(أيام لها تاريخ) .. صور تنشر لأول مرة : دخول القوات الفلسطينية لأرض الوطن 1994

كتب : غازي غريب 

في فبراير 1993 كنت في مهمة صحفية في القاهرة تزامنت مع زيارة الرئيس ياسر عرفات للقاهرة .. ومهد لي السفير زهدي القدرة الطريق للقاء الأخ الرئيس أبو عمار لأول مرة في حياتي وكان ذلك في قصر الأندلس بشارع العروبة مقر إقامة أبو عمار أثناء زياراته المتكررة للقاهرة .. وبتشجيع خاص من أبو عمار لصحفي قادم من الأرض المحتلة حسب تعبيره كنت لا أغادر قصر الأندلس إلا بعد منتصف الليل لقضاء الليل في بيتنا بالقاهرة والعودة صباحا .. كان القصر يشهد حراكا غير عاديا يستقبل خلالها الرئيس شخصيات وقيادات مرموقة من الأرض المحتلة .. إضافة إلى إجتماعات مطولة مع عمرو موسى وزير الخارجية حينذاك , والدكتور أسامة الباز مستشار الرئيس مبارك للشؤون السياسية .. كانت " طبخة سياسية " تطبخ على نار هادئة .. وأبو عمار يتحدث عن العودة إلى فلسطين .. والدكتور نبيل شعت يحدثني عن مشاريع البنية التحتية المستقبلية في غزة .. ويحدد لي موقع المطار شرق رفح بالتحديد .. وحديث الدكتور شعت نشرته كاملا في العدد الأول من جريدة الجماهير التي أسستها وتوليت رئاسة تحريرها في إبريل 1993.. وكان كل أفكاري تذهب إلى حيث الوفد الفلسطيني المفاوض برئاسة المرحوم حيدر عبد الشافي .. ولم أستوعب تلميحات الدكتور شعت بالمفاجأة السياسية القادمة . عموما انفجرت المفاجأة بعد ثلاث شهور بإعلان التوصل إلى إتفاقية الحكم الذاتي في أوسلو .. وعادت بعض الكوادر الفتحاوية إلى غزة التي غادرتها خلال الانتفاضة مباشرة بتوجيهات ومهام من القيادي الفتحاوي محمد دحلان .. وتدحرجت كرة الثلج .. وانشغلت الصحافة بأسماء القيادات والوزراء في الحكومة الفلسطينية القادمة لأول مرة على أرض الوطن .. ويفتح معبر رفح أبوابه واسعة أمام العائدين من كافة مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية من المدنيين والعسكريين على مدار الساعة . وعلى غير عادة الاحتلال يسمح للصحفيين بالعمل داخل المعبر لتغطية دخول القيادات والقوات . وأحمل كاميرتي .. لتصوير وتوثيق المواقف الأهم .. لقاء القوات الفلسطينية القادمة من الشتات .. الحروب مع العدو والعمليات الفدائية .. حاملة قصص البطولة والفداء وتضحيات الشهداء .. لقاء القوات بشعبها .. بأهلها وعشيرتها .. وعند مفرق التحلية في خانيونس أقف لأسجل بالكلمة والصورة " قصة لقاء " في يوم دخل سجلات تاريخ نضالنا الوطني .. تتهادى حركة الباصات .. وسط تهليل وتكبيرات الجموع الحاشدة .. تخترقها زغاريت السيدات .. ويطل ضابط فلسطيني من باب الباص باكيا صارخا .. إحنا القوات البحرية الفلسطينية .. ومن شباك الباص أسأل ضابطا فلسطينيا قادما من السودان .. صف لي مشاعرك .. لم يتطرق إلى الفرحة وحرارة اللقاء .. ولكنه أجابني بهدوء : أخيرا سأجد لي قبرا في وطني . نعم .. أبو عمار وجد له قبرا في وطنه .. وأمين الهندي , الشهيد أبو حميد , عبد الرزاق المجايدة , الشهيد أبو علي مصطفى , وأبو علي شاهين , والقائمة تطول من قيادات وشهداء نضالنا الوطني .. الذين وجدوا لهم قبورا في وطنهم .. واحتضنهم ثرى أرض آبائهم وأجدادهم .

صور دخول القوات الفلسطينية لأول مرة الي قطاع غزة إهداء من أرشيف الاستاذ الصحفي غازي غريب