهم فتح مدير الجلسةباب النقاش والحوار حولهما مع الحضور من باحثين مختصين في الشأن الاقتصادي العراقي فجاءت المداخلات بالشكل الآتي:

الأستاذ ناصر حسين فتحي رئيس اللجنة الاقتصادية في مجلسمحافظة كربلاء حرص في مداخلته على الإشارة إلى أن الموارد الوفيرة التي يتمتع بها العراقعدا مورد النفط وهي بحاجة إلى إعادة تنظيم وإدارة؛ لاستغلالها وتوجيهها لخدمة الاقتصادالعراقي.

وتحدث عن عدد من المشاكل التي يعانيها كرئيس للجنة الاقتصادية منها: عدم وجودسياسات تستطيع أن تطور وتخلق تنمية للاقتصاد في هذه المحافظة المهمة، في وقت تزخر فيهالمحافظة بعدد من الموارد غير المستثمرة في خدمة اقتصاد المدينة كالحركة السياحية الدينيةوغير دينية وكذلك مكامن المواد الأساسية في البناء التي تنفرد بها كربلاء عن باقي المحافظات.

الشيخ مرتضى معاش رئيس مؤسسة النبأ للثقافة والإعلاممن جانبه تطرق إلى المشكلة الراهنة التي تعانيها الاقتصاديات الريعية ومنها الاقتصادالعراقي الذي يعتمد بصورة كاملة على النفط، تطرق إلى المشكلة الراهنة التي تعانيها الاقتصاديات الريعية ومنها الاقتصاد العراقي الذي يعتمد بصورةكاملة على النفط وهي مشكلة الصراع على الحصص في الأسواق العالمية ومن يبيع أرخص لضمانالأسواق له.

كذلك تحدث عن مسألة النفط الصخري الذي أقدمت بعض الدول المتطورة في التكنولوجياعلى إنتاجه في استخراجه وكيفية تأثيره على النفط المستخرج في دول الخليج وغيرها منالدول، وان قيمة تكاليف استخراج النفط الصخري والتي تعادل 50 دولارا هو السقف المتوقعلأسعار النفط.

وتطرق إلى مشكلة هجرة العقول من العراق التي أثرت على مختلف الجوانبومنها الاقتصاد حيث ذكر الشيخ معاش تجربة النجاح الاقتصادي في النرويج وخاصة في مجالاستثمار النفط المستخرج في هذا البلد وكيف أن احد العقول الهندسية العراقية برمج وهندسهذا النجاح.

وتطرقت السيدة زهراء البغدادي رئيسة مركز سيدات أعمال كربلاء إلى عدد من المشاكل في الاقتصاد العراقي، منهاتلك القوانين التي تعرقل الاستثمار وكيفية معالجتها وضرورة إيجاد قوانين تحفز وتشجعالاستثمار. 

النائبة البرلمانية السابقة الدكتورة عقيلة عبد الحسينالدهان تسأل عن مكامن الحل للاقتصاد العراقي هل هي في داخل العراق أم في خارجه؟ وأين السياسات الإستراتجية التي رسمت لتطويره بعد عام 2003؟ وأين الموازنات الانفجارية التيوضعت في الأعوام السابقة وما النتائج التي تحققت في بنية العراق التحتية والعمرانية والاستثمارية والمجتمعية التي حدثت على ضوئها؟.

الأستاذ جاسم الشمريأستاذ القانون التجاري ورئيس قسم التدريب والتطوير في محافظة كربلاء تطرق إلى الاتفاقالنفطي العراقي الكويتي الذي ينص على بيع العراق للنفط بـ(90) دولار للبرميل الواحدمقابل بقاء هذا السعر ثابتا.

كما تساءل عن ماذا لو كان قانون البني التحتية مقرا ونحنالان في ظل أزمة مالية متمثلة في انخفاض أسعار النفط؟، ونوه إلى دور الأيادي الخفيةالتي تتلاعب في الاقتصاد العراقي وكيفية معالجتها.

الدكتور حيدر حسينإل طعمة أستاذ الاقتصاد في كلية الإدارة والاقتصاد جامعة كربلاء تحدث عن مصطلح لعنة الموارد التي أثيرت من قبل الباحثين وذكر انه مصطلح غربي

وأكد أن الموارد في العراقوغيرها تندرج ضمن مصطلح (رحمة الموارد) لكنها تعاني من غياب الأيادي الأمينة اللازمة لإدارتها واستثمارها بالطرق المثلى كما عرج على مقارنة ما يحدث في العراق مع ما يعرف بالمرض الهولندي.

وذكر أن المرض الهولندي حدث في سلعة نفطية مصنعة أما في العراق فالنفطسلعة غير مصنعة فمن الطبيعي أن تتعرض أسعارها للتذبذب كما ذكر إن الأزمة الحالية في أسعار النفط هي أزمة سياسية بين إرادات عالمية ذات مصالح استراتيجية مختلفة، ودعا إلى إقرار الموازنة العراقية على سعر للنفط لا يتجاوز للبرميل (40) دولار حتى وان ارتفعتأسعار النفط يمكن استثمار الفائض منها في التنمية والبني التحتية والصندوق السياديكما في السعودية وإيران وغيرها من الدول.

الدكتور فاضل حسن الياسري الأكاديمي والأستاذ الجامعي كانت له مداخلة ربط بها المشكلة الاقتصادية فيالعراق بالمشكلة السياسية وذكر الفساد الإداري والمالي وكيفية وضع الرجل غير المناسبفي المكان غير المناسب. الدكتور رياض المسعودي التدريسي في جامعة كربلاء تساءل عن حوالي (500 إلى 700 مليار دولار) صرفت منذ عام2003 م وحتى يومنا هذا والاقتصاد العراقي لا يزال يراوح في مكانه.

وانتهى في حديثه إلى مسألة اعتماد الاقتصاد العراقي على العالم والدول الإقليمية في سد احتياجاته الضرورية وغير الضرورية وكيف أصبح البلد مستهلكا من الخارج في ابسط الأشياء.

الدكتور خميس بندرعبيد التدريس في كلية التمريض جامعة كربلاء، تحدث عن علاقة انخفاض أسعار النفط بالنفط الحجري المنتج أخيرا في الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها .

وأشار إلى ايجابيات الانحدارالمالي في العراق والدول النفطية؛ لإعادة التفكير والشروع بتنويع مصادر الاقتصاد العراقي.

علي الطالقاني الكاتب والصحفي ذكر عدد من الخطوات التي يمكن لها أن تحد من الأزمة الاقتصادية منها: تفعيلوإعادة النظر في القطاعات غير النفطية مثل الزراعة والصناعة والتجارة والتعليم وبما يخدم تنويع مصادر الاقتصاد في العراق واستثمار الطاقات الشابة من الخريجين المهنيينوالخبراء.

الأستاذ جاسم الظالمي رئيس مؤسسة تواصل العراقية الأمريكية تحدث عن ضرورة الاستفادة من الآخرين ومنها الدولالتي ليس لديها موارد اقتصادية مثل النفط التي استطاعت أن تؤسس لاقتصاديات رصينة وفاعلة وغير متأخرة.

المهندس سهيل عبدهادي من وزارة الموارد المائية تطرق إلى ضرورة الدراسة العملية والواقعية المستفيضة للاقتصاد العراقي والخروج بمعالجات تخرج العراق من الأزمة المالية التي يعيشها اليومجراء عدم إقرار الموازنة.وفي نهاية المداخلات التي أثيرت حول الأوراق البحثية التي عرضها الباحثون قدمت في الحلقة النقاشية عدد من التوصيات للجهات المعنية الحكومية وغير الحكومية وهي:
1- تغيير نمط بناءالموازنات العامة من موازنة البنود إلى موازنة الأهداف.

2- تخطيط الاقتصادالعراقي وإعادة النظر في أنظمته من خلال تحديد النظام الاقتصادي الذي يخدم العراق فيهذه المرحلة من تأريخه.

3- تأهيل الإنسانالعراقي وصقل مهارته من اجل رفع إنتاجيته ورفع شعار (زيادة الدخل مع زيادة الإنتاج).

4- إقرار الموازنةالعراقي وفق نسبة 40 دولار للبرميل النفط وبقاء هذا ثابتا وما يفيض عن هذا السعر في المستقبل يوجه إلى الإيداع وهذا الإيداع يكون في صندوق يشرع له أسوة بالصندوق السياديالسعودي والإيراني لغرض الاستفادة منه في الأزمات الاقتصادية وكذلك التنمية والأعمار.

5- إجراء مراجعةشاملة لكافة القطاعات الاقتصادية غير الريعية وتحديد عملية التنميـة فيها.

6- دعم القطاع الخاصمن خلال إيجاد شركات عملاقة ذات رأس مال كبير وتسهيل عملها.

7- انشاء هيئة مستقلةتوكل إليها مهمة إدارة المشاريع الاستراتيجية المتعلقة في البنى التحتية على غرار مجلسالأعمار العراقي. وبعد عرض التوصيات ختمها مدير الحلقة النقاشية الدكتور خالد العرداوي مدير مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية بالتأكيد على ضرورة وضع مفاصل الاقتصاد العراقي بأيد أمينة تضمن إدارتها لجيدة والفاعلة .

وذكر الحديث المأثور عن الإمام علي عليه السلام (لا كثير مع إسرافولا قليل مع احتراف) وشكر الباحثين والحضور على تجشمهم العناء والحضور والتفاعل معموضوع الحلقة وعطائهم الذي تميز في الكثير من الأفكار والحلول لتطوير الاقتصاد العراقي.

التعليقات