المنطقة تتحوّل والقضية الفلسطينية في عين العاصفة

المنطقة تتحوّل والقضية الفلسطينية في عين العاصفة
كتب غازي مرتجى

منذ بدء ما يُطلق عليه "الربيع العربي" تفاءل المواطنون بأنّ المنطقة ستذهب نحو تحولات ديمقراطية غير مسبوقة وبأنّ الأنظمة الديكتاتورية لن تعود مرة أخرى , ما لبث ان انتهى العام الأول والثاني من أكذوبة الربيع العربي حتى تصدّر الاخوان المسلمين المشهد وبدا وكأنّ المنطقة تتحول نحو التزمّت الديني من جديد .

تحربتا مصر وسوريا المتشابهتين في النهايات المختلفتين في الأحداث وتجربة تونس الشيّقة ستكون مثار جدال وبحث الأعوام القادمة والباحثين الجدد , ففي مصر أتيحت للاخوان المسلمين فرصة لن تتكرر بتصدرهم المشهد وسدّة الحكم لأول مرة منذ نشأة الاخوان , ما لبث الاعلام المصري حتى بدأ  بـ"شيطنة" الاخوان وأكدّ الاخوان جزء من حديث الاعلام المصري بتصرفات غير مفهومة وبعناد لم يسبق له مثيل , ننتقل الى سوريا حيث الصامد "بشار الأسد" الذي أبى أن يرضخ لكافة الضغوط المحلية والاقليمية والدولية لتنحيه عن الحكم مقابل مغريات لم تُرصد لنظيره "مبارك" وأصرّ على البقاء رئيساً ومنذ سنوات ثلاث وهو يُناطح العالم اجمع للبقاء , أما في تونس فبعد سقوط الاخوان المدوّي في مصر فهم اخوان تونس الدرس جيداً ولم يُناطحوا للبقاء في سدة الحكم وكما جلبتهم الديمقراطية أزاحتهم ذاتها عن الرئاسة والبرلمان .

استمرار التحولات في العام القادم قريباً لن تتوقف وربما نقول ان التحولات التي بدأت في بداية الـ 2014 لو كانت "محظوظة" ستنتهي نهاية العام 2015 وليس ذلك على "الأباطرة" ببعيد .

القضية الفلسطينية "أم المعارك" سيكون لها نصيب من التغيير والتحوّل في الـ 2015 ولن تكون بعيدة عن المؤثرات الخارجية والاقليمية المشتعلة والمتضاربة في الوقت ذاته .. ولو تطلّعنا نحو الجولات المكوكية التي قام بها الرئيس عبدالفتاح السيسي ولقاءاته الثناية مع الملك الأردني وبعدها لقاءات الرئيس ابو مازن المستمرة مع قادة العالم ومع الرئيس السيسي والملك الاردني والملك السعودي , وعند النظر الى الاوضاع في قطاع غزة وعودة المعاناة وحالة "الردح المتبادل" بين حركتي فتح وحماس  ودخول "محمد دحلان" عضو المركزية السابق الى المعركة بقوّة وتحالفه غير المعلن مع عدوه اللدود "حماس" والانتخابات الاسرائيلية المبكرّة في مارس القادم ومؤتمر فتح السابع في يناير او فبراير القادمين , واستمرار حالة التسخين على الحدود مع قطاع غزة .. انتقالاً الى القدس واستمرار عمليات التهويد وتسريعها وصولاً الى المشروع الفلسطيني المقدم الى مجلس الامن والذي يُعتبر تنازلاً ما بعده تنازل .. سنجد اننا في دوامة كبيرة ستلفظ في النهاية حلاً برزمة كاملة .. لن نتوقعه !

ان حجم المؤامرات المُدبرة على القضية الفلسطينية لا يُمكن تخيلها , وفي حال استمرار الاوضاع على ما هي عليه فاننا سنكون امام "ضربة" نوعية للعالم أجمع ضد القضية الفلسطينية تفوق في "نذالتها" ضربة أوسلو .

ربما أصبحت المناداة بضرورة تفعيل حكومة الوفاق الوطني ووقف حالة الردح المتبادل بين حركتي فتح وحماس ضرباً من ضروب "الخيال" واصبح كل من يُفكّر بالكتابة يُذيّل مقاله بدعوة للوحدة الوطنية وتفعيل حكومة الوفاق الوطني .. الخ من المصطلحات المُستهلكة ..

لو أردنا حماية القضية الفلسطينية يجب أن يستيقظ الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده من "سُباته" ليلعن كل الأطراف بلا استثناء وليعلنها بشكل واضح "نريد دولة فلسطينية" لا "دُول وجماعات" . !