"سيرة حب": الدراما أيضاً يعاد تدويرها

"سيرة حب": الدراما أيضاً يعاد تدويرها
رام الله - دنيا الوطن
يثير مسلسل "سيرة حب"، الذي تعرضه محطة "المستقبل"، مفارقة تتصل بالشكل قبل الدخول في المضمون.

فنجاح مسلسل ما في حصد اقبال المشاهدين يحتم بالضرورة نوعاً من الاستنساخ له، بغية استثمار تلك الصلة العاطفية التي نشأت بين شخصياته والجمهور.

 هكذا لا يعود صعباً استيعاب كيف أن "سيرة حب" هو نتاج منطقي لسابقه "روبي" الذي أقام صلة متميزة مع المشاهدين، وقد لا يكون بعيداً ذلك اليوم الذي نشهد فيه عملاً إضافياً ثالثاَ يستلهم ايجابيات الثنائية العاطفية بين سيرين عبد النور ومكسيم خليل.

 وتجد المفارقة ذروتها في أن العمل المستنسخ يتكئ من جهة على حميمية الروابط بين أفراده، لكنه محكوم، من جهة أخرى، بقدر من التباين عن سابقه في إطار سعيه لاكتساب خصوصيته.

بين هذا الإقتراب الخلقي (الوراثي) وذلك النأي المفتعل، إشكالية تعبر عن نفسها بصورة عثرات يصعب تفسيرها بمعزل عن ضريبة الإرث. في مقدم هذه العثرات ركاكة الحبكة، بحيث لا نقع على ما يثير الدهشة.

 فقط أجواءومناخات تتناوب بين رومانسية مجردة وفجاجة مباشرة. مثل هذه الثنائية، وإن كان لا يمكن التنكر لها كواحدة من مكونات الطبخة الدرامية، لا يمكن الاكتفاء بها لتقديم وجبة مرئية مكتملة المواصفات.

تعيش ريم (سيرين عبد النور) ما يشبه المأساة الوجودية لمجرد أنها هدف عاطفي لشابين، مجدي (مكسيم خليل) وخالد (خالد سليم)، وهو وضعمن المنطقيأن يمنحها شيئاً من الإعتداد بالذات والرضى عنها، باعتبارها أنثى شرقية، لكن ما يحصل هو خلاف ذلك.

في المقابل،جاءأسلوب مجدي لطلب الإقتران بها على شيء من الغرابة،إنه صاحب العمل الذي تعتاش منه، ويرسل في طلبها إلى منزله ليفاتحها بأمر مصيري، فابنته جمانة المحرومة من والدتهامدمنة المخدرات، متعلقة بها. هكذا تصاب ريم بالإرباك العاطفي ما أن يصارحها مجدي بحقيقة مشاعر ابنته الصغيرة حيالها.

من المنطقي أن تشعر المرأة، وخصوصا عندما تكون فاتنة ومرغوبة، بشيء من الغبن في موقف مماثل، وأن يتملكها إحساس بسذاجة الرجل وأنانيتهحين لا يرى فيها أكثر من وسيلة لمساعدة طفلته على تخطي غياب والدتها. لكن ريم تبدو أبعد ما يكون عن ذلك الوضع البديهي. 

أما ما يحيل الموقف الوجداني إلى ما يشبه الطرفة المملة، فهو استنفار والد ريم وصديقته سامية، ومعهما صديقة ريم أيضاً، لمساعدة الإبنة الحائرة على تخطي الوضع المفجع. 

أي إن المرأة الناضجة التي تعقد عليها الآمال في انقاذ طفلة سيئة الطالع من أزمتها، تحتاج، هي نفسها، إلى من يأخذ بيدها في مواجهة أزمة لا تستحق أن تسمى كذلك.

أما المحاور الموازية للحدث الرئيسي فتسير في سياق يساعد على بلورته، المرأة الطامعة بثروة مجدي، الموظف الذي يتآمر عليه معها لتحقيق منفعة خاصة، وخالد عاشق ريم الذي يتحول فجأة إلى شخص قاس، كثير الشكوك، ومبالغ في أخذ الأمور على محملها الأسوأ، كل ذلك يبدو ضرورياً حتى يصير للحب المعاد تدويره سيرة تستحق أن تروى.

التعليقات