ما هي خيارات حركتي فتح وحماس في المرحلة القادمة ؟

ما هي خيارات حركتي فتح وحماس في المرحلة القادمة ؟
كتب غازي مرتجى
الحالة الجوية غير مستقرة كما الحالة السياسية تماما ،عندما تفكر باللاعبين في بقعة صغيرة من العالم يشطح عقلك بعيدا ونعود لنظرية المؤامرة التي اخترعها وطورها العرب .. تحالف دحلان وحماس المرحلي وعودة العلاقات الحمساوية الايرانية ، رفض تركيا استقبال قادة حماس على اراضيها وفي الوقت ذاته استقبال اسطوري للرئيس عباس ، تصالح قطري خليجي وبقاء اخوان فلسطين في الدوحة ، محاربة الامارات للاخوان ودعمهم في غزة ، لقاء السيسي بدحلان ونفي رسمي فلسطيني وشبه تاكيد مصري ولقاء منقطع النظير مع ابو مازن بعدها ، بيان لحكومة الوفاق يرفض دفع رواتب موظفي غزة وبيان اخر بعد اسبوع مستعد لحل المشكلة بشكل عاجل ، فشل فلسطيني في مجلس الامن ووقف تحويل عائدات الضرائب ، اعتقالات سياسية في غزة والضفة ، تاجيل مؤتمر فتح السابع وبعض الجلسات المغلقة تعتبر استفتاء دنيا الوطن سببا في ذلك .. عشرات الاحداث غير المفهومة تمر بها الساحة الفلسطينية والمواطن من يدفع الثمن .

الحديث عن خيارات حركة حماس متشعّب وقد تكون بعض الأحداث الفردية او غير المُخطط لها دافعاً نحو تبنّي خيار غير مطروح ومستبعد تماماً ..

خيار حماس الاول , هو اعادة سيطرتها على  قطاع غزة رسميا ، وعودتها لممارسة دور الحاكم الذي مارسته في السنوات السبع السابقة .. ومن ضمن ما ستقوم به حماس هو الضغط على دافعي الضرائب لحكومة "رام الله" لدفعها في خزينة غزة ومن ضمنها البنوك كافة والشركات الخدماتية كجوال والاتصالات وحجز المقاصة الخاصة بتجار القطاع او تكليف جهة محددة للاتصال باسرائيل لتحويل عائدات المقاصة الخاصة بغزة لخزينة غزة مباشرة .. هذه الفرضية ستمكن حماس من دفع رواتب موظفيها بشكل " مرتاح " ولن تضطر لتصعيد كﻻمي او ميداني حتى .. لكن مخاطر هذا الخيار كبيرة وكثيرة وهي التي تمنع حماس من هذا الخيار وباعتقادي ستظل تمنعها .. الى حين .. !

 اما الخيار الثاني فهو ابقاء الامور على ما هي عليه لعلم حماس يقينا ان ميزانية السلطة لن تحتمل استيعاب كافة موظفي غزة وتستمر بالضغط الى ان يتم اعتماد الكادر المدني على الاقل او جزء منهم وهو ما تريده حماس من ضغطها منذ تشكيل حكومة التوافق .. تكاليف هذا الخيار ايجابية في التفكير القريب وسلبية على حماس في التفكير البعيد .. كيف ﻻ وحماس بنت مجدها في غزة على نظرية الاستقرار الامني وانعدام الفلتان .

 الخيار الثالث ويحتاج الى قرار استراتيجي من قادة حماس وهو عودة الامور الى بداياتها يوم ان كانت حماس معارضة وليست سلطة ويمكنها البقاء كجهة قوية مراقبة من خﻻل المجلس التشريعي الذي تسيطر عليه حاليا وستكون بوزن جيد يمكنّها من اسقاط اي حكومة في اي انتخابات قادمة لكن تكاليف هذا الخيار لا تستطيع حماس دفعه خاصة في قضية الخمسين الف موظف .. لكن بامكانها فعل ذلك لو كان هناك قرارا بذلك ..

الخيار الرابع الذي يلوح بالافق هو التوافق مع فتح والرئيس ابو مازن على اعتماد جزء من موظفي غزة واعطاء الاولوية لجزء اخر في اي عمليات توظيف مستقبلية وتمكين الحكومة من العمل في غزة وبشكل خاص في الجانب الخدماتي ومن ضمنه المعابر الحدودية .. هذا الخيار هو الاقل ضررا على حماس خاصة وان حماس لديها موازنات تخص موظفي الحركة السياسيين والعسكريين وكذلك الاداريين وبامكانها ضم نصف الموظفين الحاليين في الحكومة الى موازنات حركتها الى حين اعتمادهم رسميا .. هذا الخيار سيمكّن حماس من العمل دوليا واقليميا بشكل افضل من الوقت الحالي وستعيد ترميم بعض العلاقات التي تدهورت لاسباب عدة مؤخرا

الخيار الخامس اعلان تحالف علني بين حماس ودخلان وهو مستبعد تماما لان الطرفين يتعاملان مع بعضهما البعض بتوجس عدا عن عدم قدرة دحلان من اسقاط مملكته التي بناها على العداء لحماس والاخوان المسلمين ﻻجل التحالف مع حماس وكذلك عدم موافقة الاخوان المسلمين على التحالف الشكلي المرحلي وبعض قادة حماس على يقين ان دحﻻن ﻻ يمكن ان يتحالف معهم وكذلك دحلان على يقين ان حماس تحاول استغلال العﻻقات معه لصالحها في محاولة للعودة للاقليم واستمرار العجلة الاقتصادية التي يضخ دحلان الاموال لها بحدها الادنى لعل وعسى تستمر ..

اما خيار العودة لتصعيد عسكري مع اسرائيل فهو الخيار المستبعد تماما ..

الخيار السابع بالاشتباك الاعلامي ومن ثم الميداني على الحدود مع مصر بتسيير تظاهرات مدنية لمعبر رفح والحدود وهو امر مستبعد ايضا ..

الخيار الثامن والاهم بيد حماس هو قضية الجنود الاسرائيليين الماسورين بغزة ومصيرهم الغامض وباعتقادي ان حماس ستحرك هذه الورقة قريبا فهي ستعيدها الى الواجهة عالميا واقليميا بدلا من الاشتباك العسكري مع اسرائيل والذي ستكون نتائجه وخيمة .. باعتقادي ان حماس تنتظر نتائج الانتخابات الاسرائيلية القادمة لتفاجيء الحكومة الجديدة بورقة "المأسورين" لتعود حينها بقوّة الى الاقليم .

حركة فتح ليست بعيدة عن أزمة حماس , وهي تعاني كما نظيرتها الاسلامية من تشتت وتباعد قد يساعد اعداء حركة الرصاصة الاولى لاطلاق الرصاصة الاخيرة عليها .. 

خيارات فتح في المرحلة القادمة معقدة , واللجنة المركزية القادمة ستتحمل أعباء خمسين عاماً من النضال ضد الاحتلال وما خلّفته اسرائيل من قرارات الأمر الواقع على المستوى الميداني اولاً والسياسي العالمي 

الخيار الأول لفتح هو البقاء في خانة النضال السياسي بالانضمام تدريجيا الى المؤسسات الدولية ومحاولة فرض خناق على اسرائيل وحكونتها اليمينية وهذا الخيار هو الدارج والمؤكد الى ان تتم الانتخابات الاسرائيلية في مارس .. هذا الخيار سيُبقي الحال على ما هو عليه منذ سنوات عشر ولن يتغير طالما استمر اليمين المتطرف في سدة الحكم .. قد يتغير الوضع لو فاز اليمين الوسط او اليمين الأكثر تطرفا في الانتخابات القادمة وهو المتوقع ..

الخيار الثاني هو تصعيد انتفاضة شعبية عرمرم تجعل اسرائيل متخبطة بقراراتها واجراءاتها , ومحاولة ضم اعلنا في الـ 48 لتلك الانتفاضة السلمية الشعبية وهو خيار فعّال في حال تم ادارته بحنكة بشرط عدم انفلات الأوضاع وتحولّها الى انتفاضة عسكرية كما الانتفاضة الثانية .. هذا الخيار مرفوض شعبيا ورسمياً حتى اللحظة , فيما لو استمرّ تأخر صرف الرواتب قد يصعد هذا الخيار الى الواجهة من جديد ..

الخيار الثالث هو تسريع انتخابات المؤتمر السابع لحركة  فتح واختيار لجنة مركزية جديدة قد تقوم بابتداع حلول جديدة ..

الخيار الرابع هو التوافق مع حماس بضم نسبة معينة من موظفيها بشرط اجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية , مع الاخذ بعين الاعتبار انّ حماس ستوافق على ذلك في حال كانت هناك اجراءات جديّة لضم موظفيها وإرضاء الآخرين ..

الخيار الخامس في حال قررت حركة فتح فض يدها من المصالحة مع حماس هو اعلان غزة منطقة متمردة وستكون نتائجه وخيمة على المواطنين واستبعد ان يتم ذلك في المرحلة الحالية فلا يمكن ان يسجل الرئيس ابو مازن هذا القرار في تاريخه ..

اما الخيار الاسهل والذي يلغي كافة الخيارات السابق ذكرها فهو استلام المواطن في الضفة وغزة زمام الامور وقلب الطاولة على الطرفين واجبارهم على التنازل لصالح الوطن اوﻻ والمواطن ثانيا ..

التعليقات