اسرائيل .. وتسونامي الاعترافات الدولية بدولة فلسطين

رام الله - دنيا الوطن
يأتى اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة وبأغلبية ساحقة لأعضائها قرارا بعنوان " السيادة الدائمة للشعب الفلسطيني في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية " ليضاف لمجموعة من القرارات الدولية الداعمة , وجاء القرار الأخير بالأمس مؤكدا على حق الشعب الفلسطينى بأرضه وموارده الطبيعية الغير قابلة للتصرف ويعترف القرار بحق الشعب الفلسطينى بمطالبة دولة الاحتلال بالتعويض نتيجة لاستغلال الموارد , القرار بحد ذاته يكتسب أهمية كبيرة بعد تصويت 165 دولة لصالح القرار من أصل 180 ويفهم منه تأييد الدول التى صوتت على القرار بحق الفلسطينى بأرضه ووطنه وتقرير مصيره ووتقديم الدعم والمساعدة للشعب الفلسطينى فى مجالات عدة .

تتغير المواقف السياسية الرسمية للحكومات بتغير الظروف المهيمنة و المسيطرة على توجيه قرارات تلك الحكومات و التدخل فيها مباشرة للتصويت مع أو ضد بحسب ارتباطها بمصالح وحسابات مشتركة وهذا ما نجده حاضرا فى تأثير أمريكا على دول فى العالم عديدة وبالتالى الاستفادة هذه العلاقات لبناء أحلاف اقتصادية وعسكرية تحقق لكل طرف مصلحته الذاتية..! وبقاءه مهيمنا على عالم بدأ يتململ من سياسات أمريكية خاصة تحقق لها ما تتأمل وتعود بالنفع عليها , والحديث يدور عن أوربا أو الاتحاد الأوربى الذى اتخذ قرارا بعدما صوت 498 عضوا لصالح تأييد الحق الفلسطينى بإقامة دولته الفلسطينية , وامتناع 88 عضوا من التصويت , جاء التصويت ليؤكد على حق الفلسطينى بتقرير مصيره , ووجه لطمه قاسية لدولة الإحتلال ومن يدعمها وخاصة أمريكا التى شعرت أنا أوربا باتت ثقلا كبيرا فى السياسة الدولية و منافسا لا يستهان به , وإن كانت هنالك دول أوربية ترتبط بعلاقات استراتيجية معها مثل بريطانيا وألمانيا , وغيرهما , الا أن سياسة أوربا تتجه نحو التغير فيما يخص القضية الفلسطينية التى لطالما أيدت معظم دولها الحق الفلسطينى بشكل واضح وصريح بعد نشاط محموم للدبلوماسية الفلسطينية واهمها فرنسا , سويسرا والسويد و أسبانيا وايرلندا.

أوربا ذاتها تدرك جيدا أن سبب منع قيام دولة فلسطينية , والأزمات الممتدة التى يعانى منها الشعب الفلسطينى منذ عقود هى دولة الاحتلال وأمريكا , وبات التنكر للحق الفلسطينى من كلتا الدولتين يواجه باعترافات دولية متتالية بالحق الفلسطينى تدعمه وتسانده فى معركته السياسية , وفى خضم ذلك كان المفاجئ قرار مجلس العموم البريطانى حينما صوت بأغلبية أعضائه فى تشرين الأول الماضى لصالح الدولة الفلسطينية على اعتبار أن بريطانيا حليف استراتيجى آخر لدولة الاحتلال.

وسبب قيامها الا أن أحزابها السياسية اتخذت موقفا متقدما , ومن بعد الموقف البريطانى الكثير من دول أوربا, وإن لم تكن قرارات برلمانات الدول الأوربية الداعمة للحق الفلسطينى ملزمة الا أنها مثلت قلقا بالغا لدولة الاحتلال وعليها مواجه تسونامي ىالاعترافات الدولية.

  ورياح عاتية يمكنها اقتلاع أوتاد الخيمة التى تستظل بها دولة الاحتلال , وهنا الاشارة للموقف الأمريكى الداعمة لدولة الاحتلال , والحليف الاستراتيجى الأول و الأساسي , ولم يكن الموقف الأمريكى جديدا بل كان حاضرا إلى جانب دولة الاحتلال.

وفى مواجهة الاعترافات المتزايدة لبرلمانات دول عالمية على أمريكا أن تقرأ ما بين السطور بوضوح وتمعن , والوصول لنتائج ما يمكن أن يحمله المستقبل القريب لموقف أوربا الرسمى فى حال تهيئه الظروف لصعود من اعترفوا بالدولة الفلسطينية من احزاب وكتل نيابية لسدة الحكم حينها سيكون الموقف الاحتلالى و الأمريكى مأزوم.

وهذا من نستقرأه من فشل التحرك الدبلوماسى الاسرائيلى من التأثير على مواقف برلمانات أوربا من القضية الفلسطينية , وهذا يؤكد على الارادة الشعبية لدول أوربا الداعمة للحق الفلسطينى وإن تقاطعت مع المواقف الرسمية لحكوماتهم , وذلك شكل قراءة مستقبلية لمستقبل الموقف الأوربى من قيام الدولة الفلسطينية وتقدم الموقف الأوربى على الموقف الأمريكى وهو الآخر لن يبقى يلوح بالفيتو ويقف سدا منيعا للأبد أمام التصميم الفلسطينى لانتزاع حقه المشروع .

جاء قرار البرلمان الأوربى بالاعتراف بدولة فلسطين وفق قرارات الشرعية الدولية ليؤكد على التأييد الدولى المتسع رقعته يوما بعد يوم وأهمية دعم الشعب الفلسطينى بتقرير مصيره وحقه الراسخ بإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وفق القرارين الدوليين 242 , 338 على حدود 1967م , ويتزامن هذا الموقف الأوربى مع تقدم الأردن العضو العربى فى مجلس الأمن الدولى بمشروع قرار نيابة عن المجموعة العربية يطالب مجلس الأمن بإصدار قرار ينهى إحتلال اسرائيل لأراضى الدولة الفلسطينية المعترفة فيها دوليا خلال فترة أقصاها ديسمبر من العام 2017م , ومن المنتظر البت بالقرار الخاص بإنهاء الاحتلال خلال أيام قليلة , من المؤكد اصطدام مشروع القرار بالفيتو الأمريكى الداعم لإسرائيل والذى يتبنى رؤيتها لإنهاء الاحتلال و الوصول لإتفاق سلام من خلال العودة لطاولة المفاوضات المباشرة والتى باتت غير مجدية مع عدم توفر الرغبة الاسرائيلية الحقيقية لإنهاء احتلالها و انسحابها لحدود حزيران 1967م واعتماد أسلوب التسويف و المماطلة كما حدث خلال 21 عاما من المفاوضات التى لم تحقق شيئا الا مزيدا من مصادرة الأراضى , والتوسع الاستيطانى , ومزيدا من الاجراءات القمعية والاعتداءات المتكررة على المسجد الاقصى المبارك , وحصار غزة , وتدميرها وقتل أبناءها من خلال 3 حروب مدمرة شنتها على غزة .

الأيام القليلة القادمة ستشهد حراكا فى مجلس الامن , وفى الساحة الدولية ومهما ستكون النتائج المتوقعة من قرار لمجلس الأمن , لن يثنى ذلك القيادة السياسية ولا الشعب الفلسطينى عن نضاله ضد الاحتلال النابع بإيمانه الثابت بحقه بتقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة يوما ما مهما طال الأمد .. لننتظر إلى أين ستتجه الأمور, حينها لكل حدث حديث .. والفلسطينى يمتلك العديد من الخيارات.

التعليقات