مركز دراسات الشرق الأوسط ينظم ندوة بعنوان " تحولات الصراع العربي الإسرائيلي"

رام الله - دنيا الوطن
​أجمع نحو 100 من الخبراء والأكاديميين والناشطين السياسيين من الأردن وفلسطين الذين شاركوا   في  ندوة متخصصة بعنوان "تحولات الصراع العربي-الإسرائيلي بعد الحرب على غزة 2014"، نظمها مركز دراسات الشرق الأوسط  في العاصمة الأردنية  الأحد الماضي  على أن العدوان الإسرائيلي الأخير  على غزة ، شكّل لحظة فارقة في تاريخ الحروب العربية- الإسرائيلية منذ منتصف القرن الماضي. وأكدت النائب  الفلسطينية في الكنيست الإسرائيلية عن حزب التجمع الديمقراطي حنين الزعبي،  في كلمتها الإفتتاحية  ، ألقاها بالنيابة د. أحمد الشناق، أمين عام الحزب الوطني الدستوري  ، أن إسرائيل فشلت بشكل كبير في تحقيق الأهداف التي أعلنت عنها وهي "القضاء على حماس"، أو "توجيه ضربة قاضية لها"، أو "ضمان فترات طويلة من الهدوء"، أو حتى "القضاء على جميع الأنفاق.

كما أوضحت زعبي بأن الصمود البطولي للشعب الفلسطيني الذي يعيش حصاراً في غزة نجح في كسر قواعد وبديهيات سياسية استطاعت إسرائيل فرضها على هذا الشعب وعلى القضية الفلسطينية لحوالي عقد من الزمان.

ودعت زعبي إلى توسيع مفهوم النضال وأشكاله الشعبية وتطوير أدوات المقاومة الشعبية، كما شددت على تفعيل أوراق القوة الدبلوماسية الفلسطينية من خلال التوجه للمحاكم الدولية وتقديم دعوات ضد الجيش والحكومة الإسرائيلية بكل جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبتها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني

فيما ركز د. جمال الخضري النائب في المجلس التشريعي الفلسطيني من غزة في كلمة متلفزة ، على ضرورة الضغط على الاحتلال الإسرائيلي لإنهاء حصاره وممارساته ضد الشعب الفلسطيني، مؤكداً على أن الاحتلال لا يستهدف غزة وحدها، وإنما الكل الفلسطيني في غزة والضفة الغربية وأراضي 1984، والشتات الفلسطيني.

وشدّد الخضري على حاجة الأهل في قطاع غزة إلى دعم ومساندة أشقائهم وأهلهم في الأردن والوطن العربي والعالم.

ومن جهته أكد السيد محمد الزيود الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي- الأردن، أن المقاومة الفلسطينية استطاعت صناعة معادلة جديدة للردع مع إسرائيل، فالتهجير يقابله تهجير، والملاجئ يقابلها ملاجئ، وقتل المدنيين من الأطفال والنساء والشيوخ، يقابله قتل للعسكريين من "الصهاينة".

كما شدد الزيود على أن المعادلة الجديدة تخيف وتغيظ إسرائيل وحلفاءها، فبعد العجز في الحرب العسكرية الأخيرة، والمفاوضات السياسية، هناك محاولات لإخضاع المقاومة من قبل أركان هذا التحالف، عبر الضغط بملف الإعمار، ومقايضة الإعمار بسلاح المقاومة، لافتا أن إسرائيل تخطط لحرب جديدة.

وبدوره أكد النائب الثاني للمجلس التشريعي الفلسطيني حسن خريشة، على أن المقاومة في قطاع غزة انتصرت ميدانياً وأخلاقياً وإعلامياً، كما أنها دفعت إسرائيل وبالتنسيق مع حلفائها إلى ترتيب وقف لإطلاق النار في غزة. منوها  أن الحرب الأخيرة على القطاع أكدت المقولة التي فرضتها حرب 2006 على لبنان من أن إسرائيل من الصعب أن تنتصر أمام إرادة شعب يمتلك إرادة المقاومة ويوفر لها الحاضنة الاجتماعية.

وفي السياق ذاته ذكر خريشة بأن الحرب الأخيرة كشفت انهيار المنظومة الأخلاقية لإسرائيل، محذراً من مآلات إعادة إعمار قطاع غزة وأهداف الممولين لهذه العملية في ضوء إعطاء إسرائيل حق الاعتراض على إدخال المواد اللازمة للإعمار.

أما  مدير مركز دراسات الشرق الأوسط جواد الحمد فأشار  إلى أن القضية الفلسطينية ستبقى  في الصدارة  رغم بعض التصدعات المؤقتة، والتي تحاول إسرائيل والولايات المتحدة أن تبعدها عنها، كما حاولت مراراً، بفتح معارك جانبية فيما يعرف بالحرب ضد الإرهاب والتطرف، وتعمل إسرائيل على زج قوى المقاومة الفلسطينية في هذه التصنيفات.

وأجمل الخبير العسكري الأردني د.قاصد محمود عدداً من نقاط الضعف والتحديات التي تواجهها المقاومة في قطاع غزة، ومن أبرزها: الحصار الخانق التي يتعرض له قطاع غزة منذ 2007، وارتفاع وتيرة الملاحقة والتضييق على القاعدة الاجتماعية للمقاومة في الضفة الغربية سواءً من قبل إسرائيل أو من قبل السلطة وأجهزتها، وتعثر او تباطؤ خطوات المصالحة الفلسطينية وانعكاسات ذلك على برامج إعادة بناء القطاع وفك الحصار، وازدياد حدة الضغوطات والتأثيرات السلبية على الشعب في غزة بسبب البطء الشديد للإعمار وخصوصاً الايواء والنقل مع دخول فصل الشتاء، وحالة التفكك والضعف والصراعات الداخلية العربية واخراج او تحييد معظم القوى العربية من معادلة المواجهة مما افقد المقاومة السند والظهر العربي.

أما د.مهند مصطفى  من جامعة حيفا  فرصد مكامن القوة والضعف في النظرية الأمنية الإسرائيلية خلال الحرب على غزة، ،مبينا أن نظرية الأمن الاسرائيلية  إنتقلت من مرحلة الحرب ضد جيوش منظمة إلى حرب منظمات عسكرية، وهو ما يطلق عليه في أدبيات العلوم السياسية حرب العصابات، مبينا أن نظرية الأمن الإسرائيلية كيفت  نفسها تدريجياً مع هذا النمط الجديد من الحروب وخاصة بعد انتفاضة الأقصى عام 2000، ووصلت ذروة التكيّف خلال حرب لبنان الثانية عام 2006.

وقال انه  أُطلق على هذه الحروب في الأدبيات الإسرائيلية "حروب إسرائيل الجديدة" لتمييزها عن الحروب القديمة، وانه  ورغم التطور الذي تحدثه إسرائيل بشكل دائم على نظريتها الأمنية في حروبها الجديدة نحو تطوير منظومة قتالية متكاملة لهذا النوع من الحروب إلا انها لم تستطع أن تحسم حرباً واحدة من حروبها الجديدة، أو أن تقدم "صورة انتصار"كما يسميها الإسرائيليون للجمهور الإسرائيلي.

وقال الخبير العسكري الأردني  د.فايز الدويري أنه ومنذ تأسيس حركة حماس وهي تمثل قطب الرحى في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، ومثل الشهيد المهندس يحيى عياش رأس الحربة في مقارعة الاحتلال بما تيسر من إمكانات متواضعة، ولكنه بجهوده الحثيثة وضع المقاومة الفلسطينية على خط المقاومة المسلحة فاتحاً آفاقاً واسعةً لتطوير القدرات والإمكانات التي أضحت تقض مضاجع الإسرائيليين على مختلف الصعد السياسية والعسكرية والاجتماعية والأمنية والاقتصادية.

 ولفت الدويري أن القيادة العسكرية الإسرائيلية إرتكبت خطأ استراتيجياً رئيساً تمثل في إعادة استنساخ خططها العسكرية السابقة دون أن تأخذ في حسبانها قدرات المقاومة على التطوير والابتكار في المجالين التقني والمهاري، فبدأت عملياتها العسكرية بحملة جوية مكثفة وقصف مدفعي وصاروخي على أهداف منتقاة من بنك الأهداف الإسرائيلي.

وتناول  د.حسن أبو حشيش من فلسطين أداء الإعلامين الدولي والإقليمي تجاه المقاومة والتحولات الإيجابية في الإعلام الحربي والمقاوم ومن أبرزها: المبادرة وسرعة نشر الرواية، الدقة والمصداقية، الاعتماد على الإعلام الجديد، الاعتماد على الإعلام الشعبي، التوثيق بالصورة كدليل صدق الرواية، استخدام الحرب النفسية.

كما ناقش  التحولات السلبية للإعلام الحربي والمقاوم وهي: في بعض الأحيان وقع الخطاب الإعلامي المُقاوم في سياسة تهويل قدرات المقاومة, لدرجة اعتبارها إمكانيات دول وجيوش،مؤكدا أن  الناطقين باسم الخارجية الإسرائيلية  والجيش حرصوا  على الظهور في وسائل الإعلام، واعتماد الحرب النفسية والكذب وقلب الحقائق

وتناولت ورقة  د .أحمد سعيد نوفل  التحولات في الأداء السياسي في ضوء حرب غزة 2014، مبينا انه لوحظ التباعد الواضح بين الموقف الرسمي الذي تمثله السلطة الفلسطينية وموقف المقاومة الفلسطينية التي تصدت للعدوان الإسرائيلي، وعلى الصعيد الإسرائيلي، فقد خلق العدوان تحولات مهمة داخل الكيان "الصهيوني"، بعد فشل العدوان في تحقيق أهدافه، مما أثر على الوضع الداخلي الإسرائيلي وأفسح المجال لتبادل الاتهامات داخل الأوساط الإسرائيلية، وحل الكنيست الإسرائلي واستقالة الحكومة.

وقال د.نظام بركات أن الأحوال العربية بدت مناسبة لإسرائيل للقيام بعدوانها على قطاع غزة والاستفراد بالمقاومة الفلسطينية ضمن جغرافيا محددة في ظل انشغال الدول العربية بقضاياها الداخلية، وساعدها في ذلك الموقف الأمريكي المؤيد لإسرائيل والمهيمن على مجلس الأمن والمنظمات الدولية ،كما أن  النظام العربي الرسمي إتصف بـ "اللاموقف" حيث عجزت الجامعة العربية عن دعوة مجلس الجامعة للانعقاد أو عقد قمة عربية طارئة لمناقشة العدوان.

ومن جهته اوضح د.أيمن يوسف  أن  محاور إقليمية متصارعة ومتنافسة  برزت في منطقة الشرق الأوسط، موضحا انه لا يمكن إدراك طبيعة الدور الأمريكي التدخلي في الأزمة الأخيرة، إلا إذا أدركنا واستوعبنا وحللنا المواقف الأمريكية السابقة فيما يتعلق بالعملية السلمية خاصة بعد العام 1991، والتوجهات الأمريكية لتحريك الأحداث، حرباً وسلماً، في مسرح الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي.

 وقال د.رائد نعيرات أن   الحرب عززت شعبية حركة حماس داخلياً،ورفعت من رصيد المقاومة شعبياً ونخبوياً ،كما شكلت الحرب نقطة تحول مهمة في تحقيق المصالحة الفلسطينية، إذ إنها أثرت سلباً على المصالحة الفلسطينية وحكومة التوافق الوطني،وحسمت التوازنات الداخلية في النظام السياسي الفلسطيني لمصلحة الأمن.

وقال د.إبراهيم أبو جابر من فلسطين ان العدوان الأخير على قطاع غزة  كشف هشاشة الائتلاف الوزاري الإسرائيلي، وبدأ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ضعيفاً وبعيداً عن ائتلافه الحكومي.

 أما  الإعلامي فرج شلهوب فقال أن أمريكا سعت منذ اللحظة الأولى للحرب لوقفها، ولم تظهر حماساً للحملة العسكرية الاسرائيلية، ومع ذلك فقد تأخرت في التحرك الدبلوماسي، واقتصرت جهودها على الدعوة لوقف إطلاق النار.وفيما يتعلق بموقف لاتحاد الأوروبي فإنه قد دعا إلى وقف الحرب والعودة إلى طاولة المفاوضات وإحياء عملية السلام.

أما المحلل السياسي الفلسطيني هاني المصري فقال أن انتصار وصمود المقاومة في غزة وعموم الأرض الفلسطينية المحتلة في مواجهة العدوان الإسرائيلي الأخير،  شكل علامة فارقة يمكن أن يكون لها ما بعدها. إذ استطاعت قوة صغيرة الصمود لمدة 51 يوماً ومواجهة قوة عاتية متفوقة، وأفشلت أهداف هذا العدوان.

التعليقات