التداعيات والتوقعات… هل ستكون محكمة الجنايات رصاصة فلسطين الاولى دوليا فى وجه اسرائيل ؟

التداعيات والتوقعات… هل ستكون محكمة الجنايات رصاصة فلسطين الاولى دوليا فى وجه اسرائيل ؟
رام الله - دنيا الوطن - أسامة الكحلوت
يدور فى الاونة الاخيرة الحديث المتواصل عن توجه الرئيس محمود عباس لانضمام فلسطين لمحكمة الجنايات الدولية بعد إعداد طويل لهذه الخطوة .

البداية كانت قبل عدة اشهر فى اجتماع للرئيس محمود عباس مع القيادة الفلسطينية يخبرهم ببدء التحضير للانضمام لمحكمة الجنايات الدولية ، وسألهم " هل انتم مستعدون للتبعات المترتبة على الانضمام للمحكمة الجنائية الدولية ، ووافقه الجميع على الفور ، وبدأت المعركة  .

وجاء ذلك بعد فشل منظمة التحرير الفلسطينية فى الحصول على موافقة لمشروع فلسطينى عربى يهدف للحصول على تحديد موعد زمني لانهاء الاحتلال الاسرائيلى واقامة دولة فلسطينية على الاراضى المحتلة  1967  ، حيث لم يصل التصويت لصالح المشروع فى مجلس الامن لنسبة النجاح  بالاضافة للفيتو الامريكى الذى يترصد بالمشروع .

وعندما تحدث الرئيس عباس فى وقت سابق عن الخيارات المفتوحة ، كان يعنى ان هذه الخيارات محدودة جدا ، وذلك لعدم طرح مواجهة مباشرة مع الاحتلال الاسرائيلى (انتفاضة ) ، ولم تصل المفاوضات فى اى جولة لاى نتيجة ، فكان التوجه للساحة الدولية والدبلوماسية وتحريكها لصالح فلسطين بما فى ذلك الانضمام لمحكمة الجنايات الدولية .

ومحكمة الجنايات الدولية تشكلت في يوليو 2002 وذلك بهدف ملاحقة من ثبت ارتكابهم لجرائم حرب وإعمال ابادة وجرائم ضد الانسانية، في ظل غياب العدالة في المحاكم المحلية، وهي هيئة مستقلة لا تخضع للأمم المتحدة وبغض النظر عن الجرم سواء بحق فرد او مجموعات واسعة من السكان فان المحكمة تملك صلاحية ملاحقة المتسببين بالجرم.

وباب الانضمام الى المحكمة مفتوح أمام جميع الدول، وتودع صكوك الانضمام لدى الأمين العام للأمم المتحدة، والذي تنظمه المادة 25 من النظام الأساسي، لكن بدء النفاذ بالنسبة لكل دولة تصادق على النظام الأساسي أو تقبله أو توافق عليه، أو تنضم إليه بعد إيداع (الصك الستين)، وهو طلب انضمام الدولة الى النظام الأساسي للمحكمة، و يبدأ نفاذ النظام الأساسي في اليوم الأول من الشهر الذي يعقب اليوم الستين من تاريخ إيداع تلك الدولة صك تصديقها أو قبولها، أو انضمامها.

ومع ذلك فإن إسرائيل تأخذ كل احتياط أو تدبير يمنع مثول أي من قادتها أمام مثل هذه المحاكم، حيث أن الحكومة الإسرائيلية تقوم بين الفينة والأخرى بعقد محاكمات صورية لجنودها، تصدر من خلالها احكاماً لا تتناسب بالمطلق مع الجرم الواقع، ليس بدافع أخلاقي، لكن في محاولة منها للاستفادة من المواد المتعلقة بأن محكمة مثل محكمة الجنايات الدولية هي مكملة للقضاء الوطني ولا يجوز محاكمة أي شخص على ذات الجرم مرتين، وهنا يقع على كاهلها إثبات البطلان (القانوني، القضائي) لهذه المحاكم، وأنها صورية عقدت لتبرئة هؤلاء المتهمين وليس لإدانتهم، و مع التكلفة الباهظة لمثل هذا الاثبات الذي يمكنها بعد ذلك من إعادة محاكمتهم وفقاً للفقرة 3 من المادة 20 من النظام الأساسي للمحكمة والتي تنص على بطلان المحاكمة للشخص في حالة أنها قد اتخذت لغرض حماية الشخص المعني من المسئولية الجنائية عن جرائم تدخل في اختصاص المحكمة أو لم تجر بصورة تتسم بالاستقلال أو النزاهة وفقاً لأصول المحاكمات المعترف بها بموجب القانون الدولي، أو جرت على نحو لا يتسق مع النية إلى تقديم الشخص المعني للعدالة.

وقد بدأت اسرائيل بشن هجوم مضاد على السلطة الوطنية الفلسطينية بتجميد تحويل 127 مليون دولار من عائدات الضرائب التى تجبى لحساب السلطة اى ما يقارب نصف الموازنة .

وانضمام فلسطين لمحكمة الجنايات الدولية سيفتح المجال امام تقديم دعاوى ضد اسرائيل على خلفية الحروب والعمليات العسكرية التى قامت بها فى قطاع غزة والضفة الغربية ، وتحاسب المحكمة القادة فى العالم على خلفية ارتكاب جرائم حرب ، وقد يمثل ذلك ملاحقة رسمية لسياسيين وعسكريين فى اسرائيل ويضيق الخناق عليهم وعلى سياستهم ، كما سيمثل الانضمام للمنظمات الدولية اعتراف العالم بان فلسطين دولة ذات حقوق وسيادة ، وهذا ما ترفضه اسرائيل .

وقال القيادى فى حركة فتح الدكتور عبدالله عبدالله ان هذا المسعى هو حق لا نعرف نتائجه ولكن يجب ان نمارسه كدولة فلسطينية للاعتراف بنا ، ولمحاسبة المجرم الذى يعتدى على شعبنا لعدم تكرار جرائمه.

وقال" نحن فى معركة مفتوحة مع الاحتلال ونهدف لتجسيد وجودنا كشعب وتقرير مصيرنا واقامة الدولة الفلسطينية على ارضنا المحتلة ، وفى الجانب الاخر هناك كيان اسرائيلى قائم يواصل احتلاله ونهب اراضينا وتقييد حريتنا ويحرمنا من حقوقنا ، وهذا الصدام بين الهدفين سيبقى مستمرا حتى يحسم نهائيا بانهاء الاحتلال " .

واشار ان محاولات الضغط على اسرائيل مستمرة من خلال المؤسسات الدولية والدول المتنفذة التى تسعى لايجاد حل سياسى للصراع ، وان اسرائيل هى دولة مارقة وخارجة عن القانون ولا تحترم القانون الدولى والانسانى ، مؤكدا استمرار السعى وراء الحق بدون السؤال عن الثمن .

من جهته قال الدكتور عبد الكريم شبير خبير القانون الدولى انه سيأتى لفلسطين لجنة تحقيق بقرار من الامين العام للامم المتحدة بان كى مون ، للتحقيق فى الجرائم التى اقترفها الاحتلال الاسرائيلى خلال عدوانه الاخير  بالاضافة لجريمة الاستيطان فى الضفة الغربية وتهويد القدس بعد تاريخ 1/4 المقبل .

وطالب شبير من كل المؤسسات الحكومية والاهلية فى فلسطين تجهيز كل الوثائق والملفات  الخاصة بالحرب الاخيرة على قطاع غزة ، وتجهيز كشوفات الجرائم بالاسماء والارقام والتقارير وشهادات الوفاة ، حيث تم جمع بيانات سابقا فى مؤسسات حقوق الانسان  والنقابات عن الجرائم التى اقترفت ، بالاضافة لبعض ما تبقى من الصواريخ التى استخدمها الاحتلال خلال حربه الاخيرة وهى محرمة دوليا لعرضها على اللجنة .

وقال " الفصائل اتفقت فى اخر اجتماع لها على تشكيل لجنة من الفصائل لمتابعة الاجراءات التى تتم للوفد القادم ، لمقابلة ذوى الضحايا وزيارة المناطق المدمرة والبنى التحتية والمؤسسات التى قصفت لان الوفد زيارته قصيرة جدا ، وستتعاون حركة حماس مع الوفد لانها وافقت على الانضمام لمحكمة الجنايات لدولية كباقى الفصائل ، ويعتبر ذلك نوع من انواع تدويل القضية الفلسطينية فى مجلس الامن والجمعية العمومية ، واليوم نذهب لمحكمة الجنايات وسيكون هذا محرج لقادة الاحتلال الاسرائيلى وسيعمل على تقييد حركتهم على مستوى دولى واقليمى وسيتم محاصرتهم فى الاراضى الفلسطينية خوفا من ملاحقتهم فى الدول الموقعة على ميثاق روما وبذلك نكون نجحنا فى نقل الصراع على مستوى المؤسسات الدولية والمجتمع الدولى  " .

كما طالب بضرورة ان يكون لدينا خبراء فى القانون الدولى على مستوى محلى او اقليمى مساندين وداعمين للقضية لكى يتم المرافعة امام القضاء الدولى بشكل مهنى وقانونى ، وتشكيل هيئة عليا لمتابعة جرائم الحرب تدعمها السلطة الوطنية الفلسطينية .

وأكد انه بامكان الفصائل والمؤسسات المحلية تشكيل اجسام قانونية من الشريحة المتضررة للذهاب بها لمحكمة الجنايات الدولية ، واعداد قائمة باسماء مجرمي الحرب من قادة الاحتلال الاسرائيلى خلال العداون الاخير على القطاع سواء عسكرى او سياسى او من الاجهزة الامنية والمخابرات والجيش وقادة الاحزاب واعضاء الكنيست الذين شرعوا العدوان الاخير والاستيطان من اعلى رتبة حتى اصغرها ، والمطالبة بمثولهم امام المحكمة .

وقال  شبير " ملاحقة مجرمى الحرب فى اسرائيل سيكون من كل الدول الموقعة على الاتفاق وعددها اكثر من 134 دولة ،  وستتقيد حركتهم  بعد الضغط والمطالبة بمحاكمتهم ، مثلما حصل مع شارون فى بلجيكا ومنعه من الزيارة ، وتسيفى ليفنى فى لندن بعد منعها من النزول من الطائرة خوفا من الملاحقة والمحاكمة ، وهذا يعتبر وسيلة نضالية للشعب الفلسطيني " .

واشار شبير الى ان هناك تخوفات عند بعض قادة الفصائل من ان يلاحقوا امام المحكمة الجنائية الدولية ، قائلا " هناك فرق بين المقاومة والارهاب فالمقاومة هى حق مشروع بقوة القانون الدولى وكشعب محتل من حقنا ان يكون مقاومة ، اما الارهاب هو ما تقوم به اسرائيل ، ولن يتمكن الاحتلال الاسرائيلى من النجاح فى اى قضية ضد المقاومة الفلسطينية ".

وخاصة بعد الحرب الاخيرة على قطاع غزة اثبتت المقاومة ان عملها تركز على مقاومة الاحتلال الاسرائيلى وتجنب المدنيين ، مشيرا " محاكمتنا امام المحكمة الدولية ستوصل رسالة عن القضية الفلسطينية للعالم الذى حجبت عنه الكثير من المعلومات عن حقيقة القضية الفلسطينية واننا ضحية وليس جلاد " .

وتابع "  القناع سيسقط وهذا ما يتخوف منه الاحتلال الاسرائيلى ، وعندما وقعت اسرائيل على الاتفاق عام 1999 الذى يقضى بانشاء المحكمة رفضت المصادقة عليه عند دخولها حيز التنفيذ لانه يعتبر الابعاد جريمة حرب ، وبذلك يكون انضمامنا عامل مساعد فى تدويل القضية الفلسطينية وكشفها امام الراى الدولى لانهاء الاحتلال خلال فترة زمنية قريبة وتقرير المصير والوصول لحل فى كل القضايا الهامة " .

التعليقات