المبادئ الاساسية لاحترام القانون

المبادئ الاساسية لاحترام القانون
المبادئ الاساسية لاحترام القانون

بقلم د.عبدالكريم شبير الخبير في القانون الدولي

    إن ميلاد السلطة الوطنية الفلسطينية على أرض الوطن بفلسطين جاء في سياق الكفاح والنضال الطويل والمستمر لمنظمة التحرير الفلسطينية وقيادتها السياسية وللشعب الفلسطيني الذي قدم الألاف من الشهداء والجرحى والأسرى من خيرة أبنائه لأجل نيل حقوقه الوطنية الثابتة والمتمثلة في حق العودة وتقرير المصير و اقامة الدولة وعاصمتها القدس بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني أينما وجد سواء بالداخل أو بالخارج.

   وفي إطار المرحلة الانتقالية التي رشح عنها اتفاق إعلان المبادئ أسس إلى تشكيل بناء السلطة الوطنية الفلسطينية بمكوناتها الثلاثة وهي: السلطة التشريعية ممثله بالمجلس التشريعي والسلطة التنفيذية ممثله برئيس السلطة الوطنية الفلسطينية والحكومة والسلطة القضائية ممثلة بأركانها الثلاثة:

 وهي مجلس القضاء الاعلى والنيابة العامة ونقابة المحامين .

    ولترتيب العلاقة بين السلطات الثلاثة وعدم تداخل الصلاحيات تم انشاء المجلس التشريعي من خلال الانتخابات العامة الحرة والمباشرة ومن ثم وضع القانون الأساسي لكى ينظم طبيعة العلاقة بين تلك السلطات الثلاثة وتحقيق التوازن بينها وضمان عدم تداخل السلطات والصلاحيات وتوضيح الحدود الفاصلة  بين اختصاصات كل منهم لضمان الاستقلالية والتكامل في الأداء الوظيفي لهم وترسيخ مبدأ سيادة القانون وتحقيق الاستقلال والسيادة الكاملة على الأراضي الفلسطينية وأن تكون القاعدة الأساسية في سن التشريعات والقوانين الموحدة للوطن وللكل الفلسطيني حتي يتحقق المصلحة الوطنية العليا.

   لقد وضع القانون الأساسي القواعد الأساسية التي تعبر عن الوجدان الجماعي للشعب الفلسطيني بكل مكوناته الدينية والوطنية وانتمائه القومي وقد اشتمل على القواعد والأصول الناظمة والمتطورة للحقوق والحريات العامة والشخصية بما يحقق ويضمن  الحق والعدل والمساواة  لجميع المواطنين وعدم التميز بينهم بأي حال من الأحوال.

  وعليه فأنني أجد اليوم لزاما عليَ وبحكم مسؤوليتي الوطنية والمهنية والاعتباري أن أوضح أهم المبادئ الأساسية لاحترام المبادئ الأساسية لسيادة القانون  

   إن العمل داخل كل مكونات الدولة مع المواطنين والسلطات التي تعمل على تنفيذ القانون عليها أن تكون موافقة علي تنفيذ القانون وأنها تشعر بأنها ستكون عرضة للعقاب في حالة مخالفة أو خرقة وخضوع الأفراد والسلطات الرسمية له على السواء دون تفريق أو تحيز والهدف من سيادة القانون هو تحقيق مبادئ العدالة والمساواة والحرية والأمن وعدم المحاباة أو التميز في المجتمع الفلسطيني وأن مبد احترام القانون من أهم المبادئ الأساسية للقانون التي يقوم عليها المجتمع المدني الديمقراطي والحضاري. ولكي يتم فرض القانون فانه يحتاج إلي سلطة وسيادة مفروضة واجماع قوي عليه وامكانيات قوية وقيادة صالحة لديها الخبرة والحكمة في معالجة الأمور والقضايا داخل المجتمع الفلسطيني.

  إن القانون مصدر كل صلاحية رسمية لأية جهة ولكي يلتزم الجميع بالقانون يستوجب صدوره عن جهة شرعية منتخبة في عملية ديمقراطية حرة عادلة ونزيهة ويجب أن يكون القانون مستمدا من قيم المجتمع وعادته وثقافته السائدة .

  إن مبدأ سيادة القانون أساس الحكم والنظام وتخضع للقانون جميع السلطات والأجهزة والهيئات والمؤسسات والأشخاص وهم أمام القانون سواء لا تميز لأحد على حساب الآخر بسبب العرق أو الجنس أو اللون أو الدين أو الرأي السياسي أو الإعاقة .

  إن التقاضي حق مضمون ومكفول للناس كافة ولكل فلسطيني حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي وينظم القانون اجراءات التقاضي بما يضمن سرعة الفصل في القضايا ويجب أن يحظر النص في تحصين أي قرار أو عمل إداري من رقابة القضاء وأن القضاة جميعهم مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون ولا يجوز لأية سلطة التدخل في القضاء أو شؤن العدالة. إن مبدأ الفصل بين السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية يعني وجود سلطة قوية تحافظ علي تطبيق القانون والعاملين فيها يحافظون علي تطبيق القانون وبذل الجهد الصادق والأمين في تنفيذ الأحكام القضائية عبر الشرطة القضائية وتعني محاربة الجهل بالقانون من خلال الندوات والمؤتمرات والتوعية الجماهرية ونشر الثقافة القانونية وتوعية الجماهير الفلسطينية عبر مؤسسات المجتمع المدني والجامعات والمدارس الفلسطينية وتفعيل دور المؤسسات والاتحادات والنقابات والمنظمات الحقوقية  لتوعية الشرائح المجتمعية المثقفة داخل المجتمع الفلسطيني.

  إن التركيز على العمل بمبدأ سيادة القانون يعمل على تطوير حل النزاعات بالطرق القضائية أو بالطرق البديلة بدلا من أخذ القانون باليد واستخدام العنف والسلاح والاحتماء بالأشخاص أو الجهات المتنفذة .

  إن احترام المواطن وعدم انتهاك حقوق الاخرين والاعتداء عليها و المساس بمشاعرهم الدينية والمحافظة على القيم والاخلاق والتسامح والصدق والأمانة  تخلق ثقافة وتوعية تساعد على احترام القانون.

  إن العمل بمبدأ التعددية السياسية وتداول السلطة بطريقة ديمقراطية سلسه واحترام  القانون يجعل الأحزاب والتنظيمات والحركات متعاونة بشكل حضاري مع السلطة وتساهم في فرض وبسط سيادة القانون على الجميع داخل المجتمع الفلسطيني.

  إن التوعية والتربية الوطنية في خدمة المواطن والمحافظة علي المصلحة العامة والمصلحة الوطنية العليا هو ترسيخ لمبدأ سيادة القانون.

   إن وجود سلطة قوية محصنة بالقانون يعني ترسيخ مبدأ التعاون بين السلطات الثلاث وأجهزة الأمن الفلسطيني والعائلات ومؤسسات المجتمع المدني وأن تحديد الصلاحيات والمسؤوليات للأجهزة المنية والسلطة التنفيذية وتفعيل دور جهاز الرقابة على أجهزة السلطة ومؤسساتها وعدم التغول من أي منهم علي الأخرى يمكن على ترسيخ مبدأ المحاسبة والشفافية داخل المؤسسة الفلسطينية والعمل على القضاء على العشائرية والقبلية والحزبية وتطوير القانون بما يتناسب ومصلحة الوطن والمواطن والعمل على إيجاد حلول اقتصادية معقولة للبطالة والعمالة الفلسطينية لشرائح المجتمع الفلسطيني.

   إن العمل علي تأهيل وتدريب الكوادر الحكومية داخل السلطة الوطنية الفلسطينية لكيفية تطبيق القانون وتنفيذه وحماية أمن المواطنين والمحافظة علي المصالح الوطنية العليا داخل المجتمع الفلسطيني يرسخ مبدأ سيادة القانون واحترامه بين المواطنين داخل المجتمع.

   إن وجود سلطة قوية يعني احترام سيادة القانون ومعاقبة الخارجين عنه وعدم التساهل معهم والسعي الجاد الى إقامة سجون واصلاحيات لتأهيل المجرمين والأحداث المخالفين للقانون ووضع خطة اصلاحية  للسجناء  داخل السجون لإعادة تأهيل الاحداث وتدريب المجرمين على مهن حرة تأمن لهم مصدر رزق بعد خروجهم من السجن.

   إن تطبيق القانون يعني التكافل الاجتماعي بين المواطنين ورجال السلطة لتنفيذ القانون يدا بيد وإصلاح مؤسسات  السلطة الوطنية بكافة مؤسساتها واجهزتها الأمنية .

   أن العمل بالقانون يلغي التبعية وعدم تفضيل المصلحة الخاصة على المصلحة العامة ومحاربة الفساد والظلم والرشوة والمحسوبية والوساطة والعائلية والحزبية وخلافة.....

  إن تطبيق القانون بالشكل السليم والصحيح يجعل السلطة على مستوي كبير من التقدم والرقي وتجعلها تحافظ علي المصالح الخاصة والعامة للمواطنين ويكون منهجها السياسي والأمني واضح للجميع مما يسبب في استقرار الوضع السياسي والأمني والاقتصادي والاجتماعي لدى المواطنين والمحافظة على مراكزهم القانونية والأخذ بيدهم لتحصيل رزقهم وتوفير سبل العيش والحياة الكريمة لهم الذي يضمن لهم حقهم في الحياة .

  إن احترام العاملين في مؤسسات السلطة لمبدأ سيادة القانون يجعلهم يبدعون في إيجاد وسائل وأدوات منهجية وموضوعية في سياسة التعين بدلا من المحابة والمحسوبية والعمل على إلغاء سياسة الولاء الحزبي  بل سيصبح الولاء للوطن والمواطن وللمؤسسة التي يعمل بها وينتمي اليها.

   ان التركيز على مبدأ استقلال القضاء والفصل بين السلطات الثلاثة (التشريعية والتنفيذية والقضائية) وتوضيح دور تلك السلطات داخل المجتمع الفلسطيني يؤدي الى الاستقرار الوظيفي والامني والسياسي والاداري وخلافه وأن اهم الصلاحيات لكل منهم هي كما يلي:-

أولا: دور السلطة التشريعية

1-وضع التشريعات اللازمة للمجتمع .

2-الموافقةعلى المعاهدات والاتفاقيات .

3-الرقابة والتحقيق والمحاسبة على أداء السلطة التنفيذية .

ثانيا: دور السلطة التنفيذية

 1- وضع البرنامج الذي تقره السلطة التشريعية وتنفيذ السياسات العامة ووضع الموازنة العامة وإعداد الجهاز الاداري ووضع هياكله وتزويده بكافة الوسائل اللازمة والاشراف علية والمتابعة.

2- متابعة تنفيذ القوانين وضمان الالتزام بأحكامها واتخاذ الإجراءات اللازمة لذلك.

3- الإشراف علي أداء الوزرات وسائر وحدات الجاهز الإداري لواجباتها واختصاصاتها والتنسيق فيما بينها.

4- مسؤولية حفظ النظام العام والأمن الداخلي.

5- إنشاء أو إلغاء الهيئات والمؤسسات أو السلطات أو ما في حكمها في وحدات الجهاز الإداري التي يشملها الجهاز التنفيذي التابع للحكومة علي أن ينظم كل منهما بقانون وتعين رؤساء الهيئات والمؤسسات والإشراف عليها وفقا لأحكام القانون وتحديد اختصاصات الوزارات والهيئات والسلطات والمؤسسات التابعة للجهاز التنفيذي كافة وما في حكمها.

6- يحق للسلطة التنفيذية التقدم للمجلس التشريعي بمشروعات القوانين وإصدار اللوائح واتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ القوانين.

ثالثا: دور السلطة القضائية

1- تحقيق العدل والمساوة وعدم التميز بين المواطنين.

 2- تطبيق وتنفيذ القانون على الجميع بالتساوي إحقاقا للحق والعدل.

3- الرقابة علي السلطة التشريعية والتنفيذية .

4- عدم تسيس القضاء الفلسطيني.

5- السعي إلى إيجاد قضاء متخصص.

6- المحافظة على هيبة القضاء وقوته.

7- عدم تدخل السلطات الأخرى بعمل القضاة

8- توفير محاكمات عادلة  لجميع المواطنين وعلانية أمام الجمهور.

9- القضاة مستقلون لا سلطان عليهم وغير قابلين للعزل إلا وفقا للقانون وهم مستقلون في ممارسة عملهم الوظيفي داخل المؤسسة القضائية وهم يحكمون بما لديهم من بينات وادلة وليس بعلمهم الشخصي.

 وعليه فإنني في النهاية أوصي القيادة وعلى رأسها سيادة الرئيس محمود عباس أبو مازن رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية  و رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية و رئيس دولة فلسطين بما يلي:-

أولا: العمل علي اصلاح القضاء مهنيا و إداريا وماليا بأقرب وقت ممكن من خلال تشكيل لجنة من الخبراء في القانون لوضع خطة علمية ومهنية ومنهجية لترميم واصلاح مرفق القضاء الفلسطيني .

ثانيا: تنفيذ قانون المحكمة الدستورية العليا لتولي الرقابة الدستورية والقانونية علي القوانين والمراسيم عند مخالفتها للقانون الأساسي.

ثالثا: العمل علي تطبيق المعاير القانونية عند التعين والمساواة بين جميع المواطنين في الحق بالوظائف الرسمية والعامة.

رابعا: وضع ضمانات لاحترام حقوق الانسان وإلغاء السجون الخاصة والعمل على إجراء محاكمات علنية وعادلة ونزيهة وأن تخضع جميع السجون لرقابة وزارة العدل ومجلس القضاء الأعلى.

خامسا: معاقبة الاشخاص المسئولين عن انتهاك القانون من خلال محاكمات عادلة ونزيهة وحيادية وشفافة لترسي مبادئ العدل والإنصاف والمساوة وعدم التميز بين المواطنين.

 

التعليقات